كيف يتم تهديد أمين سر هيئة العمل الوطني؟

14 يونيو 2016آخر تحديث :
كيف يتم تهديد أمين سر هيئة العمل الوطني؟

 

الكاتب :  أكرم عطاالله

من لا يعرف تاريخ محمود الزق يستسهل تهديده لأن من لا يميز بين الصقر والحمامة كما قال المثل يفعل أكثر من ذلك، هذه طبيعة الأشياء لدى أمم وأفراد وأحزاب حتى لم تتجاوز في وعيها المراحل البدائية في علاقاتها السلطوية حين كان على المحكومين أن يسبحوا باسم الملوك ويحمدوا الله على نعمة حكمهم متمنيين دوام ذلك الحكم، هذا كان عندما كان وعي البشرية طفولياً والشعوب مستعبدة تُهدَد وتُصلب وتُسجن وتُعذب وتُشنق لمجرد أنها تطلب العدل والمساواة أو تطلب حقوقها.

في عصر الشعوب أصبح ذلك شيء من الماضي المظلم للبشرية حتى أن أوروبا أنشأت متاحف ترتادها الأجيال الجديدة للتعلم من تلك الحقبة السوداء التي غادرتها نحو الديمقراطية واحترام الانسان وحقوقه بما فيها انتقاد النظام السياسي الذي اختاره الشعب بشكل ديمقراطي بأقسى عبارات النقد، بل وأصبح الانتقاد والمعارضة حق مكفول بالقانون لكل مواطن ووصل الأمر لدى بعض الشعوب أن تلقي بمسئولين في مكب النفايات وهذا تم تداوله خلال مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي العربية والفلسطينية يحاول خلاله الشباب تقديم رثاء عن حاضرهم وحكمهم.

في آخر مفاجأة نشرها أمين سر هيئة العمل الوطني محمود الزق على صفحته على الفيس بوك كتب أنه تعرض لتهديد لمدة خمس دقائق من خلال هاتفه النقال رفض صاحب التهديد التعريف عن نفسه، اسمعه تصريحات كان قد قالها عن أزمة الكهرباء وغيرها طالباً منه “التوقف عن التصريحات السياسية وإلا.. ممكن ما يلحق”.

هل وصل الأمر إلى هذا الحد.. أن يتم تهديد رجل بهذا الموقع وبهذا التاريخ الذي نخجل جميعاً أمامه وأية فروسية في هذا التهديد وأي أخلاق في الخلاف هذا الذي يتم تقديمه وأية مصالحة وأية ثقافة تسامح وأية وحدة وطنية ممكن أن تكون طالما أن الوعي تجمد عند لحظة الاستبداد في اصرار غريب على الوقوف عند تلك اللحظة، إنه لأمر يدعو للاستغراب أن يقوم أحدهم وبالتأكيد معروف اتجاهه السياسي فلا شك أنه يتبع لحركة حماس لأن التصريحات التي أطلقها أبو الوليد لم تزعج سوى الحركة.

هذا هو الدور الطبيعي الذي تقوم به هيئة العمل الوطني، الدفاع عن الناس وحقوقها، حقها في الكهرباء وفي المعابر وفي الحياة الكريمة وفي المساواة وفي كل شيء وهذه هي المعارضة الحقيقية بل والدور الوطني المطلوب منها إلا إذا كان هناك من يعتقد أن على الهيئة وأمين سرها أن يتوقف عن الانتقاد ويحمد الله على نعمة حكم الحركة.

من لا يعرف محمود الزق ربما بحاجة إلى تلك المعرفة فالرجل من أوائل من رفعوا السلاح دفاعاً عن الوطن ضد الاحتلال منذ طفولته وذلك قاده لأن يمضي صباه وشبابه داخل السجون الاسرائيلية لمدة خمسة عشر عاماً ليطلق سراحه في صفقة تبادل القيادة العامة عام 85 ليعود ملتحقاً بالثورة فيرتدي زيه العسكري من جديد في قواعدها في الشتات كأن سنوات السجن بالنسبة له لم تكن سوى استراحة محارب وبعد عودة السلطة رأيته يتصدى بصدره العاري على الطريق الشرقي لشاحنات الاسمنت التي كانت تبني المستوطنات والرجل كان قبل سنوات قليلة عضوا في المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي ولشدة أخلاقه اختلف مع أمينها العام فأصبح شخصية وطنية مستقلة لم تفرط به هيئة العمل فظل أمينا لسرها .

بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة استمر هذا المقاتل الصلب مدافعاً عن الناس وقضاياها وهمومها منتقداً حركة حماس واثقاً من تاريخاً ووطنية نقية وصادقة لا تشوبها شائبة ولم يكن يفكر يوماً بأن الغرور لدى أحد من الممكن أن يصل إلى تهديده بهذا الشكل وتلك قضية لا يجب أن تمر مرور الكرام ولسنا بحاجة للكثير من التحليل لنعرف من الطرف الذي قام بالتهديد.

تلك قضية مرفوعة أمام حركة حماس وقيادتها السياسية التي لا تصدق أحياناً بأن بين عناصرها وكوادرها وجهاز أمنها من يتجاوز الخطوط الحمراء في العلاقات الداخلية التي تسعى الحركة كما قيل لأن تكون مبنية على الاحترام المتبادل وقد سبق أن تم ابلاغهم بتهديدات مشابهة ونصدق أنهم أصيبوا بالدهشة ولكن لم يحصل مرة أن حدث تحقيق داخلي وأن ارغموا من قام بالتهديد على الاعتذار وفي هذا ما يدعو للتأمل.

حركة حماس مدانة بالاعتذار لهذه القامة الوطنية إذا ثبت أن من قام بهذا التهديد من عناصرها، عليها أن تشكل لجنة تحقيق في الأمر للوقوف على هذا الحدث المرفوض فاذا لم يكن من عناصرها فهو يستهدفها بشكل أو بآخر لأن الخاسر الأكبر من هذا العمل هو الحركة نفسها، كيف تقبل بأن يعطي انطباع للرأي العام بأنها تحكم بالتخويف والتهديد وأن أدائها في الحكم والاختلاف يصل لهذا المستوى؟ عليها تقديم اجابة ليست أقل من ادانتها للعمل، فبدلاً من تكريم من ضحى بعمره في السجون من أجل شعبه يتم تهديده؟ أي وطن هذا..!!!

الاخبار العاجلة