زيارة المكابرة

21 يناير 2018آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

بقلم: عمر الغول- الحياة الجديدة

بعد تأجيل الزيارة مرتين، واضطرار الادارة الأميركية لنشر ذرائع واهية وكاذبة لعدم قيام نائب الرئيس، مايك بنس بزيارة دول المنطقة، حيث كان من المفترض ان يصل المسؤول الأميركي الرفيع بعد اعلان الرئيس دونالد ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال. لكن بسبب الموقف الفلسطيني الرافض للموقف الأميركي، والذي أعلن سقوط الرعاية الأميركية لعملية السلام، ومع اشتعال شرارة الانتفاضة الشعبية الفلسطينية، وتوتر الأجواء في الوطن العربي، وفي اوساط شعوب الدول الإسلامية، وردود الفعل العالمية على القرار الاميركي المشؤوم ونتيجة معلومات أمنية أميركية وإسرائيلية ارتأت الادارة الأميركية تأجيل زيارة الرجل الثاني فيها.

وصل السيد بنس أمس للقاهرة في محطته الأولى لزيارة كل من مصر والأردن وإسرائيل الاستعمارية. وكان من المفترض ان يزور دولة فلسطين المحتلة، لكن القيادة الفلسطينية أعلنت رفض استقباله، أو استقبال أي مسؤول أميركي، ليس لأن الرئيس الأميركي اعترف بالقدس فقط، انما لأن الادارة الأميركية الحالية وقفت بشكل صفيق ضد مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني في المنابر الدولية كافة، وأكدت انها شريك كامل في العملية الاستعمارية الإسرائيلية الجارية، بالإضافة لكون شخص بنس متصهينا أكثر من الصهاينة انفسهم، ومن أكثر الداعمين لإسرائيل.

وبدا من الواضح ان زيارة نائب الرئيس الأميركي لدول المنطقة الثلاث شكلية، ولا تحمل اية خطوات سياسية دراماتيكية. وإن تميزت بشيء فإنها تتميز بتسجيل الدعم لدولة الإستعمار الإسرائيلية. لا سيما وانه سيقيم يومين فيها، ليؤدي فروض الولاء والطاعة للقيادة الإسرائيلية  اليمينية المتطرفة الحاكمة. في حين ان زيارته لكل من مصر والأردن لا تتجاوز اليوم الواحد. كما انها لا تحمل رسائل جدية أو مثيرة للاهتمام بعد أن افتضح الدور والموقف الأميركي، وباتت صفقة القرن او صفعة القرن مكشوفة للعيان. وبالتالي الزيارة للبلدين الشقيقين لا تعدو أكثر من زيارة مكابرة لتأكيد الذات الشخصية، ونوع من رد الاعتبار بعد ان أعلنت القيادة الفلسطينية بشكل رسمي وصريح، رفضها استقباله.

مع ذلك شاءت إسرائيل أن تضفي على زيارة بنس أهمية سياسية من خلال تقديم اعتذارها للمملكة الأردنية الهاشمية عن عملية القتل للشهيدين الأردنيين في السفارة الإسرائيلية في الثلث الأخير من تموز/ يوليو 2017، وعن عملية اغتيال القاضي رائد زعيتر في آذار/ مارس 2014، حيث لا يمكن الفصل بين الاعتذار الإسرائيلي للمملكة وبين زيارة نائب الرئيس الأميركي. كون الاعتذار جاء عشية وصوله لعمان للقاء الملك عبد الله الثاني. وكأن الإدارة الأميركية بضغطها على حليفتها الإستراتيجية في المنطقة، وإلزامها بالاعتذار للأردن الشقيق، شاءت التأكيد على الآتي: أولا إعادة المياة لمجاريها الطبيعية بين الأردن وإسرائيل، وعدم خسارة الأردن راهنا؛ ثانيا قطع الطريق على أية محاولات أردنية او فلسطينية تدفع نحو سياسة القطيعة وسحب السفراء بين البلدين؛ ثالثا لمحاولة الاستفادة من ترطيب الأجواء بين البلدين لتمرير ما يسمى الحل الإقليمي لاحقا في حال توفرت له الشروط المناسبة. وقد يكون هناك أهداف أخرى ذات صلة بالإقليم والتطورات الجارية فيه.

في كل الأحوال لا تحمل زيارة نائب الرئيس الأميركي اي جديد نوعي. ولا تتجاوز تأكيد الذات، ورد الاعتبار الشخصي. وهو ما يؤكد اهمية الموقف الفلسطيني في إسباغ الأهمية من عدمه على أية زيارة لأي مسؤول دولي لدول الاقليم.

الاخبار العاجلة