نحن دولة تحت الاحتلال

13 يناير 2018آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

صدى الإعلام- 13/1/2018

بقلم: عمر حلمي الغول – عن الحياة الجديدة

منذ انتهاء المرحلة الانتقالية في العام 1999 جرى نقاش في محطات مختلفة عن كيفية مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتركز على جانب هام فيما يتعلق بمسألة الكيانية الفلسطينية من الزوايا السياسية والقانونية، وبرز إلى السطح خيار إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال، حتى ان القيادة الفلسطينية قامت بطباعة الأوراق الرسمية، وأعدت جواز السفر الفلسطيني باسم دولة فلسطين بعد رفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة إلى دولة مراقب في الـ29 من نوفمبر 2012. لكنها جمدت هذا الترسيم نتيجة نصائح الأشقاء والأصدقاء. فضلا عن تهديدات كل من أميركا وإسرائيل للقيادة الفلسطينية بفرض عقوبات على الشعب الفلسطيني في حال ذهبت بعيدا في خيارها قبل انتهاء المفاوضات، وتحديد المعالم النهائية لشكل ومضمون التسوية السياسية مع الجانب الإسرائيلي.

وبعد قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وما تبع ذلك من تطورات سياسية عاصفة، وردود فعل فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية، جميعها رفض القرار المشؤوم، وأكد الجميع تمسكهم بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967 ومع اقتراب اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير (غدا الأحد) عاد شعار “دولة تحت الاحتلال” للبروز مجددا في اوساط القيادات الفلسطينية المختلفة، باعتباره أحد الردود على الهجمة الأميركية الإسرائيلية.

وبقراءة معمقة للشعار، تملي الضرورة البحث في جدوى هذا الشعار من عدمه. لا سيما وأن الواقع القائم للشعب العربي الفلسطيني يحمل  في طياته الدلالات السياسية والقانونية في وجود دولته تحت الاحتلال الإسرائيلي. وليس بحاجة لرفع ذلك الشعار، ولا لتبنيه. ولو عاد أي من القوى أو الشخصيات المتبنية لذلك الشعار لتعريف الدولة العلمي، لوجد انه يقول الآتي: ” الدولة، هي مجموعة من الأفراد يمارسون  نشاطهم على إقليم جغرافي محدد، ويخضعون لنظام سياسي معين، متفق عليه بينهم، يتولى شؤون الدولة، وتشرف الدولة على انشطة سياسية واقتصادية واجتماعية، الذي يهدف إلى تقدمها وازدهارها وتحسين مستوى حياة الأفراد فيها.” وتقوم ركائز الدولة على ثلاث قواعد أساسية: الشعب، الاقليم والسلطة السياسية.

ويعمق التعريف السياسي للدولة ما ذهب إليه المرء، حيث يعرف الدولة باعتبارها تجمعا سياسيا يؤسس كيانا اختصاصيا سياديا في نطاق إقليمي محدد، ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة. وبالتالي فإن العناصر الأساسية لاي دولة، هي الحكومة والشعب والإقليم، بالإضافة إلى السيادة والاعتراف بهذه الدولة، بما يكسبها الشخصية القانونية الدولية، ويمكنها من ممارسة اختصاصات السيادة، لا سيما الخارجية منها.” ولو دقق اي مراقب في واقع الشعب الفلسطيني سيجد، انه يمتلك كل المحددات الأساسية للدولة من حيث وجود الركائز والقواعد الثلاث الأساسية: الشعب والإقليم والسلطة السياسية. إضافة لذلك، هناك قرار التقسيم الدولي 181  الصادر في ال29 من نوفمبر 1948، وسلسلة القرارات الدولية ذات الصلة وآخرها القرار 2334 الصادر نهاية عام 2016، واعتراف 139 دولة بفلسطين كدولة، وقبول العالم بخيار حل الدولتين، وتتعامل السلطة الفلسطينية وحكومتها مع دول العالم كسلطة للشعب الفلسطيني، كما انضمت دولة فلسطين للعشرات من المنظمات والمعاهدات والاتفاقيات الدولية باسم دولة فلسطين.. إلخ من العوامل الداعمة والمؤكدة على وجود الدولة الفلسطينية في الواقع وعلى الأرض.

إذًا الدولة الفلسطينية موجودة بكل المعايير والأسس السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية، باستثناء السيادة على الأرض، الذي ما زال مغتصبا من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي. وهذا البعد لا يسقط او يلغي باقي الجوانب والأبعاد الأخرى. وبالتالي لا مبرر لطرح الشعار من حيث المبدأ. المطلوب العمل على انتزاع السيادة من سلطات الاحتلال الإسرائيلية، وتأكيد دور ومكانة الدولة الفلسطينية على الأرض، والدفاع عن مكانة الدولة في المؤسسات الأممية والقارية والعربية.

 

 

الاخبار العاجلة