كلنا أبو مازن

1 أبريل 2018آخر تحديث :
كلنا أبو مازن

الكاتب: أسامة عجاج

عندما يتعلق الأمر بمخطط بدأ لاغتيال قائد عربي بوزن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فعلى الجميع أن يتناسى أي تحفظات على سياساته وقراراته، لنصبح كلنا الرئيس أبو مازن، وهو يواجه أخطر مرحلة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، في محاولة جديدة لدفن القضية، وفقا لرؤية ترمب ونتنياهو، فيما يسمى “صفقة القرن”.

كلنا أبو مازن، وكل الشواهد تقول إن قرارا أميركيا بدعم إسرائيلي بتصفيته جسديا، بعد أن تحول في الآونة الأخيرة إلى عقبة في طريق تنفيذ مخططاتهم، وكأننا نعيش في أجواء شهور الزعيم الشهيد ياسر عرفات الأخيرة والتي سادتها تصريحات إسرائيلية وأميركية، عن عدم وجود شريك فلسطيني في عملية السلام، فهذا هو السفير الأميركي في تل أبيب ديفيد فريدمان يكرر نفس النغمة، بشكل فج، وسط احتفاء من وسائل الإعلام الإسرائيلية، قال فيها “إذا لم يقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس العودة إلى المفاوضات مع إسرائيل، فسيأتي من يقبل بها”.

وأضاف فريدمان “الوقت لا يقف ساكنا، وإذا لم يكن (عباس) مهتما بالتفاوض، أنا متأكد من أن شخصا آخر سيفعل” ولا تختلف مثل هذه الوقاحة الأميركية عن إشارة البدء في التخلص من أبو عمار، والتي جاءت على لسان الرئيس الأميركي جورج بوش؛ عام 2002 عندما قال عن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، “إن عليه الرحيل إذا ما أريد تحقيق تقدم في السلام مع الإسرائيليين”. وبعد بدأت خطة التسميم وببطء شديد، وبأسلوب لا يخفي عن العاملين في الأجهزة الأمنية، وهناك سوابق للموساد الإسرائيلي في هذا المجال.

صحيح أن السفير الأميركي تراجع عن تصريحاته بخصوص أبو مازن، ولكنه لم ينف حواره الإعلامي، وهو يدرك تماما بأن الرسالة وصلت إلى كل من يعنيهم الأمر، وفِي مقدمتهم عباس، الذي دخل في جدل مع الإدارة الأميركية بعد أن خرجت منه تعبيرات أخذتها عليه الإدارة الأميركية، وكالعادة ودون حاجة تم استخدامها واستثمارها من قبل الطرف الإسرائيلي، ومن ذلك تهجمه على الرئيس ترمب بتعبير “يخرب بيتك”، أو استخدامه لوصف “ابن الكلب” لديفيد فريدمان السفير الأميركي، باعتباره ينتمي إلى أسرة من المستوطنين اليهود، ويعمل لصالح إسرائيل أكثر منها لصالح بلاده أميركا، لقد أظهر السفير الأميركي في إسرائيل مرة أخرى، التزامه الأيديولوجي بسياسة إسرائيل الاستيطانية الاستعمارية، كأول مسؤول أميركي يعلن أن “الاحتلال لفلسطين غير موجود”، كما قال صائب عريقات.

أبو مازن يتم عقابه، والبحث في آليات ووسائل إزاحته لعدة أسباب، في مقدمتها أنه خيب ظن تل أبيب وواشنطن، التي سعت لأن يكون خليفة لعرفات، رئيسا للوزراء ثم رئيسا للسلطة، بعد وفاة أبو عمار الغامضة، وتصورت أنه سيكون “طيعا” ويستجيب لكل ما رفضه أبو عمار، فإذا به على نفس الموقف تجاه كافة القضايا، القدس والاستيطان. دخل في العديد من جولات التفاوض مع الإسرائيليين، وبرعاية أميركية، ولكن مواقفه ظلت على حالها، وبعد أن اكتشف أن تل أبيب تدير المفاوضات، دون أي نية في التوصل إلى نتائج لها، أعلن وقف التفاوض، وطرح مطالب تبدو عادلة، منها تحديد أسس للمباحثات، وإطار زمني لها، حتى لا تتحول إلى استهلاك للوقت.

أبو مازن يتم عقابه، على موقفه من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بنقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لدولة إسرائيل، الذي لم يكتف برفضه، بل قاد العالم لمواقف شبه موحدة، من اعتبار القرار معدوما، كما لو لم يكن، وأمر وهو الطرف الأضعف في معادلة العلاقات مع أميركا، بتعليق الاتصالات السياسية مع الإدارة الأميركية، بما في ذلك القنصلية الأميركية العامة في القدس، المسؤولة عن الاتصال مع الفلسطينيين. وسعيه للبحث عن وسيط جديد لعملية السلام من الدول الكبرى. بعد أن فقدت واشنطن دورها كراع نزيه للعملية، كما قاوم أبو مازن كل الضغوط التي مورست عليه من قبل جهات دولية وعربية، بخصوص استئناف المفاوضات مع إسرائيل، بجهد أميركي.

أبو مازن يتم عقابه، على موقفه من إجهاض محاولات واشنطن طرح ما أصبح متعارفا عليه “صفقة القرن”، التي تم الإعداد لها في سرية تامة، في أضابير الإدارة الأميركية، بالتنسيق مع تل أبيب، وتتضمن إقامة “مسخ” دولة فلسطينية؟ على قطاع غزة ونصف مساحة الضفة، والبحث عن عاصمة جديدة للفلسطينيين في أبو ديس بدلا عن القدس، بعد أن أدركت واشنطن عدم قدرتها على تمرير مشروع تبادل الأراضي بين الطرفين العربي والإسرائيلي، لقد بذلت الإدارة الأميركية جهودا جبارة، ومارست ضغوطا شديدة، شارك فيها قيادات من دول مهمة، استخدمت الوعود والوعيد للقبول بالصفقة، بعد عرضها عليه في تجسيد واضح لقوة أصحاب الحق.

ويبقى من المهم في تلك الفترة العصيبة، تجاوز الخلافات الفلسطينية، والمؤشرات مطمئنة في هذا المجال؟ بعد دعم أبو مازن لمسيرة العودة الكبرى، في قطاع غزة ويوم الأرض.

مؤسسة أخبار اليوم / القاهرة

الاخبار العاجلة