بلدة بأكملها لا يوجد بها رجل، وسيدات يقُدن سيارات الأجرة.. الحرب تركت الشوارع خاليةً من الرجال بسوريا

25 يوليو 2018آخر تحديث :
بلدة بأكملها لا يوجد بها رجل، وسيدات يقُدن سيارات الأجرة.. الحرب تركت الشوارع خاليةً من الرجال بسوريا

رام الله- صدى الإعلام

بينما تجوب أشقر في المدينة مرتديةً قبعةً سوداء فوق حجابها، يشعر الركاب بالسعادة لرؤيتها خلف مقود السيارة. لكن حسبما قالت، فإنَّ وظيفتها ليست غريبةً بقدر الحرب.

وقالت لموقع Middle East Eye البريطاني: «توُفِّي زوجي في الحرب وفقدتُ منزلي. لكن لدي أطفال يجب أن أوفر لهم المأكل والمشرب. لذا قررتُ أن أعمل سائقة على سيارة الأجرة الخاصة بزوجي».

نظراً لوظيفتها تلك، كان عليها أن تكون صلبة لتضع حداً لسائقي التاكسي قبل أن يحاولوا مضايقتها أو السخرية منها.

وتقول إنَّ عزمها على توفير احتياجات أطفالها أقوى من النظرات الغريبة التي يمكن أن تتلقاها من هؤلاء الذين لم يعتادوا على رؤية سيدة تؤدي وظيفة يُنظر إليها في سوريا على أنَّها وظيفة خاصة بالرجال.

وأضافت: «لا عار في العمل، لكنَّ التسول هو وصمة العار».

رفضت أشقر التقاط صورةٍ لها، ليس لأنَّها تشعر بالعار، ولكن لأنها لا تريد أن يُنظر إليها على أنَّها ظاهرةٌ غريبة.

بلدةٌ بلا رجال

 

في بلدة الشيخ بدر الريفية الصغيرة بمدينة طرطوس الساحلية، أي على بعد ساعتين من شمال العاصمة، هناك صور لرجال قتلوا في الحرب مُلصقة على كل جدارٍ تقريباً.

هناك أيضاً صورٌ لجنودٍ مفقودين، وأسفل الصور كُتبت عبارات مثل «أعاده الله بسلام».

تذهب عليا يومياً إلى الحقل لترعى أشجار الزيتون، وترى في طريقها صور أصدقائها القدامى مُلصقةً على الجدران، ومن تبقّى الآن هن صديقاتها البنات فقط.

تساءلت الطالبة الجامعية ذات الـ23 عاماً قائلةً: «أخشى أن أبقى وحيدة إلى الأبد، لم يبق أي رجالٍ في بلادي، من سأتزوج؟».

في وقتٍ مبكر من الحرب، عندما كان المعارضون هم المسيطرين على الوضع، كان العديد من سكان البلدات التي ظلّ ولاؤها لبشار الأسد يخشون وصول المقاتلين إليهم في عقر ديارهم والفتك بهم.

نتيجةً لذلك، قرَّر الكثير من أهالي المدن الانضمام إلى قوات النظام من أجل القتال، في حين أُجبر آخرون على التجنيد لأنَّهم غير قادرين على تسديد تكاليف التهرب من الخدمة العسكرية.

لم يكن الوضع أفضل في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة: وبينما طال أمد الحرب، لم يعد القتال قضيةً أيديولوجية، لكنَّه مثل عملاً ضرورياً لكسب الرزق.

تخشى عليا والعديد من صديقاتها في الشيخ بدر من العزوبية.

أما الآن فقد أخذن جميعهن أدواراً مخصصة للرجال، حسبما يجري العرف، وتقول إنَّ مجموعة صديقاتها يشعرن جميعاً الآن أنَّهن رجال.

فالحرب أهلكت الشعب السوري.

ترتدي عليا قبعةً من القش فوق رأسها، ويبدو وجهها متعباً. وتقول إنَّها لم تنمص حواجبها منذ فترةٍ طويلة.

وقالت: «لماذا أعتني بنفسي، ولمن سأتجمل وأضع مستحضرات التجميل؟ لا أحد ينظر إلي».

نظرت عليا إلى صور ضحايا طرطوس من الشباب. وقالت: «إنَّهم فقط صور تنظر إلي، لكنَّهم لا يشعرون بي».

«سنوات من الإناث فقط»

 

مرحباً بكم في جامعة دمشق، حيث يوجد ذكر أو اثنان أو ثلاثة ليس أكثر محاطين بكثيرٍ من الفتيات.

وصرَّحت الطالبة ميريللا أحمد (27 عاماً) لموقع Middle East Eye: «إنَّها سنوات الإناث فقط، إنَّها حقبة من النساء. ليس في العمل فقط، بل وفي بيئة الدراسة كذلك».

كشفت الإحصائيات التي أجرتها جامعة دمشق أنَّه في كل كلية أو جامعة، باستثناء كلية الطب، يفوق عدد الطالبات عدد الطلاب الذكور.

تتفحص ميريللا أصابعها وأصابع صديقتها الموجودة بجوارها. فهي تبحث عن خاتم الخِطبة أو الزواج.

وتقول: «كل الأصابع عارية، لا ترتدي الفتيات خواتم ولا يوجد رجال يمسكون بأيديهن».

لكن بالنظر إلى الجانب المشرق، تقول بعض السيدات السوريات، إنَّ الوضع منحهن فرصة لإثبات قدراتهن، وأنَّهن متساويات مع أقرانهن من الرجال.

ومن بين تلك النماذج، توجد كاثرين التي عملت لمدة خمس سنوات مصورةً تلتقط صوراً لوكالات الأنباء العالمية.

كانت الصحافة هي الأخرى وظيفةً يهيمن عليها الرجال في الماضي.

لكنَّ كاثرين الآن واحدةً من بين عددٍ من السيدات اللاتي وجدن الحرية والاستقلال في نقل أحداث الحرب.

تقول إنَّها تحب أن ترتدي مثل زميلها الرجل، وأن تصحبها القوات الحكومية أثناء مهماتها عند الخطوط الأمامية. وأضافت: «إنَّها فرصتي لأتواجد في المكان المناسب لي. فالحرب ليست سيئة من جميع النواحي. لها نقاط إيجابية إذ شقت لنا أنا والعديد من النساء الطريق لنخرج إلى السطح».

المصدر: عربي بوست

الاخبار العاجلة