هل نحن مستعدون للسيناريو الأسوأ؟

10 مارس 2020آخر تحديث :
هل نحن مستعدون للسيناريو الأسوأ؟
صدى الاعلام _ رام الله :  مع تواصل انتشار فيروس كورونا في دولة فلسطين، والإجراءات الاحترازية التي تتخذها الحكومة تباعا بمساندة من المحافظين ورؤساء البلديات وأجهزة الدولة المختلفة، وفي ظل التقديرات بزيادة عدد الحالات المصابة بالفيروس أو الخاضعين لحجر صحي منزلي، يلوح في الأفق السيناريو الأسوأ: فرض الحجر الصحي المنزلي على محافظة أو مدينة بأكملها للحيلولة دون تفشي الفيروس. فهل نحن مستعدون لهذا السيناريو؟ وكيف سيتم تأمين مستلزمات المعيشة اليومية للمواطنين في منازلهم؟

في محافظة بيت لحم والتي سجلت حتى اللحظة 25 إصابة بالفيروس، يخضع نحو 2500 مواطن للحجر الصحي المنزلي. في حين تغلق الأجهزة الأمنية الطرق المؤدية لفندق “انجل” الذي جرى تحويله لمركز حجر صحي للحالات المصابة بداخله.

الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة والمحافظة، شلّت مناحي الحياة كافة في بيت لحم. أغلقت كافة المؤسسات والمرافق العامة والكنائس والمساجد والأديرة والفنادق أبوابها.

وللتعامل مع الظروف الاستثنائية، شكّلت عدة لجان في المحافظة لتوفير كل ما يلزم من دعم وإسناد للجهود الحكومية المبذولة للسيطرة على الأزمة والحد من انتشار الفيروس.

محمد الجعفري، رئيس لجنة الإسناد العليا في المحافظة، أكد إن “الوضع في المحافظة ما يزال تحت السيطرة“.

ولفت إلى أن وزارة الصحة زودتهم بأسماء وعناوين المواطنين الخاضعين للحجر الصحي المنزلي، وجرى تزويدهم بالأمس بطرود غذائية ولوازم صحية وأدوية ومعقمات، موضحاً أن عملية تسليم الطرود تولتها طواقم من وزارة الصحة، وجرى نقلها بمركبات تابعة لقوى الأمن.

وأكد الجعفري أن مئات المتطوعين من الإغاثة الطبية والهلال الأحمر وحركة فتح يساندون اللجان المختلفة في عملها، مشيراً إلى أن أعدادا كبيرة من المتطوعين أبدت استعدادها للتعاون والمساندة إلا أن الجهد المطلوب في الوقت الحالي لا يتطلب استنفار عدد أكبر.

وحتى اللحظة، لم تشكّل في بيت لحم أية لجان أحياء للتعامل مع سيناريو أسوأ يتمثل بزيادة أعداد الخاضعين للحجر الصحي المنزلي، كما أن الطرود التي تم تسليمها للمحجورين لم تخضع للتعقيم، وفقاً للجعفري.

وأوضح: “ارتدت الطواقم التي سلمت الطرود ملابس واقية وكمامات وكفوف، إلا أن الطرود لم يتم تعقيمها“.

ووفقا للأبحاث الطبية، ينتقل فيروس كورونا من شخص لآخر عن طريق الاحتكاك بشخص مصاب، والعطس والسعال، أو حتى ملامسة الأسطح والأدوات الملوثة التي لمسها المصاب، حيث يمكن للفيروس أن يبقى حياً على هذه الأسطح لمدة تصل إلى 9 أيام.

هذه المعلومات، تستوجب اتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر في التعامل مع أي طرود أو مواد يتم تسليمها أو استلامها من المصابين بالفيروس أو المشتبه بإصابتهم ويخضعون لحجر صحي إحترازي.

وفور الإعلان عن تفشي الفيروس في محافظة بيت لحم، واكتشاف حالة مصابة في محافظة طولكرم، اتخذت سائر المحافظات إجراءات احترازية ووقائية للحد من انتشار الفيروس، تماشيا مع حالة الطوارئ التي أعلن عنها الرئيس محمود عباس لمدة 30 يوما، وبالتوزاي مع الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة لتنفيذ المرسوم الرئاسي.

وأغلقت المطاعم والمقاهي والقاعات والصالات العامة والأندية وأماكن التجمعات في المحافظات المختلفة، ووضعت خطط الطوارئ في كل محافظة للتعامل مع أي تفشي محتمل للفيروس.

