الطالب حطاب… عندما يوظف الحجر الصحي لتحقيق التفوق

6 أبريل 2020آخر تحديث :
الطالب حطاب… عندما يوظف الحجر الصحي لتحقيق التفوق

منذ اليوم الأول للحجر الصحي للشاب منتصر حطاب في طولكرم، دأب على إكمال دراسته الجامعية عبر الانترنت، والتزم بحضور كافة المحاضرات “أون لاين”، وتقدم للامتحانات المقررة فحصل على نتيجة ممتاز.

حطاب هو الحالة الثانية التي تم الإعلان عن إصابتها بفيروس “كورونا” المستجد بعد إصابة الشاب الثلاثيني فادي عبده من ضاحية ارتاح جنوب طولكرم وهو عامل في أراضي عام 1948.

بدأت قصة منتصر، الشاب العشريني ابن مدينة طولكرم مع الحجر الصحي في السادس عشر من آذار/ مارس المنصرم، بعد إعلامه من قبل وزارة الصحة بأن نتيجة فحصه لفيروس كورنا المستجد إيجابية أي أنه مصاب بالمرض، والتي جاءت بعد أسبوع من عودته من بولندا حيث يدرس الطب في إحدى جامعاتها في السنة الرابعة.

لم يمنعه المرض والحجر من الاستمرار في حياته الدراسية كالمعتاد، ولم يسمح للقلق والتوتر بالسيطرة على جوارحه، فاجتهد ودرس وتواصل مع جامعته في أقصى بقاع الأرض.

وحول تفاصيل يومياته مع الدراسة خلال الحجر، قال لـ”وفا”، “منذ اليوم الثاني للحجر الصحي قررت التغلب على الخوف والبدء بالدراسة، خاصة بعد أن أعلنت الجامعة بأن التعليم مستمر عن طريق الانترنت بتطبيقات مختلفة”.

وأضاف، “منذ لحظة إبلاغي بنتيجة فحص كورونا، وبأنه سيتم نقلي إلى الحجر الصحي في مستشفى الهلال الأحمر، اصطحبت جهاز” اللابتوب” معي، وكنت على يقين بأن هذه الفترة العصيبة ستمضي، فتواصلت مع الجامعة من خلال المحاضرات، وبدأت في الدراسة منذ اليوم الثالث من الحجر  ولم أشعر بمرور الوقت، فكانت المحاضرات تبدأ من الساعة الثامنة صباحا وتستمر من ساعتين إلى ثلاث، ومعها تكون استراحة ساعة زمنية، ثم المتابعة لساعات أخرى”.

الدراسة على الانترنت “اون لاين”، لم تكن بالشيء السهل لدى منتصر لولا تذليل كافة الصعوبات من قبل الجميع وجهات الاختصاص وتعاونهم معه، من شركة جوال التي سارعت إلى توفير شريحة اتصال وانترنت له ما سهل عليه التواصل مع الجامعة بسهولة، إضافة إلى استجابة محافظ طولكرم والأمن الوطني والأجهزة الأمنية ومستشفى الهلال الأحمر لكل متطلباته التي سهلت عليه أمور حياته اليومية داخل الحجر.

انشغال منتصر بالدراسة طوال 22 يوما، جعله لا يشعر بمرور الوقت والأيام، رغم أنه في يومه الأول الذي دخل فيه الحجر، كان متوترا وهذا بالأمر الطبيعي، فقلقه كما يقول ليس على نفسه إنما على أهله من أن يكون احدهم قد نقلت إليه العدوى كونه كان معهم طوال أسبوع كامل بعد عودته من بولندا، قبل اكتشاف إصابته.

وتابع، عن تجربته مع “كورونا”، “لم أكن أتوقع أن تكون إجازتي بين جدران الحجر الصحي مدة تزيد عن 20 يوما، دون أي أعراض مرضية، ولكن كلي إيمان بأنه لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا”.

صباح الأحد الخامس عشر من آذار، استيقظ منتصر من نومه وهو يشعر بآلام في حلقه اتضحت أنها نتيجة التهاب في لوزه،  وهذا بالنسبة له أمر طبيعي اعتاد عليه بين فترة وأخرى في السنة الواحدة، عندما يتعرض لأي لسعة برد.

وأضاف “اعتقدت أنها أعراض طبيعية نتيجة للإرهاق خاصة وأنني صاحبت والدي وكان أصيب بوعكة صحية إلى مستشفى الشهيد ثابت ثابت لإجراء الفحوصات الطبية وتلقي العلاج، أو نتيجة إنني كنت يوم الجمعة قد نمت دون غطاء كون الجو كان حارا نسبيا، ذهبت إلى الطبيب الذي وصف لي مضادا حيويا، إلا أن الشك ساورني فهاتفت الطب الوقائي في طولكرم الذي حضر وأخذ مني عينة، ليبلغنا يوم الاثنين بأن النتيجة إيجابية”.

وحول كيفية انتقال فيروس كورونا إليه أجاب: “لا أدري بالضبط، هناك عدة احتمالات ربما من المطار أو الجسر أو  من طولكرم، ربما من بولندا وهذا احتمال ضعيف لأن بولندا في ذلك الوقت لم تسجل سوى ثلاث حالات كانت قادمة من إيطاليا، ولم تكن مدرجة ضمن الدول الموبوءة، ورغم ذلك أخذت احتياطاتي عند وصولي لمنزل أهلي، لم أسلم على احد وقمت بحجر نفسي والطلب من عائلتي اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية”.

وأوضح أنه سافر من بولندا في التاسع من آذار، بعد إغلاق الجامعة أبوابها، حيث كان دوامه في المستشفى هناك بأقسامها المختلفة، ولكن حفاظا على سلامتهم كطلاب ومن اجل إلغاء أي احتمالية لنقل الأمراض لهم تم إلغاء جميع المحاضرات في المستشفيات.

كورونا” هي بالنسبة لمنتصر تجربة لم يكن يتوقع أن يعيشها بتفاصيل حياة يومية داخل غرفة صغيرة في مستشفى، لكن كانت بالنسبة له درسا في التحمل والإرادة ودافعا له للتغلب على الأفكار السلبية التي يمكن أن تسيطر على المريض وتخفض من مناعته، فاستغل هذه الفترة من حياته بأمور مفيدة كالدراسة التي نجح وتفوق فيها، وكانت مقدمة نحو شفائه من المرض، حيث كانت نتائج فحصه الأخير سلبية، وهو بانتظار الفحص النهائي خلال 48 ساعة المقبلة.

ووجه منتصر تحية للكوادر الطبية والأمنية وكل من ساعده في محنته، كما وجه نصيحة لأبناء شعبه وقال: “لا تفكر انه أنت مش معرض للفيروس، ولكن يجب علينا الالتزام بكل الإرشادات الوقائية، من أجل أهلنا وشعبنا وحماية لكبار السن ومن يعانون من أمراض مزمنة، فسرعة انتشار هذا الفيروس غريبة وسريعة”.

وتابع “وسط هذا الهلع والتوجس من جائحة “كورونا” علينا التحلي بالأمل ومعاضدة بعضنا والتسلح بالإرادة، فالعناية بالصحة النفسية مهمة جدا، والخوف المبالغ سيؤثر على مناعة الإنسان الجسدية، كما أن الوضع داخل الحجر الصحي ليس مرعبا كما يتوقعه الكثيرون، ولكن يجب ألا نسمح للتوتر والخوف بالسيطرة علينا”

الاخبار العاجلة