رسالة من أرض البرتقال الحزين إلى لواء الثقافة الإشتباك

10 يوليو 2019آخر تحديث :
رسالة من أرض البرتقال الحزين إلى لواء الثقافة الإشتباك

 سيف السوداني (كاتب وشاعر فلسطيني)

مرحباً غسان ، ها نحن الآن على بعد سبع وأربعين عاماً من آخر لقاء ومن آخر ورقة خطتها أناملك لهذه الأرض التي لطالما رويتها بإبداعك اللامتناهي ، غسان أنت بوصلة التحرير والثقافة ، حولت مفهوم الثورة من مفهوم العشوائية والغضب اللامنظم إلى ثورة فكرية يخشاها الإحتلال ويخشاك يا غسان .

الإحتلال يا غسان هاجم المثقف قبل العسكري ووضع قائمته المشؤومة (قائمة غولدا) لدحض الثقافة الفلسطينة وإقصاء المثقف المشتبك من ساحة المواجهة . مهاجمة المثقف يا غسان هي مهاجمة وقتل للقضية ، لطالما تمسكنا بثقافة الإشتباك وعدم الرضوخ والإستسلام لكن يا غسان لا كرامة لنبي في وطنه . نقتل مثقفينا ونهاجمهم نجوعهم في ليالي النفي . لقد أضعفنا قضيتنا بإضعاف ثقافتنا . والجيل الذي نراهن عليه ها هو يضيع في ساحة المواجهة .

هل مات غسان وبقيت الفكرة ؟

هذا السؤال الذي يمزق أوردتي ، كم من جيلنا يقرأ ليعلم من هو غسان ؟

ثقافة القراءة التي غُيبت في ظل هذا التطور والعولمة التي دمرت النسيج الشاب وشتتتالإبداع الثقافي ونقلت الكاتب الفلسطيني من كاتب قضية إلى بائع نصوص . إنه الجوع يا غسان ، يجوع المثقف ليتغذى على نصوصه ليفقد حرية الكاتب ويقيد بسقف المشتري .

غسان أما عن أرض البرتقال الحزين فها هي الآن تنوح على حقولها تبكي فارسها الذي نهشت عظامه برودة المنفى وهاهم الآن يتفاوضون على ما تبقى لنا من هذه الفلسطين التي تمزقت بأنياب شقيقاتها قبل أن تمزقها أنياب المحتل

هذه الفلسطين التي نزفت وسال دمها على قمصان شقيقاتها كدماء يوسف النبي .

غسان أما عن نصوصك فها أنا أقف وأمامي كتيبة مقاتلة من الأعمال الأدبية التي أرعبت كياناً يخشاك ، كنت أتمنى يا غسان أن أكون جيلك أن أقف على منبرٍ داسته قدماك وأقول لهذه البلاد ما يجب قوله وأن أقول في الذين خانوا ما يصدع كيانهم وينسف وهمهم . ها نحن الآن يا غسان يجلد سوط الحرّ أجسادنا والخزان مغلقٌ يا غسان وما من مغيث . ها نحن نقف أمام صفقة من العار والخيانة نرى البلاد تقدر بمبلغٍ لا يسد جوع أبناء شهدائه .

وأما عن كتيبتك الوفية فإنهم كانوا خاناتاً في سجل التصفية فكمال ناصر وناجي العلي ورفاق الدرب يا غسان طالتهم أيادي الإحتلال . هذه الأيادي التي نهشت من وعينا جبلاً وكان إغتيال كتيبة الثقافة المشتبكة هو تصفية للثورة الفلسطينية . والكثير ممن كانوا لا يجرؤون أن يقولوا حرفاً في مجلسك تقلدوا بأوسمة الشرف ونهشوا من الوطن ما نهشوا .

تحولت الثورة يا غسان ، وتحول المثقف من رتبة مقاتل إلى رتبة مديرٍ أو وزير . هكذا ضاع الوطن يا غسان أصبح الطموح من حرية إلى ربتة وتحولت الفكرة من ثورة إلى ورق راكمت المكتبات غبارها عليه .

نفتقد الشجاعة والوفاء يا غسان ، الوفاء الذي لم نشاهده من الذين قَدِموا من محطات الثورة ، كلٌ يعمل لنفسه لا وفاء للجيل ولا للذين صنعوهم لا وفاء للكتيبة الأولى هؤلاء الذين كانوا أصغر من أن يكونوا في هذه الكتيبة التي واجهت المرحلة بالقلم والبندقية . ناجي علوش حنا مقبل والكثير من الأسماء التي كلفت الإحتلال وضربته في أوجه وشكلت حالة في ذلك الوقت ، هذه الأسماء التي باتت منسية في وقتنا . القليل من يذكركم يا غسان .

غسان ودعناك وأنت المثقف الثائر ودعناك وأنت في أوجّ عطائك .

سلامٌ عليك وأنت تخط مجداً بدمك .

سلامٌ عليك وأنت حر .

ووفاء منّا من القليلين يا غسان من الذين حملوا الراية ، سننشد للثورة وسنكتب تحت زخّات الرصاص .

كنت ندّاً وسنسير على ما تركت لنا من مجدٍ وعنفوان .

الاخبار العاجلة