حين تصبح المواقع “العبرية” مرجعية للأخبار الفلسطينية

2 أغسطس 2016آخر تحديث :
حين تصبح المواقع “العبرية” مرجعية للأخبار الفلسطينية

أنس صلاحات: كاتب وباحث سياسي- فلسطين.

يعتمد الاحتلال الإسرائيلي، وأي احتلال في العالم، أو فيما يخص أي نزاع أو صراع أو حالة حرب،  قد تحدث بين الدول أو الجماعات، على الشائعة؛ حيث أن للشائعة دورا مهما وخطيرا في بعض الأحيان؛ لكسب تلك الحرب أو نتيجة ذلك الصراع أو النزاع، في حال تم التعامل معها كحقيقة، والاعتماد عليها أو العمل بموجبها بالنسبة للطرف\ الأطراف المستهدفة\ المستهدف. والأمثلة كثيرة على ذلك عبر تاريخ الحروب والصراعات ماضيا وحاضرا .

الاحتلال الإسرائيلي، وكعصابات صهيونية، قبل احتلالها لفلسطين في النصف الأول من القرن العشرين المنصرم، اعتمد في تحقيق أهدافه أيضا على الشائعات وبثها في سياق الحرب النفسية المعروفة. وبعد احتلاله لفلسطين وخوضه عدة حروب مع الفلسطينيين والعرب، كان يعتمد كثيرا على الشائعة، وكانت تنجح شائعاتهم لغرضها؛ سواء كانت لترهيب المقاتل الفلسطيني والعربي، أو لتثبيط معنوياته، ونزع الثقة من أنفسهم، بكونهم أمام قوة عظيمة وكبيرة، لا يقدر عليها أحد؛ حيث أطلقوا على جيشهم مثلا بأنه الجيش الذي لا يقهر. ولقد استخدموا الشائعات في نزع الثقة بين الشعوب والدول، وكافة مكوناتهما الداخلية وعلى صعيد علاقاتها الخارجية مع الدول الشقيقة أو الصديقة .

اعتقد، أن جميعنا كفلسطينيين وعرب، نعلم جيداً أن لا مصداقية في الإعلام الإسرائيلي، حتى ولو صدق لكونه قائما على الإجلاء والتطهير العرقي والتمييز من جهة، ولكونه عدوا من الجهة الأخرى؛ انه يقوم دائما بالكذب وبث الشائعات التي أدت في الكثير من الأحيان إلى حالات احتقان أو نزاع، سواء على الصعيد الداخلي الفلسطيني المجتمعي أو المناطقي أو الحزبي الفصائلي أو حتى على صعيد فصيل فلسطيني بعينه. و على رغم علمنا جميعاً بهذا السلوك والأسلوب الذي يعتمده الاحتلال، إلا أننا نجد كثير من المواطنين أو النخب أو قادة في الفصائل أو مواقع إخبارية فلسطينية أو عربية،  تقوم بنقل وتداول وبث هذه الإشاعة أو التشويه، الذي يتعمد الاحتلال بثه وبمسميات كثيرة؛ اغلبها يكون ” وقالت مصادر عبرية …” بمجرد أنها قالت نعتمد ما قالت ونتعامل معه !!. لا اعلم أصلا أن الذي قال فعلا هي مواقع عبرية أو غير عبرية ، من كثر التعاطي مع ما يسمى بمواقع عبرية؛ أصبح لدي الشك أنها أصلا مواقع عبرية، وأن الذي يتم نشره  هو بالفعل كلام مصطنع، وبأسلوب رخيص، يصدّر إسرائيليا إلى الفلسطينيين وبالخصوص إلى حركاتهم وأحزابهم لأغراض المناكفة السياسية فيما بينهم، وبالتالي لتعميق الانقسام السياسي، وزيادة مساحة الشرخ  الأخلاقي والاجتماعي فلسطينيا !. و مما يلفت الانتباه أحيانا أن هذه الأخبار الإشاعة،  تكون بالفعل مصدرها مواقع عبرية، ونقوم بتصديقها، ونتعامل على أساسها ربما كمرجعية في المعلومة، ودون التأكد من حقيقتها ومصداقيتها نُعنون الخبر “قالت مصادر عبرية”، و هنا تبدأ بمشاهدة كثير نخب ومثقفين وفصائل ومواقع إخبارية، تتناقل الخبر وتنشره، وتعتمده على انه واقع وحقيقة، و يكون مصدره إعلام الاحتلال المغرض في هذا السياق، وهدفه الفتنة والتفرقة وخلق الاحتقان وعدم الثقة  بين أبناء الشعب والفصائل والسلطة. والهدف الرئيس باستمرار، هو أن نبقى متناحرين منقسمين متنازعين، لا ثقة بيننا ونخوّن بعضنا البعض.  وفي هذه الحالة، كيف ستكون لنا دولة ونتحرر من الاحتلال، ونحن متصارعين ومتناحرين، ولا ثقة بيننا كشعب وفصائل وسلطة !!.

