مواصلة هجوم السلام

21 فبراير 2018آخر تحديث :
عمر حلمي الغول

عمر الغول-الحياة الجديدة

الخطاب الذي القاه الرئيس محمود عباس امس أمام منبر مجلس الأمن الدولي، كان خطاب مواصلة هجوم السلام، وتأكيد شخص رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، أنه وأركان قيادته متمسكون بخيار التسوية السياسية. كما جاء ليؤكد مجددا التزامه بأسلوب المفاوضات مدعوما بالكفاح السياسي والدبلوماسي، وشكل النضال السلمي. وكأنه اراد الرد على الإدارة الأميركية وقيادة الائتلاف الإسرائيلي الاستعماري الحاكم، بأن القيادة الفلسطينية مؤمنة إيمانا عميقا بخيار النضال السلمي، وتسعى لبلوغ هدف الاستقلال السياسي والسيادي لدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967، بعد زوال الاستعمار الإسرائيلي عنها، وأن مهاتراتهم وأكاذيبهم حول الموقف الفلسطيني، القائلة “ان الفلسطينيين لا يريدون المفاوضات، وغير مستعدين للسلام”، ليس لها أساس من الصحة، بل هي مواقف متناقضة مع الحقيقة الدامغة، التي يعرفها زعماء ودول العالم قاطبة، لاسيما وأن الفلسطينيين قدموا استحقاقات التسوية السياسية كافة.

ولكن كلما تقدم الفلسطينيون خطوة للأمام، كلما تراجع الإسرائيليون عشر خطوات للخلف، وتخندقوا في خنادق الاستعمار الاستيطاني، وواصلوا استباحة مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني بحدها الأدنى، معتقدين انهم يستطيعون تطويع الوعي الفلسطيني، وإخضاعهم لمشيئة منطقهم الاستعماري. وهم بذلك يخطئون ألف مرة، لأنهم لم يتعملوا من تجارب العقود السبعة الماضية، حيث أكد الفلسطينيون تمسكهم بالحد الأدنى من حقوقهم الوطنية مقابل إشاعة وتعميم عملية السلام.

كما ان الرئيس عباس أكد في خطابه على تمسكه بقرارات ومواثيق الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام ذات الصلة، وأكد مجددا ضرورة الرعاية الأممية موسعة تضمن التطبيق الفعلي لخيار السلام وقرارات الشرعية الدولية. دون ان يعني ذلك عدم مشاركة أميركا في العملية السياسية، بل العكس صحيح، نحن نريد مشاركة أميركا كجزء من منظومة أممية راعية لعملية السلام، ولكنها ليست طرفا مقررا في الرعاية، على أهمية ومركزية دورها عالميا، وعلى صعيد الملف الفلسطيني الإسرائيلي.

هجوم السلام الفلسطيني أراد الرئيس ابو مازن من خلاله حشد الجهد الدولي من أجل بلوغ تسوية سياسية تضمن استقلال فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق عودة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194، أسوة بالدور الذي لعبته تلك الدول قبل سبعين عاما عندما هيأت المناخ لإقامة دولة إسرائيل على أنقاض نكبة الشعب الفلسطيني. ورغم ان العالم في قرار التقسيم 181 الصادر في 29 تشرين الثاني /نوفمبر 1947 أعطى المستعمرين الإسرائيليين دولة على مساحة 56% وللفلسطينيين اصحاب الأرض والوطن والأكثرية دولة على مساحة 43% من وطنهم الأم، إلا أن الفلسطينيين يقبلون الآن بدولة على مساحة 22% من مساحة فلسطين التاريخية، رغبة منهم في بلوغ السلام، ووقف نزيف الدم، وإبعاد شبح الحرب عن شعبهم وعن شعوب المنطقة عموما، رغم الغبن والظلم التاريخي، الذي لحق بهم.

لكن المشكلة كانت ومازالت في غياب الشريك الإسرائيلي، الذي لا يملك أي من قياداته القدرة والشجاعة على دفع استحقاقات السلام، بل تجدهم جميعا في الموالاة والمعارضة الإسرائيلية يتهربون من تلك الاستحقاقات، التي ثبتتها قرارات الشرعية الدولية على مدار العقود السبعة الماضية. الأمر الذي يفرض على العالم تحمل مسؤولياته لفرض الانسحاب الإسرائيلي من أراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران 1967، وضمان عودة اللاجئين لوطنهم الأم، الذي لا وطن لهم سواه. وإن لم يفعل العالم ذلك، وبقي يدور في حلقة مفرغة فإن جميع أقطابه يتحملون المسؤولية الكاملة عما ستؤول إليه الأمور، وعندئذ لن ينفع الندم.

خطاب الرئيس ابو مازن، جاء ليؤكد المؤكد الفلسطيني، وليمد اليد مجددا لبناء صرح سلام الشجعان، وطي صفحة الحروب والويلات.

الاخبار العاجلة