إسرائيل والديمقراطية نقيضان

17 أغسطس 2019آخر تحديث :
إسرائيل والديمقراطية نقيضان

صدى الإعلام / عمر حلمي الغول

ألف مرة كررت أنا شخصيا في هذه الزاوية، وفي العديد من الأبحاث والمقابلات الإعلامية انتفاء الديمقراطية في إسرائيل. لأن الديمقراطية لا تتجزأ، وإسرائيل ككيان سياسي نشأ على أنقاض الديمقراطية، وعلى انقاض نكبة شعب آخر، الشعب العربي الفلسطيني عام 1948؛ كما أن إسرائيل الدولة قامت باستعمار والسيطرة على باقي أراضي الدولة الفلسطينية؛ وارتكبت 126 مجزرة ومذبحة ضد ابناء فلسطين العرب؛ ومارست التمييز العنصري، وارتكبت كما كبيرا من جرائم الحرب ضدهم على مساحة فلسطين التاريخية وفي الشتات، وايضا ضد العرب عموما؛ إسرائيل على مدار سني وجودها كانت، وما زالت أداة تفجير للحروب، ومستنقعا آسنا للإرهاب؛ إسرائيل الإشكنازية الغربية البيضاء مارست التمييز ضد اليهود الصهاينة انفسهم من مختلف الأعراق والإثنيات والطوائف والمدارس اليهودية الأخرى وخاصة الشرقية والأفريقية؛ وبالتالي كل ما قيل عن الديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة، وفتات الديمقراطية الرأسمالية الغربية، ليس شيئا، ولا يعني بحال من الأحوال أن دولة الاستعمار الإحلالي والاجلائي، وفرن المحرقة الجديد للشعب العربي الفلسطيني واليهود الشرقيين يمكن ان تكون دولة ديمقراطية. لأن الديمقراطية تنشأ وتنمو في مجتمع طبيعي، مجتمع حقيقي حامل لكل مبادئ وقيم الديمقراطية، لا مجتمع مصنع ومعلب ومفبرك، وقائم على التزوير، والخداع، والتضليل، والكراهية، والحقد، والعنصرية، والجريمة والإرهاب المنظم، والحرب، واللصوصية ونهب واستعمار شعب آخر.

وآخر عناوين انتفاء الديمقراطية، هو منعها للنائبتين رشيدة طليب، وإلهان عمر الأميركيتين أول امس الخميس الموافق 15 آب/ أغسطس الحالي (2019) من دخول إسرائيل، لأن لهن موقفا داعما للحقوق الفلسطينية السياسية، وتدعمان حركة المقاطعة BDS، ثم تراجع وزير داخلية إسرائيل، أردان وسمح لعضو الكونغرس عن الحزب الديمقراطي، طليب بالدخول يوم الجمعة (امس) شرط ألا تمارس اي نشاط سياسي ذي صلة بمقاطعة إسرائيل. وللأسف ان النائبة من أصل فلسطيني قبلت الشرط الإسرائيلي. وهذا خطأ كبير وقعت فيه، حيث كان عليها مواصلة تمسكها بحقها الديمقراطي في التعبير عن مواقفها، وايضا كان عليها، هي ان تشترط دخول زميلتها الصومالية العربية الأصل معها لفلسطين.

مع ذلك، فإن القرار الصادر عن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير داخليته، أردان يعكس خواء دولة إسرائيل الاستعمارية من اي معيار من معايير الديمقراطية، وإصرارها على تمزيق كل معلم من معالم وقيم الديمقراطية الحقة. لأنها تخشى الصوت الآخر، وترفض ان تسمع الرأي الآخر، وكونها غارقة في سراديب غيتوها الأسود، وبحكم عدم قدرتها على التعايش مع اي مظهر من مظاهر الديمقراطية الطليقة والمتحررة من النزعات الإرهابية، وتكميم الأفواه، والكراهية النابعة من العنصرية الصهيونية.

والادعاء أن نتنياهو استجاب لضغوط الرئيس دونالد ترامب، الذي حرض على عدم إدخال النائبتين الأميركيتين لإسرائيل، وهي سابقة خطيرة بالنسبة للسياسة الأميركية، لا يعدو أكثر من عذر اقبح من ذنب، لأن زعيم الليكود ليس بحاجة لنصائح الرئيس الأفنجليكاني العنصري، وكون المستنقع الذي تربى وترعرع به، هو مستنقع آسن وعنصري، ومعاد للديمقراطية، وكونه يمارس وينتج مع اركان حزبه وائتلافه ابشع اشكال وقوانين العنصرية ضد الفلسطينيين العرب وضد اليهود الشرقيين عموما والفلاشا الأثيوبية خصوصا.

وحتى إذا سلم المرء بخضوع بيبي لمشيئة ساكن البيت الأبيض الحالي، فإنه يعكس قابليته للتماهي مع كل ممارسة لا ديمقراطية، ويميط اللثام عن فقر حال قيمي، وبذات الوقت، يكشف عن استلاب القرار الإسرائيلي وخضوعه للابتزاز الترامبوي الشعبوي، ويدلل على بقاء إسرائيل مجرد أداة استعمالية وظيفية بيد الغرب الرأسمالي عموما والأميركي خصوصا. الأمر الذي يؤكد للمرة الألف ان إسرائيل نقيضة الديمقراطية، ومعادية لها، وما الحديث عن انها “واحة الديمقراطية في الشرق” إلا نوع من الاستهبال والاستغفال، والتضليل للذات وللرأي العام العالمي. وهو ما ينطبق ايضا على الرئيس دونالد ترامب، لأنه بتحريضه على عضوتي الكونغرس الأميركي (عربيتي الأصل) انما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، انه عنصري وقح، ومعاد للأميركيين من الإثنيات والأعراق الأخرى غير الأوروبيين البيض العنصريين أمثاله، ويكشف عن المآل الذي يخطف الولايات المتحدة إليه، انه يجرها جرا من قرونها إلى الهاوية، وإلى الهزيمة والموت البطيء، ويقضي على الإمبراطورية الأميركية بسياساته الرعناء والهمجية.

الاخبار العاجلة