مسؤوليات المواجهة وضجيج الهروب

9 مايو 2018آخر تحديث :
مقالات مروان طوباس جنين

يحيى رباح-الحياة الجديدة

من قلب معاناة التجربة الشخصية، لدي ملاحظات على حماس لا تعد ولا تحصى، ورغم كل ذلك لا تزال الدهشة تعتريني بسبب رفض حماس الاشتراك في الدورة الثالثة والعشرين للمجلس الوطني الفلسطيني التي افتتحت في الثلاثين من نيسان الماضي في قاعة احمد الشقيري بمدينة رام الله، وسبب الدهشة، ان المشاركة في دورة المجلس الوطني، كان يمكن ان تلعب دورا كبيرا لصالح حماس وصالح القضية الفلسطينية، حماس من خلال تأكيد انتمائها للقضية الفلسطينية من خلال المشاركة في أولوياتها التأسيسية، أي الانتماء الى الحق الفلسطيني، وقطع الصلة مع بدائل الإسلام السياسي الذي تورط في بيع هذه الأساسيات لصالح الأوهام، مثل حروب ومغامرات أفغانستان، وانهيارات ومآسي ما اطلق عليه اسم الربيع العربي، والطمع في تجارب حكم اخوانية انتهت بأكبر قدر من الفشل المذل ليس بشأن القضية الفلسطينية فقط بل بشأن اولويات عربية وإسلامية أبسط مليون مرة من أولويات القضية الفلسطينية.

وبخصوص الشعب الفلسطيني، فإن مشاركة حماس لو تمت، فإنها كانت ستعطي الانطباع بأن هذا الشعب، برغم صعوبات الخيار يملك من الذكاء والتجربة ما يجعله ينجح في الحفاظ على رصيده الصعب، لأنه صاحب التجربة الأكثر الما، وصاحب الخسائر الأكثر كارثية، وبالتالي فإن حساباته دائما مختلفة واكثر وعيا وعمقا.

لكن حماس خيبت املي وخيبت امال شعبها، وحشرت نفسها في الحلقة الضيقة، حلقة الشبهة والقصد السيئ والخيانة المجانية، فهل يعقل ان حماس يخيل لها انها ستحقق مكاسب ذات قيمة من خلال خيانة شعبها والوقوف ضد مشروعه الوطني الذي هو الأخطر بإقامة الدولة، والحفاظ على القدس، والحفاظ على الحلم الفلسطيني متوهجا ؟؟؟

غير ان الزمان يملك مفاجآت سوداء اكبر حتى من حماقات حماس، ولا أحد يستطيع ان يخرج من وعاء الزمن، وعلى الهامش أيضا هذه الزوبعة التي افتعلتها الجبهة الشعبية، فهذه الجبهة قادت المعارضة الفلسطينية قرابة نصف قرن تحت عنوان معارضة من داخل البيت وليس من خارجه، اما هذه القفزة الانتحارية للجبهة فإن الجنون نفسه لا يبررها.

انتصار المجلس الوطني يحملنا مسؤولية اكثر، فرؤوسنا الان تناطح اميركا وربيبتها إسرائيل، ولابد من دقة متناهية في الحسابات للمواجهة، فاعداؤنا ليسوا قليلين، وهم يحكمون الوقت والامكانيات للتخطيط، ولذلك فإن حساباتنا يجب ان تكون عميقة، وليس الهروب الى الضجيج الفارغ، وهو احد الطرق المتبعة في ساحتنا الفلسطينية والعربية، ولذلك وجدنا الرئيس أبو مازن الذي يمتاز بوعي غير عادي بما يدور في الدنيا، يذهب مباشرة بعد انتصار المجلس الوطني الى الاميركيتين لتكثيف العمل لصالح اجندتنا السياسية، ما نطلبه حق، ولكن ما نطلبه صعب، ويستحق اعلى درجات الجهد، والسلام الذي نطلبه هو في حقيقته مصلحة للجميع، وهذا السلام ليس مستحيلا كما تروج إسرائيل، ولكن المشكلة ان القيادة والنخب الإسرائيلية، والقيادة والنخب الأميركية، ربطت مستقبلها الشخصي بالأخطار الفادحة المثيرة مثل اعلان ترامب وصفقته التي ولدت ميتة، ولذلك يجب استثمار الفوز من جانبنا وطرق الحديد وهو لا يزال ساخنا حتى لو كان البعض منا له اوجاعه الصغيرة الخاصة.

الاخبار العاجلة