رام الله – صدى الاعلام 8-3-2017
نشرت منظمة بيتسيلم في تقرير جديد لها قالت فيه انه في العقدين الأخيرين أنشأت الدولة واقعًا يمكّنها من التملّص شبه التامّ من دفع التعويضات للفلسطينيين المتضرّرين على يد قوّات الأمن، رغم أنّ هذا واجبها الذي ينصّ عليه القانون الدولي. و تشهد السنوات الأخيرة انخفاضًا حادًّا في عدد دعاوى التعويضات التي يقدّمها فلسطينيون، كما أجريت “تخفيضات” على الثمن المدفوع مقابل الأضرار اللاحقة بهم. هذا النهج الإسرائيلي يكشف عُمق الاستهتار بحياة الفلسطينيين وسلامة أجسادهم وممتلكاتهم.
وجاء في التقرير “في كانون الأوّل 2011 قُتل مصطفى التميمي، من قرية النبي صالح، نتيجة لإطلاق قنبلة غاز بشكل مخالف للقانون استهدفته مباشرة خلال مظاهرة في قريته. في الشهر الماضي، ومع مرور ثلاث سنوات على إغلاق النيابة لملفّ التحقيق دون اتّخاذ أيّ إجراء، ردّت المحكمة المركزية في القدس دعوى تعويضات قدّمتها عائلة تميمي، حيث جاء في قرار الحُكم أنّ موت مصطفى حصل أثناء “عملية قتاليّة”، وألزمت المحكمة العائلة بتغطية المصاريف المستحقّة لها من طرف الدولة، مبلغًا قدره 60 ألف ش.ج. تقرير بتسيلم، الذي يُنشر اليوم – بعنوان “لا حسيب ولا رقيب: كيف تخلّ إسرائيل بواجب دفع التعويضات للفلسطينيين عن أضرار ألحقتها بهم قوّات الأمن” – يفصّل المراحل المختلفة التي تشكّل من خلالها هذا الإعفاء شبه الجارف الذي منحته الدولة لنفسها، وطُبّقته في حالة تميمي أيضًا. التعديلات التشريعية التي وسّعت نطاق الإعفاء الممنوح للدولة في شأن “عملية قتاليّة” وحدّدت قيودًا إجرائية وإثباتيّة، ومن ثمّ طريقة تأويل المحاكم لهذه التعديلات – كلاهما تخفضان اليوم إلى حدّ الصفر احتمال تلقّي المدّعين الفلسطينيين تعويضًا عن الأضرار اللاحقة بهم.”
بواسطة هذه التغييرات، رخّصت الدولة ثمن إلحاق الأذى بالفلسطينيين – مع استمرارها في عرض وهميّ يُظهر وكأنّ هنالك جهاز محاكم يقوم بوظيفته على نحوٍ موضوعيّ. من المعطيات التي حوّلتها (وزارة الجيش ) إلى بتسيلم بخصوص دعاوى التعويضات التي قدّمها فلسطينيون من سكّان الضفة الغربية وقطاع غزّة، يتبيّن أنّه من عام 1997 إلى عام 2001 دفعت الدولة ما معدّله 21.6 مليون ش.ج تقريبًا، في السنة؛ وفي المقابل، من عام 2012 إلى عام 2016 هبط المعدّل إلى ما يقارب 3.8 مليون ش.ج في السنة – أي بنسبة أكثر من %80. خلال هذه المدّة توقّف الفلسطينيون، تقريبًا، عن تقديم دعاوى التعويضات: من عام 2002 إلى عام 2006 قُدّمت دعاوى بمعدّل 300 كلّ سنة؛ وفي المقابل بهط المعدّل بين عام 2012 وعام 2016 إلى 18 دعوى مقدّمة كلّ سنة – أي إنّه هبوط بنسبة %95.
تواصل إسرائيل فرض سلطتها على ملايين الفلسطينيين سكّان الضفة الغربية وقطاع غزة، وما من طرف يُلزمها بتقديم الحساب عن أفعالها: جهاز تطبيق القانون العسكري يقوم بالطمس، المحكمة العليا تضفي الشرعية القانونية، والدولة تؤمّن لنفسها إعفاءًا شبه تامّ من دفع التعويضات عن الأضرار التي ألحقتها قوّات الأمن. يمكن لكلّ غبن أن يكون منصوصًا في قانون بحيث تدخل أجهزة تطبيق القانون لتبدو وكأنّها تقوم بإحقاق العدالة. ولكنّه عرض وهميّ زائف – فهذا كلّه لا ينجح في إخفاء الماهيّة الحقيقيّة لنظام الاحتلال، ولا في سَتر سُبل إسرائيل في التملّص من تحمّل مسؤوليات أفعالها حين تطلق لنفسها العنان بلا حسيب ولا رقيب وتمارس عدوانيّتها الشديدة بحقّ الفلسطينيين الخاضعين لسلطتها، دون أيّة مساءلة ومحاسبة – جنائية أو إدارية أو مدنية.