سبع عشرة شمعة للأسيرة الطفلة عهد التميمي

2 فبراير 2018آخر تحديث :
سبع عشرة شمعة للأسيرة الطفلة عهد التميمي

رام الله- صدى الاعلام 

بقلم: عيسى قراقع- رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين

في قرية النبي صالح، قضاء رام الله، وعلى تلة مرتفعة مطلة على البعيد والقريب، اضأنا سبع عشرة شمعة للأسيرة الطفلة عهد التميمي بمناسبة يوم مولدها وفي نفس المكان الذي طردت فيه عهد جنود الاحتلال عن عتبة بيتها بشجاعة استنفرت من خلالها كل عضلات الارض وضمائر العالم، وهزت ميزان العدالة الصامت في الكون.

في عيد ميلادها الذي حضرته صديقاتها وطالبات مدرستها واهلها وأطفال جاءوا من كل مكان، في عيونهم دمع وفرح ورجاء ، اشعلوا الشموع وغنوا وصفقوا وحركوا اياديهم في الهواء الطلق، كأنهم يلقون حجارة على ذلك الحاجز العسكري وتلك المستوطنة التي افترست الارض والشجر ونهبت الماء وسيجت السماء.

سبع عشرة شمعة أضيئت بتوقيت القدس آذانا وصلاة وقرع أجراس ، على وقع نبضات الطفلة المقيدة خلف القضبان احتفل الحاضرون بعيد مولدها، واجترحوا الفرح في مساء فلسطيني مفجوع بنهار ترك خلفه جثة الشهيد الطفل ليث ابو نعيم في قرية المغير الذي اعدمته قوات الاحتلال ، وما بين البهجة والالم تدلت السماء بقناديلها تضيء المكان.

أضأنا سبع عشرة شمعة باسم عهد التميمي لكل الأطفال الاسرى القابعين في الظلمات، المكبلين والمهانين والمحرومين والمفزوعين والمندهشين والحيارى، الاطفال الذين اقتادوهم من فراش النوم او من المدرسة او الشارع او من المسافة بين مظاهرة ومظاهرة واختفوا في العتمة وبرودة الحديد.

أضأنا سبع عشرة شمعة باسم عهد التميمي للأطفال الذين قتلوا بدم بارد وتم اعدامهم ميدانيا برصاص الجنود والقناصة في جرائم حرب ضد الانسانية والعدالة والقيم العالمية، دفاترهم وأحلامهم وصوتهم الصغير لازالت في الشارع، احلامهم منقوعة بالدم والشهقات ، ليلهم يابس ، أصابعهم تشير الى القدس والبحر المتوسط واناشيد العام الجديد.

أضأنا سبع عشرة شمعة باسم عهد التميمي للأطفال الذين يتعرضون للتعذيب والقمع الوحشي والمعاملة القاسية منذ لحظة اعتقالهم وخلال استجوابهم، القابعين في غرف التحقيق في المسكوبية والجلمة وعصيون وبتيح تكفا ، المشبوحين المربوطين الجوعانين الوحيدين ، المعصوبة عيونهم، والجرحى النازفين المصابين المتألمين المصدومين بدولة تشن حربا على كل طفل فلسطيني صار قنبلة إنسانية محشوة بغضب عهد التميمي وارادة الطفولة والحياة .

أضأنا سبع عشرة شمعة باسم عهد التميمي لكل الذين لم يحتملوا ان يساق اولادهم الصغار الى السجون والزنازين ، ولكل اب يستيقظ باكرا فلا يجد طفله في سرير النوم وإنما في ظلمة السجن ، لكل عائلة استيقظت الساعة الثالثة فجرا على صوت الجنود يقتحمون المنزل وغرف النوم بالسلاح والقنابل والرصاص ليعتقلوا طفلا ويلقوا القبض على نعاسه قبل طلوع الفجر.

أضأنا سبع عشرة شمعة باسم عهد التميمي لكل من يعشق الحرية والحياة وينتصر على الخوف والخنوع، ويخرج ليطرد الجراد المسلح من حقوله ليزرع الامل للقادمين جيلا وراء جيل مع بزوغ الشمس وموعد الصلاة والندى وآيات الرحمن الرحيم.

أضأنا سبع عشرة شمعة باسم عهد التميمي تحية للمتضامنين في كل العالم مع اطفال فلسطين، تحية من عهد التميمي وكل الاطفال الاسرى الذين يكبرون رويدا رويدا بين سجن وسجن، لا ينسون ولا يختفون، يصعدون مع الذكريات حجرا حجرا ويعودون.

أضانا سبع عشرة شمعة باسم عهد التميمي كي يتحرك المجتمع الدولي ويضع حدا لدولة تشن حربا شاملة على الاطفال، تخاف من الاطفال، وقد اصبح اعتقال الاطفال ظاهرة روتينية ويومية، وامتلأت جعبة حكومة الاحتلال بسلسلة قوانين عنصرية تستهدف الاطفال، عهد التميمي تسأل ما هذه الدولة التي تجرد سلاحها وجيشها ومحققيها وقضاتها وبرلمانها للقبض على الطفولة؟

أضأنا سبع عشرة شمعة باسم عهد التميمي على مرآى الحواجز العسكرية والمستوطنات والمستوطنين، شاهدنا جنرالات تل ابيب، شاهدوا المشاعل واطفال كثيرون ولدوا الآن وولدوا غدا، شاهدوا عهد التميمي عادت الى البيت كغزالة في برية روحها لا تأبه للقناص ولا للصياد ولا للجنود المقنعين الذين ينتظرون الفريسة.

أضأنا سبع عشرة شمعة باسم عهد التميمي لأننا نعيش في بلدنا، في فلسطين، ولسنا في معسكر او غيتو، لا نختبىء وراء الجدران العالية، ولا خلف ابواب السجون ، لنا هذه الارض والهواء والمطر وحبات التراب وابتسامات النساء ولنا الحب، لهم الكراهية وابراج المراقبة الكثيرة واشباح شهدائنا تزعجهم في الليل.

أضأنا سبع عشرة شمعة باسم عهد التميمي لقرية النبي صالح المترجلة يوميا والمشتبكة مع المحتلين ، القرية التي يلقى على اهلها 150 قنبلة صوتية وغازية اسبوعيا ، القرية التي سقط منها حتى الآن 18 شهيدا واكثر من 150 مصابا واكثر من 100 حالة اعتقال بينهم اطفال ونساء ، القرية التي تدافع عن اراضيها المصادرة بالمقاومة الشعبية والمسيرات السلمية بأيدي الطفلة عهد التميمي وبعد صلاة الجمعة من كل اسبوع، تفتح الأبواب التي تغلق القرية، لا تنتظر صفقة القرن ولا موعد المحاكمة، هي قرية عهد التميمي الحارسة على طفولتها القادمة ورايتها العالية.

عهد التميمي

كل عام وانت بخير ..

ها انت تأتين ..

طيبة وادعة..

ولاذعة رائعة..

ها انت تاتين..

تقرعين اجراس الارادة..

وخصب الولادة..

الى ألف عرس..

الى نجمة من دم..

الى القدس..

الاخبار العاجلة