لنوقف الكارثة في القطاع

5 فبراير 2018آخر تحديث :
عمر حلمي الغول
عمر حلمي الغول-الحياة الجديدة

الوضع في قطاع غزة يسير بخطى سريعة نحو الانهيار على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، الأمر الذي يحتاج إلى تحرك سريع من قبل الجميع لدرء الكارثة قبل تفاقمها أكثر فأكثر. لم يعد خافياً على أحد من القيادات السياسية أسباب وعوامل تفاقم الأزمة العميقة، التي يعيشها أبناء فلسطين في المحافظات الجنوبية، التي تقف على رأسها دولة الاستعمار الإسرائيلية وحصارها الظالم على مدار الأحد عشر عاما الماضية، والانقلاب الحمساوي، الذي مازال يفعل فعله حتى الآن، وتعثر خطوات المصالحة الوطنية. وليس مطلوباً الآن الحديث عمن يتحمل المسؤولية، بل المطلوب وضع خطة عمل وطنية عاجلة للنهوض بواقع أبناء الشعب الفلسطيني.

وسيتعمق الوضع المأساوي سوءا مع تخفيض المساعدات الأميركية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من خلال إلقاء الآلاف إلى صفوف البطالة، المتفاقمة أصلا، حيث تصل نسبتها في اوساط الشباب إلى 66%، وستحرم مئات الآلالف من العائلات الفلسطينية في القطاع من الحصول على المساعدات، التي تؤمنها الوكالة لـ 850 الف عائلة. فضلا عن عدم صلاحية مياه الشرب بنسبة 95%، والكهرباء مازالت لا تؤمن الحد الأدنى لحاجات المواطنين، رغم إعادة 50 ميغا واط من قبل الحكومة الشرعية، ومحطات الصرف الصحي معطلة او لا تعمل بكامل طاقتها، وتلقي في الشوارع وعلى شاطئ البحر يوميا 100 الف متر مكعب، والتلوث البيئي المتفاقم، وإغلاق الورش والمصانع، وحتى محلات البقالة، وانعكاس ذلك على الوضع الاجتماعي، وتفشي ظاهرة الطلاق، وانعدام العلاقات الاجتماعية الصحية، وزيادة السرقات، والتسول، واللجوء إلى حاويات النفاية من قبل الأسر المسحوقة، وزيادة الانتحار، وموت المرضى بسبب الإغلاق والحصار الإسرائيلي، والسعي للهجرة من الوطن … إلخ من الظواهر الغريبة نسبيا عن المجتمع الفلسطيني عموما وفي محافظات الجنوب خصوصا.

إن الضرورة تملي علينا جميعا التحرك بسرعة لتفادي الانفجار الاجتماعي، الذي قد لا يتوقف عند حركة حماس، التي تسيطر حتى الآن على مقاليد الأمور في القطاع. والحل يبدأ بالمسألة السياسية، حيث تفرض الضرورة المضي قدما بخطوات قوية لردم الهوة، والضغط على حركة حماس للاستجابة إلى متطلبات المصالحة، والتخلي عن سياسة التلكؤ والمراوحة تحت حجج وذرائع، لا تغني ولا تسمن من جوع. والتوقف عن الرهان على الأجندات الاقليمية. كما يتطلب الأمر التحرك باتجاه الأشقاء العرب  للقيام بمسؤولياتهم تجاه أشقائهم في فلسطين عموما والقطاع خصوصا، وايضا الدول الصديقة والمنظمات الأممية ذات الصلة، وملاحقة إسرائيل الاستعمارية في المحافل الدولية المختلفة، لإلزامها بفتح المعابر جميعها. وفي هذا السياق مطلوب من الشقيقة الكبرى مصر إيجاد آلية أكثر مرونة وعملانية بالتعاون مع السلطة الوطنية لفتح معبر رفح أمام المواطنين من أبناء القطاع، للتخفيف من وطأة الواقع البائس والكارثي.

كما تملي المسؤولية الوطنية تحرك رجال المال والأعمال الفلسطينيين في أرجاء العالم لإنقاذ أشقائهم في القطاع من الموت الكلينيكي، الذي يعيشونه نتاج الفاقة والفقر المدقع، وطبعا على الحكومة الشرعية القيام بمهامها المنوطة بها بالقدر، الذي تستطيع للتخفيف من حدة الكارثة، وإنقاذ أبناء الشعب هناك من خلال التدخل المباشر في اتخاذ القرارات المناسبة.

 لا مجال للانتظار طويلا حتى يقع المحظور، وكل من موقعه مطالب بالتحرك الممكن والمناسب للتكافل مع أبناء الشعب في القطاع. وليس جديدا على الشعب الفلسطيني الشروع بتطبيق عملية التكافل، لا سيما وان الشعب، له باع طويل في هذا المجال، ولعب تاريخيا دورا رياديا في عملية التكافل الإجتماعي والوطني. الكرة في مرمى الجميع دون استثناء، وإن كانت هناك أطراف بعينها تتحمل المسؤولية عما آلت إليه الأمور الكارثية. فهل من مجيب؟

الاخبار العاجلة