بتسيلم – المحكمة العليا الاسرائيلية تسمح للدولة بارتكاب جريمة حرب

28 مايو 2018آخر تحديث :
بتسيلم – المحكمة العليا الاسرائيلية تسمح للدولة بارتكاب جريمة حرب

رام الله – صدى الاعلام

المحكمة العليا تسمح للدولة بارتكاب جريمة حرب يتحمل القضاة أيضا المسؤولية إذا وقعت

يوم الخميس الموافق 24.5.18 قرر القضاة الثلاثة في المحكمة العليا- نوعم سولبيرج وعنات برون وياعيل فلنر- أنه يحق للدولة هدم منازل سكان تجمع الخان الأحمر وترحيلهم من بيوتهم وإسكانهم في بلدة أخرى. قرار الحكم بشأن خان الأحمر يلغي الحاجز الأخير الذي كان يعيق إسرائيل لغاية الآن وأعاق طرد التجمع وهو ما يُعتبر بمثابة جريمة حرب في القانون الدولي. رغم أن هذه السياسية أُقرّت من قبل المستوى السياسي غير أنه على غرار حالات أخرى انخرط القضاة في الجهد ومهدوا الطريق لاقتراف جريمة حرب. ولا تقتصر المسؤولية الشخصية عن اقتراف جريمة حرب كهذه على من يُحدد السياسة وحسب- بل تقع أيضاً على من مهد لصالحهم المسار القضائي.

منذ سنوات طويلة تعمل إسرائيل على طرد التجمع من موقعه وأحد الأهداف من وراء ذلك هو توسيع المستوطنات المجاورة وضم المنطقة فعليا لإسرائيل وهي خالية من الفلسطينيين وقطع الضفة إلى نصفين. لهذا الغرض فقد حولت السلطات حياة السكان إلى حياة لا تُطاق على أمل الدفع بهم إلى ترك منازلهم وكأنما برغبة منهم. وقد قدم سكان التجمع عددا من الالتماسات إلى محكمة العدل العليا للحيلولة دون ترحيلهم. وفي المقابل قدم سكان المستوطنات في المنطقة التماسات إلى المحكمة مفادها البحث عن حلول بديلة للسكان. في الالتماس الأخير أعلنت الدولة عن العثور عن حل كهذا وأنها تنوي نقل السكان إلى “الجهالين غرب” على مقربة من بلدة أبو ديس. وقد اعترض السكان على هذا المخطط وفي يوم الخميس الموافق 24.5.18 رفض القضاة ادعاءاتهم وقرروا بأنه يحق للدولة نقلهم.

وقد قرر القاضي سولبيرج الذي صاغ قرار الحكم أن نقطة الانطلاق في المداولة “التي لا خلاف بشأنها” تقوم على أن “البناء في منطقة خان الأحمر بما فيها المدرسة وكذلك بيوت السكان ليست قانونية”، ولهذا من الواضح أن الدولة مخولة بإصدار أوامر الهدم ضدهم. وفقا لنظريته فإن السؤال الوحيد المطروح على القضاة هو: هل يحق للمحكمة التدخل في الطريقة التي تختارها الدولة “لفرض القانون”. وقد أجاب القضاة على هذا بالنفي بعد أن قرروا بأن قرارات الدولة معقولة.

من خلال حكمهم هذا اختار القضاة قصر مهمتهم كقضاة في المحكمة العليا على الأسئلة البيروقراطية وحسب متجاهلين الصورة الكاملة للسياسة الإسرائيلية تجاه سكان التجمعات الفلسطينية في الضفة وتنحية تعليمات القانون الإنساني الدولي جانبا وتجاهل الجوهر: حقيقة إقدام إسرائيل على ارتكاب جريمة حرب.

فيما يلي بعض الحقائق التي اختار القضاة تجاهلها في قرار الحكم:

أ. لا يوجد أي معنى لـ “عدم قانونية البناء”

لقد تم بالفعل بناء المباني في التجمع دون أن يحصل السكان على تراخيص بناء من السلطات الإسرائيلية غير أن السكان سلكوا هذا المسلك ليس لكونهم “متجاوزين للقانون” بل لكون السياسة الإسرائيلية لا تتيح لهم مطلقا تقديم طلبات للحصول على تراخيص بناء. وقد تنصلت الدولة دائما من واجباتها في مجالات التنظيم تجاه سكان هذه التجمعات. كما أن المخططات التي اقترحتها الدولة كانت مرتبطة دائما بتغييرات مفرطة في نمط حياة السكان والتي تم إعدادها دون استشارتهم. كما أن المخططات التي قدمها السكان بأنفسهم للإدارة المدنية تم رفضها بادعاءات شتى. وفقط عندما لاحت للدولة مصلحة صارخة- على سبيل المثال في الحالة القائمة المتعلقة بتخطيط “الجهالين غرب”- تجندت السلطات المختلفة للمصادقة على المخططات بسرعة.

ب. الانتقال يفرض على السكان تغييرا مفرطا في نمط حياتهم 

كتب القاضي سولبيرج:”نظرا إلى تفاصيل الحل والمساحة المقترحة لإسكان العائلات وتسوية استمرار عمل أبناء القبيلة بالرعي، فإننا لا نرى بأن المقترح بتنفيذ أوامر الهدم على يد الدولة بمثابة قرار غير معقول يستوجب التدخل القضائي”. غير أن هذه الأقوال تناقض الواقع وتتناقض حتى مع بلاغ الدولة المقدم للمحكمة: مخطط نقل السكان إلى الجهالين غرب تم بدون أدنى استشارة للسكان وفي تجاوز عنهم. المخطط لا يقتصر على إكراه السكان على ترك منازلهم وحسب بل إحداث تغيير مفرط في نمط حياتهم. على العكس من أقوال سولبيرج فإن المخطط لا يتيح لهم الاستمرار بالعمل في الرعي وقد أوضحت الدولة هذا صراحة في ردها على الالتماس: “الحي مخطط فعلا في بيئة بلدية ولهذا فهو لا يحتوي على مساحات للمراعي ومزروعات كبيرة لكن يُسمح فيه ببناء مخازن وحظائر صغيرة كموارد مُساعِدة لإعالة العائلات”.

ج. تعليمات القانون الإنساني الدولي أقرّت بأن النقل القسري لسكان المناطق المحتلة يُعتبر جريمة حرب 

قرار القضاة يعتمد حصرا على الادعاء بخصوص “البناء غير القانوني” وأن المحكمة لا تتدخل في تحديد سلم الأولويات الخاص بـ “تطبيق القانون”. غير أن المكان الذي يصدر فيه القضاة الأمر بطرد السكان هو منطقة محتلة تسري عليها تعليمات القانون الإنساني الدولي. لم تبذل الدولة والمحكمة جهدا في توفير شرح لانتهاك هذه التعليمات وتعاملوا مع المداولة كأن الحديث يدور عن شأن ضيق وفني يتعلق بالبناء غير القانوني.
إننا لا نتحدث عن انتهاك هامشي لهذه التعليمات بل عن انتهاك يعني اقتراف جريمة حرب. تعليمات القانون الدولي تحظر النقل القسري للمدنيين المحميين إلا إذا كان الأمر لغرض سلامتهم أو لحاجة عسكرية حيوية. مفهوم ضمنا أن هذين الاستثنائين ليسا بذي صلة حيث تسعى الدولة إلى السيطرة على المساحة لغرض التوسيع المستقبلي للمستوطنات في المنطقة أو لأي هدف مشابه.

المصدر بتسيلم
الاخبار العاجلة