اقتربت النهاية

15 فبراير 2018آخر تحديث :
اقتربت النهاية
عمر حلمي الغول-الحياة الجديدة

بعد نشر الشرطة الإسرائيلية تقريرها عن فساد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الملفين 1000 و2000، وتأكيد أنه حصل على مليون شيقل من السيجار والنبيذ والمجوهرات وغيرها، لم يعد أمامه سوى الإذعان للوقائع، والاعتراف بما ارتكبه من فساد فاضح تجاه القانون والحق العام ومس النظام السياسي بضربة قوية، حيث مارس من موقعه الأول في سدة الحكومة عملية استغلال مريبة لموقعه على حساب مصالح الدولة، التي ادعى أنه المخلص الوحيد لها.

لم يتورع نتنياهو وباقي أقرانه في حزب الليكود ومن أحزاب الائتلاف عن مهاجمة الشرطة ورئيسها روني ألشيخ وضباط التحقيق، وكذلك يئير لبيد، رئيس حزب “يوجد مستقبل”، بعد نشر التقرير بعد ثلاثة عشر شهرا من التحقيق المتواصل، وأثبتوا بالقرائن الدامغة تورط رئيس الوزراء بعمليات الفساد. ووفق معطيات المراقبين الإسرائيليين، فإن قسم الضريبة والاقتصاد في النيابة العامة كان متابعا للتفاصيل الدقيقة في التحقيق، وبالتالي لم يعد أمام أبيحاي مندلبليت إلآ اتخاذ قراره بشأن نتنياهو، وإحالته للسجن أسوة بمن سبقوه من المسؤولين الإسرائيليين، كما أولمرت، الذي دعاه نتنياهو حين كان يلاحق من قبل الشرطة الإسرائيلية بقضايا الفساد للاستقالة، وبالتالي عليه أن يطبق الأمر على نفسه.

ويعلم نتنياهو أن رئيس الوزراء الأسبق، إسحق رابين استقال لأنه اودع في حساب زوجته 20 الف دولار، وليس مئات الآلاف من الدولارات، التي حصل عليها، هذا قبل ان ينتهي ملف قضية الفساد الأخطر رقم 3000، المتعلق بشراء الغواصات من المانيا، الذي يعتقد أنه حصل على رشوة أعظم وأخطر، وتمس بالأمن الإسرائيلي.

التحريض على الشرطة والإعلام الإسرائيلي وما يسمى باليسار لم تعد تخدم رئيس الحكومة بشيء، لأنها أوراق مكشوفة وباهتة، ولم تعد تنطلي على الشارع الإسرائيلي، الذي خرج ممثلوه للأسبوع الحادي عشر في مظاهرات السبت المتعاقبة لتطالبه بالرحيل، وترك الحكومة، والعودة لبيته. وحسب المختصين في القانون فإن من الأفضل له ولحزبه وائتلافه، ان يسلم مقاليد الحكومة لأحد زملائه من الليكود، ويذهب للبيت لمدة 100 يوم حتى يصدر قرار المستشار القانوني للحكومة مندلبليت.

اما البكاء على الأطلال، والادعاء أنه الأكثر إخلاصا لإسرائيل، واستحضار سجله الإجرامي الاستعماري خلال السنوات الماضية من عمله في الحياة العامة لن يفيده بشيء، بل يعكس نوعا من طلب الاسترحام من قبل المستشار القضائي للحكومة والشعب الإسرائيلي على حد سواء. وهو ما يعني ضمنا إقراره بالتهم الموجهة له، وتذكير الشارع الإسرائيلي ونخبه المختلفة بما قدمه خلال تلك السنوات يشبه مرافعة الدفاع أمام المحكمة بعد تلاوة لائحة الاتهام ضده.

آن الآوان لبنيامين نتنياهو أن يتنحى عن كرسي الحكم، لأنه لم يعد أمامه ملاذ للبقاء على رأس الحكومة. وبالتالي إن كان فعلا كما يقول مخلصا للديمقراطية، التي ضربها وائتلافه في الصميم، ومزقها من خلال سلسلة القوانين الفاشية والعنصرية، التي مررها في الكنيست الإسرائيلي خلال توليه الحكم لحماية كرسيه وأصحابه، الذين قدموا له الرشاوى، وتواطأ معهم على خيانة الأمانة، التي وكلت له في اعقاب انتخابه في السنوات العشر الأخيرة.

لكن نتنياهو لا يمتلك الشجاعة على اتخاذ قرار التنحي، لأنه مسكون بالبقاء على رأس الحكومة، معتبرا نفسه، انه الدولة، وأن الدولة هو، وكأن باقي اقرانه وقوى المعارضة ليسوا اهلا لتولي الحكم. في كل الأحوال اقتربت النهاية، وبات الفصل الأخير من قضايا الفساد، التي تطارده في الدقائق الأخيرة لإسدال الستار على حكمه، الذي ارق إسرائيل والمجتمع والسلام والأمن الإقليمي، وأدخل المجتمع الإسرائيلي والدولة في مآزق خطيرة، رغم كل ادعاءاته الكاذبة.

الاخبار العاجلة