تسييج المراعي.. سلاح المستوطنين لسرقة الأراضي

5 مارس 2020آخر تحديث :
تسييج المراعي.. سلاح المستوطنين لسرقة الأراضي
صدى الاعلام _ رام الله :  ضاقت السبل بالمواطنين في الأغوار الشمالية، بعد قيام المستوطنين بتسييج مساحات واسعة من المراعي في المنطقة خلال الشهر المنصرم لمنع الرعاة من دخولها، وهي تضاف لآلاف الدونمات التي سيجها المستوطنون وأغلقتها سلطات الاحتلال بعدة ذرائع خلال السنوات القليلة الماضية، ما يهدد مصدر رزقهم الأساسي المتمثل بالثروة الحيوانية بالفناء.

يقول فوزي دراغمة من خربة سمرة في حديثه لـ”وفا” إنه وكافة الرعاة في المنطقة ومختلف مناطق الأغوار يعانون الأمرين بسبب إغلاقات الاحتلال للأراضي الرعوية بمسميات مختلفة، بالإضافة لقيام المستوطنين بتسييج مساحات واسعة من المراعي وتكثيف هذه الإجراءات مؤخرا.

ويضيف دراغمة، الذي يعيل أسرته المكونة من تسعة أفراد من تربية الماشية، “مصدر الرزق الأساسي لغالبية أهالي الأغوار وهو الثروة الحيوانية بات مهددا بالانقراض، فخلال السنوات السابقة أغلقت سلطات الاحتلال غالبية المراعي، في حين قام المستوطنون بتسييج ما تبقى من مساحات، وبالتالي لم تعد لدينا مساحات للرعي لإطعام مواشينا.”

وارتبط التسييج تاريخيا بسلب حقوق أصحاب الأراضي وقمعهم، فسياسة التسييج تعود لأواخر القرن الخامس عشر في انجلترا، حيث تشير المراجع إلى أن “مصطلح التسييج أو التطويق يدل على العملية التي تُنهي الحقوق التقليدية مثل رعي الماشية في الأرض العامة، فبمجرد تسييج الأرض تصبح استخداماتها مقتصرة على المالك، ولم تعد مشتركة بين جميع الرعاة.

يعرِّف كتاب تاريخ الأفكار الاقتصادية للمؤلف عبد علي كاظم العموري عملية التسييج في تاريخ انجلترا بأنها “تجريد الفلاحين من أملاكهم المشاعة، وتحويلها إلى ملكية عدد ضئيل من كبار اللوردات، وذلك بمختلف وسائل العنف، بما في ذلك القوانين التعسفية، لقد بدأت هذه العملية في انجلترا في أواخر القرن الخامس عشر، وكان أهم دافع اقتصادي لها هو تحويل أراضي الفلاحين إلى مزارع واسعة لسد حاجة السوق الخارجية ثم الداخلية، إلى الصوف لإمداد صناعة النسيج البريطانية الناشئة”.

يوضح الناشط الحقوقي عارف دراغمة لـ”وفا” أن سلطات الاحتلال انتهجت إغلاق المراعي في مناطق الأغوار منذ احتلالها لمنع الرعاة من دخولها ومحاربتهم في مصادر رزقهم.

ويشير إلى أن إغلاقات المراعي كانت تتم تحت عدة مسميات، وبعدة أساليب، منها ما تم إغلاقه بالسياج الحديدي، أو بالألغام، أو بالخنادق والمعسكرات للتدريبات العسكرية.

ويوضح أن إغلاق المراعي وتسييجها بالأسلاك الشائكة كما يحدث مؤخرا ليس أمرا جديدا، ففي منطقتي “المزوكح” و”السويدة” أغلقت حوالي 35 ألف دونم منذ عشرات السنوات بهذه الطريقة، بالإضافة إلى إغلاق آلاف الدونمات وتسييجها تحت مسمى “الطبيعة الإسرائيلية”، والتي تم منحها للمستوطنين لاحقا وأقاموا عليها بؤرة استيطانية.

ونوه دراغمة إلى أن أكثر المناطق استهدافا في عمليات التسييج الأخيرة التي ينفذها المستوطنون هي: الحديدية، وخلة مكحول، وخربة سمرة، فشرق وشمال هذه المناطق تم إغلاقه بالكامل بواسطة الأسيجة، موضحا أنه من الصعب حصر المساحات التي تم تسييجها ولكنها تقدر بآلاف الدونمات.

محاربة الرعاة الفلسطينيين بمصادر رزقهم بمختلف الوسائل خاصة في الأغوار ليس أمرا جديدا وبدأ منذ احتلالها عام 1967، وفق دراغمة.

وتوضح دراسة أعدها الباحث ناجح محمود حاج عبد بعنوان: “واقع المراعي في منطقة السفوح الشرقية من فلسطين” عام 2003 أن مربي الثروة الحيوانية الفلسطيني ينفرد بمشاكله عن غيره من المربين في الدول المجاورة والعالم.

وبينت الدراسة أن مشاكل مربي الثروة الحيوانية في منطقة السفوح الشرقية من فلسطين تنحصر في وجود المستوطنات وانتشارها في جميع الأماكن، إضافة الى التجمعات العسكرية وأنشطتها، وفقر المرعى لأدنى مقوماته من الغطاء النباتي في حجمه وتنوعه، وقلة المياه في المرعى اللازمة للمواشي لمتابعة عملية الرعي، وأسباب أخرى تركزت على الخدمات وتلوث المناطق وغيرها.

وتضيف الدراسة: “حوالي نصف مربي الثروة الحيوانية في منطقة السفوح الشرقية مشكلتهم الرئيسة أثناء الرعي هي التواجد العسكري الاستيطاني الذي يحول دون تواجدهم في المرعى، إضافة إلى ما يتعرضون له من مضايقات وخسائر يومية في الممتلكات والمواشي، جراء تلك الممارسات لطردهم من المناطق، واللجوء إلى المحاكم والقرارات العسكرية لطردهم”.

وتبين الدارسة أن 44% من مربي الثروة الحيوانية يتمكنون من رعي حيواناتهم خارج مناطقهم، و66 % محظور عليهم الرعي خارج مناطقهم، وذلك لتواجدهم في المناطق القريبة من تجمعات الاحتلال الاستيطانية، والعسكرية.

الاخبار العاجلة