وشكّلت كل محافظة لجان طوارئ لمواجهة “الكورونا” تضم مختلف الأذرع الطبية والأمنية والخدماتية، إلا أن فكرة تشكيل لجان أحياء تضم متطوعين مجهّزين بالملابس الواقية وكافة اللوازم، ما زالت في طور النقاش في أحسن الأحوال ولم تطرح على طاولة التنفيذ بعد.

وفي رام الله، والتي لم يصلها الفيروس بعد، بدت شوارع المحافظة خالية وغابت أزمة السير التي تشهدها بالعادة، فالمدارس معطلة، والمطاعم والمقاهي التي تعج فيها المدينة مغلقة، والموظفون في الوزرات والمؤسسات من المحافظات الأخرى التزموا بدوام طوارئ في محافظاتهم.

محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام التي قررت إغلاق المقاهي والمطاعم ومنع كافة التجمعات حرصاً على السلامة العامة، قالت “إن القرارات التي نتخذها تباعاً تأتي بناء على تطورات الأمور”، مشيرة إلى أن “إغلاق كل مناحي الحياة والمؤسسات التجارية والعامة يسبب شللاً كاملاً للحياة وهذا ما نتمنى ان لا نصله، مع أهمية اتباع كل منشأة إجراءات السلامة العامة وأعلى درجات الحرص“.

وأوضحت غنّام أن هذه الإجراءات بالنتيجة تهدف لمنع انتشار الفيروس في المحافظة التي لم تسجّل أي حالة حتى اللحظة.

ونظمت الأجهزة المختصة في المحافظة، جولات تفقدية لضمان تطبيق القرارات الصادرة، مع التأكيد على أن من يثبت مخالفته لهذه القرارات والتعليمات يعرّض نفسه للمساءلة القانونية.

 

وبعيدا عن فلسطين، فإن الدول التي نجحت في السيطرة على أزمة فيروس كورونا وحدّت من انتشاره، كانت كلمة السر فيها الإجراءات الحازمة التي اتخذتها حكوماتها، وانصياع مواطنيها لكافة التعليمات، الصغيرة قبل الكبيرة. كما أن نماذج التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، كان لها الأثر الكبير في تجاوز الآثار التي يمكن أن يخلّفها انتشار الفيروس.

في مقاطعة هوبي الصينية، التي يعتقد أنها بؤرة تفشي الفيروس في العالم، أظهرت التقارير والصور الواردة منها كيفية التزام أهالي المدينة بتعليمات الحجر المنزلي، وتشكيلهم للجان أحياء تضم متطوعين وكوادر طبية لتقديم العون والمتابعة بصورة دائمة للمحجورين، وتوفير كل ما يلزم لديمومة الحياة. الالتزام الفردي والمجتمعي بالتعليمات قاد الصين للحد من انتشار الفيروس حيث سجلّت الصين يوم الاثنين إصابة 19 شخصا بالفيروس فقط.

في المقابل، تبذل إيطاليا جهوداً ماراثونية للحد من انتشار الفيروس، وأقفلت حدودها وفرضت إجراءات مشددة طالت جميع سكانها، بعد أن تجاوز عدد المصابين الـ9 آلاف شخص، واقتراب عدد الوفيات من حاجز الـ500 شخص.

الإجراء الذي اتخذته إيطاليا يشبه ما قامت به الصين في مقاطعة “هوبي”، إلا التقارير الواردة من إيطاليا تشير إلى أن الإجراء قد تأخر، وأن عدم التزام المواطنين بتعليمات الحجر الصحي فاقم الأزمة وساهم بتفشي أكبر للمرض.

ومع استمرار انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، حذرت منظمة الصحة العالمية من أن “خطر حدوث وباء” قد أصبح “حقيقيا جدا”، إلا أنه سيكون “أول وباء في التاريخ يمكن السيطرة عليه” وفقا لمدير عام المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس.

وقال: “في النهاية، نحن لسنا تحت رحمة هذا الفيروس”، مشيرا إلى أنه من بين الدول الأربعة التي كان لديها أكبر عدد من الحالات، فإن الصين قد سيطرت الآن عليه.

ووصلت عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد إلى أكثر من 110 آلاف حالة في أكثر من 100 دولة، بما في ذلك أكثر من 3800 حالة وفاة.

الاخبار العاجلة