ما جعلني اكتب هذا المقال؛ هو خبر رأيته متداولا لدى البعض، من شخصيات عامة، أو مواقع تابعة لفصائل، أو لدى بعض المثقفين والسياسيين، أو حتى مواطنين، مفاده أن مواقع عبرية عن الشاباك الإسرائيلي تقول: “حصلنا على مكان الفقيه من الأمن الفلسطيني وتحركنا لاغتياله” !!. قرأت هذا العنوان لخبر طويل، يشرح كيفية ما قامت به القوات الأمنية الفلسطينية، بإبلاغ الشاباك الإسرائيلي، عن مكان تواجد مقاوم فلسطيني، قد استشهد مؤخرا “محمد الفقيه”، اثر اشتباك لساعات طويلة مع قوات الاحتلال في بلدة صوريف قضاء الخليل !. ومثل هذا الخبر هو ليس الأول من نوعه، والتعاطي معه أيضا هو ليس الأول من نوعه !. هدف الخبر هو إبلاغ المواطن الفلسطيني، أن امن السلطة ومؤسساتها عميلة لدى الاحتلال.  إن

كان الخبر فعلا مصدره مواقع عبرية، وان كان المصدر مواقع مش عبرية، وباسم المواقع العبرية؛ فبالتأكيد هدفه الإساءة للسلطة ومؤسساتها وقواها الأمنية، لأهداف فصائلية داخلية أو لأجندات أخرى !.

السؤال هنا :هل لو كان هذا الفعل من قبل الأمن الفلسطيني حقيقة، فلماذا يقوم الاحتلال بتسريبه ؟ أليس من مصلحته التستر على من يعمل ويتعاون معه ؟ لماذا يقوم الاحتلال ببث خبر يُحرج ويزعزع من قوة من يعمل معه لصالحه ؟

أسلوب قديم وغبي لا يصدقه عاقل ولا مجنون ! وللأسف تجد من يتعاطى معه ويسوقه.

والسؤال الآخر هنا :إذا كان ما يدعيه الاحتلال عبر مواقعه، أو ما يسمى بتسريبات، وهي ليست بتسريبات، بالتأكيد هي حقيقة وصادقة كما يتعامل معها البعض ! هل ما نشره الاحتلال في بداية الانتفاضة الثانية “انتفاضة الأقصى”؛ حين استشهد الطفل محمد الدرة بطريقة بشعة، أثارت طريقة استشهاده تعاطف العالم معه ومع الشعب الفلسطيني،  من أن  هذا الطفل  هو إسرائيلي قُتل عمداً برصاص فلسطيني، هل هذا الخبر كان حقيقة بالنسبة للذين يعتمدون المصداقية من إعلام الاحتلال ؟؟ هل حق اليهود في أرضنا ووجوب طرد الفلسطيني منها؛ على أساس انه دخيل حسب ما تبثه المواقع العبرية المعتمدة لدى البعض الفلسطيني، هل هذه هي الأخرى حقيقة ؟! هل لقاءات قادة حماس وتنسيقهم الأمني في غزة، حسب ما جاء على مواقع عبرية هي حقيقة ؟ هل ما قاله مؤخراً قائد حماس خالد مشعل، انه مستعد للاعتراف بدولة إسرائيل، مقابل دولة فلسطينية على حدود 1967، حسب ما تناقلته مواقع عبرية وغير عبرية، وهو ما نفته حماس، هل هذه حقيقة ؟! يوجد كثير من الأمثلة، ولا يسعنا ذكرها هنا، عن ما تبثه المواقع العبرية. هل صار حقا كل ما يقوله الإعلام العبري حقيقة ؟؟!!.سيكون من الغباوة والسخف، أن يقوم البعض بنشر سمومه، ويستشهد بها عن طريق المواقع العبرية !!

يجب مكافحة ومجابهة من يتعمد الترويج لإشاعات، هدفها الإساءة والتخوين والتكفير، بالاعتماد على المواقع العبرية، أو مواقع مشبوهة، أو عن طريق تأليف قصة من نسج الخيال لبث السموم والفتنة والتفرقة والتناحر. إن توعية من يقع في فخ التعاون مع مخططات الاحتلال بدون قصد، ويقوم بنشر ما أراده الاحتلال أو أعوانه أو من يحقدون على الوطن وأبناء شعبه لهو واجب الوقت، ودون تأخير. .

 

الاخبار العاجلة