كفر الديك.. مروج خضراء تشكو مغتصبيها

9 فبراير 2020آخر تحديث :
كفر الديك.. مروج خضراء تشكو مغتصبيها

صدى الإعلام – سلفيت: قبل عدة أيام أعاد المواطن عصمت سمير الديك، نشر استغاثته على وسائل التواصل الاجتماعي بضرورة الحفاظ على الأرض ورعايتها.. أسفل الاستغاثة تظهر صور أراضٍ خصبة ومروج خضراء بنباتات وأشجار كثيفة.

هكذا ظهرت الصورة متربعة على جمال المنطقة الأخّاذ، دون معرفة أن هذه الأرض والحقول مشبعة بمياه مستوطنتي “عالي زهاف”، و”ليشم العادمة والتي حولت مساحات واسعة منها الى مكرهة صحية.

مع بداية بناء أولى الوحدات الاستيطانية لإقامة مستوطنة “عالي زهاف” على أراضي بلدة كفر الديك على بعد 15 كم غرب مدينة سلفيت، عام 1983، عانى مزارعو البلدة وأصحاب الأراضي من عائلات مختلفة، من قرارات عسكرية مجحفة منعوا بموجبها من الوصول إلى أراضيهم، لتضاف الى ما يمكن أن يطلق عليه “نكبة بيئية” ناجمة عن مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة والطبية التي هددت الحياة المختلفة في المنطقة.

على بعد 1200 متر، من الجهة الغربية لمستوطنة “عالي زهاف”، أُقيمت مستوطنة “ليشم”، باعتبارها حياً تابعاً لمستوطنة “عالي زهاف”، على حساب أراضي المواطنين في بلدة كفر الدّيك، فوق منطقة أثرية تعرف باسم “دير سمعان” التي بنيت ونحتت في الصخر عام 400 للميلاد.

سلبت هاتان المستوطنتان أراضي المواطنين وحاصرت الجزء الآخر. يقول عصمت الديك لـ”وفا”: هناك محصول من الزيتون لا يزال على الشجر دون قطاف حتى اليوم، نتيجة صعوبة الوصول إلى الأراضي التي تبدو للوهلة الأولى أنها من تباشير الربيع الخلابة، ولكنها للحقيقة المفجعة غارقة في المياه العادمة من المستوطنات وباتت موطنا للخنازير البرية التي تلحق أضراراً جمّة بالمحاصيل.

وأضاف الديك: منذ فترة قصيرة قطع الاحتلال علينا الطريق الواصلة إلى الأراضي من جهة كفر الديك، وأصبحنا مجبرين للوصول اليها عبر الأودية والطرق الوعرة، وعبر استخدام طرق بديلة فرعية وطويلة من القرى المجاورة مثل بروقين، ورافات، والتي تستغرق ما يقارب ساعتين من المشي على الأقدام.

“تربينا على حب الأرض والاعتناء بها، كنا نذهب يومياً مع والدي وأصحاب الأراضي لتقليم الزيتون والاعتناء بالأرض، نغلي الشاي على الحطب ونتبادل الحديث ونطرب على صوت الأغاني الشعبية القديمة والأهازيج.. اليوم اختلف الوضع، حرمنا الاحتلال أرضنا، ونزهتنا، وذكرياتنا بعدم نصب بوابة حديدية على مدخل الأراضي، وضَيق الخناق علينا في الوصول اليها” يقول الديك الذي أوضح أن اعداد المتضررين من البوابة والمياه العادمة بصورة مباشرة تزيد عن 20عائلة.

وذكر تقرير الهيئة المستقلة لحقوق الانسان 2018، أن بلدات محافظة سلفيت تعاني من تدفق مياه الصرف الصحي، ومخلفات المستوطنات الصناعية والكيماوية إلى أراضي المواطنين، ما ساهم في تشويه بيئة تلك المناطق والإضرار بها، يؤدي ذلك إلى تلويث الأحواض المائية الجوفية، وهو ما يسبب أمراضاً كثيرة للمواطنين، كما ويكمن الخطر من تدفق المياه العادمة من تفاعلاتها مع تربة المنطقة، وتهديدها للمزروعات والمواشي بالتسمم الكيميائي والبيولوجي، وإمكانية انتقال الأمراض من خلالها إلى الإنسان، كما قد يكون تأثير ذلك آنياً أو تراكمياً.

على هذا النحو، يعاني أهالي كفر الديك ( 6 آلاف نسمة) من قدرة التمتع بالعيش في بيئة صحية وآمنة ونظيفة، فيما يكافحون من الحد من الأمراض الناتجة عن الغازات السامة والبعوض المنتشر في وديان البلدة الناقل لطفيليات اللشمانيا، حيث سجلت مئات حالات الإصابة خلال السنوات الماضية.

وبين التقرير، أن أعداد الخنازير البرية ازدادت في مناطق تجمع المياه العادمة، وما تتسبب به من إتلاف للمزروعات وإلحاق الأذى بها، والتسبب بخسائر زراعية واقتصادية للمزارعين.

ويدمر الاحتلال  في بلدة كفر الديك قطاعي الزراعة والبيئة الفلسطينية، من خلال قطع أشجار الزيتون خدمة لمخططات الاحتلال التوسعية، ومد الخط المائي الناقل للمستوطنات غرب محافظة سلفيت.

وبحسب مركز ابحاث الأراضي، صادرت قوات الاحتلال من اراضي بلدة كفر الديك 1225 دونما لصالح مستوطنات “عالي زهاف”، و”بدوئيل”، و”ليشم”، و”بروخين” المقامة على أراضيها، وأراضي البلدات المجاورة.

والى أن يرحل الاحتلال ولو بعد حين، ستظل بلدة كفر الديك الوادعة وصاحبة التاريخ والتراث العريق الذي يعود الى ما قبل 1600 عام.. منبعا للحياة تشكو مغتصبيها وتأمل التدخل لانقاذها من “غول” الاستيطان الذي يهدد وجودها.

الاخبار العاجلة