وهذا ما قاله القسّ نيمولر

29 يناير 2018آخر تحديث :
وهذا ما قاله القسّ نيمولر
محمد علي طه- الحياة الجديدة

اهتزّ ضمير الشّاعر الاسرائيليّ يونتان غيفن، ابن أخت الجنرال موشيه ديّان، فكتب قصيدة قصيرة:

“فتاة جميلة ابنة سبعة عشر عامًا ارتكبت أمرًا فظيعًا،

عندما اقتحم ضابط إسرائيليّ فخور بيتها للمرّة الثّانية صفعته،

هي ولدت في خضمّ ذلك،

وخمسون سنة احتلال كانت في هذه الصّفعة،

وحينما ستُروى قصّةُ هذا النّضال،

ستكونين يا حمراء الشّعر، يا عهد التّميميّ مثل داوود الذي صفع جليات،

وفي صفّ واحد مع جان دارك وحانا سنش وآنا فرانك”.

 وصدمت القصيدة اليمينيّين والفاشيّين الإسرائيليّين الذين يكرهون العرب ويسعون لتشويه الصّورة الجميلة، صورة البطلة المقاومة، عهد التّميميّ، فالعربيّ يجب أن يبقى كما رسموه بدائيًّا قاتلًا إرهابيًّا متخلّفًا.

وأصدر وزير الأمن ليبرمان تعليماته لقائد إذاعة الجيش بعدم نشر أيّة أغنية من أغاني الشّاعر وبوقف بثّ أشعاره ومنع إجراء مقابلات معه، وأكّد الوزير على أنّ “إسرائيل لن تمنح منصّة لشخص سكّير بأن يساوي بين فتاة مناضلة بطلة قُتلت في المحرقة وبين عهد التّميميّ المشاغبة التي اعتدت على الجنود” وأثار هذا التّصرّف الغبيّ للوزير الفاشيّ ردود فعل لدى بعض القوى العقلانيّة في المجتمع الاسرائيليّ التي مازالت تحرص على إنسانيّتها فتصدّت له بمقالات وتعليقات تسخر فيها من جهله فالوزير “يقرأ أسطرًا ويهتم أن يقوّم السّطر غير المستقيم” وهو “يحرس أرض إسرائيل من نصوص لا يفهمها” و”عندما يهتمّ وزير الأمن بالشّعر والأغاني نستطيع النّوم هادئين”.

ولم يكن تصرّف ليبرمان جديدًا فهو الذي كان قد دعا إلى تدمير السّدّ العالي وإغراق المصريّين، ومازال يدعو صباح مساء لترانسفير أهلنا في وادي عارة وأحيانًا لمقاطعتهم إقتصاديًّا، وهو الوزير “أبو بلطة” الذي هدّد بها المواطنين العرب في الانتخابات البرلمانيّة السّابقة، وهو…سيرته مثل سيرة الضّبع أو سيرة الحيّة.

وليبرمان الذي يعاقب اليوم الشّاعر يونتان غيفن هو الذي أمر قبل سنتين إذاعة الجيش بعدم بثّ قصائد الشّاعر الكبير محمود درويش كما منع الإذاعة حتّى من ذكر اسمه مدّعيًا بأنّه نازيّ يكره اليهود. ورقصت معه يومئذ في هذا العرس الحضاريّ زميلته وزيرة الثّقافة التي بلا ثقافة ميري ريغف.

كتب في النّصف الأوّل من القرن الماضي، عدوّ النّازيّة، القسّ الألمانيّ، الشّاعر مارتين نيمولر (1892-1948) قصيدة شهيرة بعنوان “أوّلًا جاءوا” ولا بأس أن أعيد نشرها:

“في ألمانيا أوّلا جاءوا للشّيوعيّين فلم أبالِ لأنني لست شيوعيًّا،

وعندما اضطهدوا اليهود لم أبالِ لأنّني لست يهوديًّا،

وعندما اضطهدوا النّقابات العمّاليّة لم أبالِ لأنّني لم أكن نقابيًّا،

وبعدئذ عندما اضطهدوا الكاثوليك لم أبالِ لأنّني بروتستانت،

وعندما اضطهدوني أنا لم يبقَ أحد ليدافع عنّي”.

تقول الحكمة العربيّة “ربّ ضارّة نافعة” وأعتقد أنّ الغباء الفاشيّ لهذا الوزير المستوطن سيحرّك ضمائر عدد من الأدباء والفنّانين والمثقّفين الإسرائيليّين العقلانيّين وسوف يقولون كلمتهم ضدّ الاحتلال ولا بدّ من أن يكون لنا نحن الأدباء والفنّانين والمثقّفين العرب في هذا الوطن دور في هذا الميدان.

 

الاخبار العاجلة