اسرائيل لم تنسحب وإنما هزمت!!

6 مايو 2018آخر تحديث :
مقالات مروان طوباس جنين

  موفق مطر- الحياة الجديدة

 استشعر الاتحاد الأوروبي عموما، وكذلك كل من بلجيكا وألمانيا ما سيلحق بالجميع من عار سياسي ان تنازلوا لدولة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والابارتهايد والتمييز العنصري (اسرائيل) عن مقعد من اثنين في مجلس الأمن يتم التنافس عليهما لصالح مجموعة دول غرب اوروبا، فقررت أوروبا والمتنافستان ألمانيا وبلجيكا احترام مبادئ الأمم المتحدة وأهدافها وتغليب مصالحهما على مصالح الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل، رغم ضغط الادارة الأميركية عبر سفيرها الجديد في برلين ريتشارد جرينيل، الذي كشف عن توسط الولايات المتحدة الأميركية منذ التسعينيات لعقد اتفاق مع مجموعة أوروبا الغربية ودول اخرى في الأمم المتحدة لتمكين (إسرائيل) من مقعد غير دائم في مجلس الأمن.

جرينيل أبدى حرصا شديدا على تمكين قاعدة بلاده الاستعمارية المتقدمة في قلب الوطن العربي والشرق الأوسط (اسرائيل)، بتصريح في شهر آذار الماضي عندما قال: “لقد انتظرت إسرائيل 19 عاما أوروبا الوفاء بوعدها”…فاثبت أولوية (اسرائيل) لدى الادارة الأميركية وتقديمها على مكانة ومصالح أوروبا.

دبلوماسيون من المانيا نفوا وجود اتفاق بهذا الخصوص، حتى ان بعثة دولة الاحتلال اسرائيل في الأمم المتحدة الذين عادوا بخفي حنين بعد كل المعركة الدبلوماسية التي خاضوها في اروقة الأمم المتحدة لاحتلال هذا المقعد، اكتفوا بالصمت وعدم التعليق على تغريدة جرينيل!! وهنا يقتحم السؤال ليأخذ مكانته في الصدار لمخاطبة الضمير العالمي الانساني ويطرح التالي: ألا يدل هذا الهبوط الحاد في منهج الدبلوماسية الأميركية على مدى تسارع عملية انهيار المنظومة الاستعمارية الأميركية التي ربطت مصيرها ومستقبلها بدولة متمردة على القانون الدولي، وخارجة على الشرعية الدولية، ويرتكب المسؤولون فيها وقادة جيشها جرائم حرب، وتعتمد الاحتلال والاستعمار وسياسة الابارتهايد كسبيل لفرض نفسها كأمر واقع في المنطقة؟ وإلا بماذا يفسر دخولها المنافسة على مقعد في مجلس الأمن في اطار مجموعة اوروبا الغربية، سوى أنها (دولة غريبة) لا جذور لها، ولم ولن تتمكن من الاندماج في المنطقة لأن دول وشعوب الوطن العربي وحتى في الشرق الأوسط، لم تعترف باسرائيل رغم كونها امراً واقعا بسبب رفضها الالتزام بالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بخصوص القضية الفلسطينية؟ ناهيك عن أن الكثير من دول العالم وشعوبها وبرلماناتها ومنظماتها تعتبر اسرائيل نموذجا لعقلية القرون الوسطى حيث سادت عقلية استخدام الارعاب والمجازر وحروب الابادة والتهجير للقضاء على مجتمعات انسانية كانت تملك مقومات ثقافية وتاريخا وارثا حضاريا، فدول العالم التي ساندت بنضال الشعب الفلسطيني واعترفت بدولة فلسطين تدرك جيدا ان الشعب الفلسطيني بهويته الوطنية العربية، وثقافته الانسانية، وبفعله المؤثر في تكوين وتشكيل الوجه الحضاري لمنطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، والمؤمن بالسلام كثقافة ومنهج سيكون ضحية استكبار (دولة اسرائيل) القائمة باحتلال أرضه، كما ستتم استعادة مشاهد الصراعات الدموية وتنفيذها اذا سُمِح لقادة اسرائيل بتكريس الارهاب والاحتلال والاستعمار الاستيطاني، وابادة السكان الأصليين كمبدأ للتعامل بين الدول والشعوب.

لم تنسحب إسرائيل أمس الأول الجمعة، من المنافسة مع ألمانيا وبلجيكا على مقعد غير دائم– لمدة سنتين- في مجلس الأمن، وانما هزمت، وانهزمت معها هيبة الدبلوماسية الأميركية التي اختارت ادارتها الجديدة اللجوء الى سلاح الارهاب السياسي والدبلوماسي والمادي ايضا لتحقيق مصالح دولة الاحتلال (اسرائيل)، ولمواجهة الدبلوماسية الفلسطينية، وحكمة وعقلانية وواقعية رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره الوطنية الرئيس الانسان رئيس السلام محمود عباس ابو مازن الذي استطاع مع قادة وطنيين فلسطينيين اكفاء من تثبيت الوضع القانوني لفلسطين في القانون الدولي، وباتت بكل وضوح بالتفاصيل على خارطة العالم الجغرافية والسياسية.

لم يكن منطقيا ولا أخلاقيا ولا قانونيا بعد الانجاز الفلسطيني في الأمم المتحدة، وقبول فلسطين دولة عضو بصفة مراقب في الأمم المتحدة ان يتم رفع مكانة دولة احتلال واستعمار استيطاني، لتكون ذات شأن في القرار الدولي في مجلس الأمن الذي من صلاحياته حفظ الأمن والاستقرار والسلام بين الدول! لذا فإن المنتصرين في هذه المعركة هم المؤمنون بقيم الحرية والعدل والسلام، وبالقانون الدولي كتشريع انساني يجب ان ينفذ بعدالة. ومن تراه اكثر من الشعب الفلسطيني لتحقيق هذا الامر لنفسه وللعالم. وهزيمة اسرائيل ومنعها من الحصول على مقعد في مجلس ألأمن انتصار في مسار معركة المقاومة السلمية السياسية والدبلوماسية.

الاخبار العاجلة