“المسارات السياحية” تفقد روحها

6 أبريل 2020آخر تحديث :
“المسارات السياحية” تفقد روحها

يجوب الدليل السياحي واجد نوباني جبال ووديان اللبن الشرقية، التي تتوسط الطريق الواصل بين رام الله ونابلس، باحثا عن أسرار الطبيعة وتنوعها النباتي والحيواني، لكنه وحيدا منذ أكثر من شهر، بعد أن توقفت المسارات البيئية؛ إثر فيروس “كورونا”.

وتزامن تفشي الفيروس في الفترة التي تنشط فيها عادة مسارات بيئية وسياحية تنظمها مجموعات شبابية تجوب أرجاء فلسطين تحت مسميات عدة، نظرا لاكتساء أراضيها العشب الأخضر وعيون المياه والتنوع البيئي والمناخي.

وازداد الإقبال خلال السنوات القريبة الماضية على سياحة مسارات المشي، بهدف التعرف على البلاد وزيادة وعي المجموعات الشبابية بأهمية الحفاظ على الأرض من التوسع الاستيطاني، والترفيه عن النفس، كما باتت تلك المسارات مصدر دخل لعدد من منظمي تلك المسارات.

نوباني (31 عاما)، خريج علم النفس، الذي دفعه شغفه لتوثيق الطبيعة والحياة البرية، اعتاد منذ قرابة ست سنوات على تنظيم مسارات بيئية في بلدته اللبن الشرقية، وقرى سبسطية، الطيبة، ..عمورية، عارورة، الأغوار الفلسطينية.. وغيرها الكثير، لمجموعات من شباب الجامعات، وفلسطيني الـ48، لكن الفيروس أوقف كل تلك المسارات هذا العام.

يقول نوباني  “اعتدت كل عام على تنظيم مسارات سياحية في أيام الجمع والسبت في شهري آذار ونيسان، نظرا لخصوبة الأرض واستقرار الأجواء والتنوع النباتي والحيواني وعيون المياه، والتي كانت غاية المتنزهين، لكن إعلان حالة الطوارئ وإغلاق الطرق ومنع التنقل بين المحافظات ألغى كل شي هذا العام”.

ولا يهدف النوباني من تنظيم المسارات لتحقيق الربح وفق قوله، بل لسداد أثمان كاميرات يشتريها مع بدء موسم المسارات البيئية لتوثيق الطبيعية وتصوير زواره، ولسداد أجور عمال ينظفون أماكن أثرية في جبل طروجا في قريته، على نفقته الخاصة.

التجوال الرقمي، كان البديل أمام نوباني ليعوض المجموعات الشبابية ومغتربين بلده عن الحرمان من التنزه، وذلك عبر بث فيديوهات على صفحته في “فيسبوك”، بهدف استمرار التواصل مع محبي الطبيعية ولبث نوع من الأمل بأن قريبا ستنتهي الجائحة وستعود المسارات للطبيعة، وفق قوله.

نحن أبناء الجبال، فلا مجال ألا نخرج للتمتع بالطبيعة، مع الحفاظ على عدم التجمعات والاختلاط”.. يؤكد نوباني.

لكن رغم الشلل الذي أصاب المسارات البيئية ضمن مجموعات، إلا أن جولة بسيطة في الريف الفلسطيني تظهر عائلات فلسطينية استغلت حالة الطوارئ وتوقف الأعمال للتنزه في الجبال بحثا عن اللوز الأخضر والعكوب والنباتات الطبيعية الأخرى.

ويظهر تصفح بسيط لمواقع التواصل الاجتماعي، حجما كبيرا من صور لمواطنين لجأوا لزراعة أراضيهم والاهتمام بها، في ظل حالة الحجر المنزلي.

ووفق المنظمة العربية للسياحة فإن السياحة العربية البينية تمر بأسواء ظروفها وتدنت لأقل من 10% وخسائرها حتى منتصف آذار وصلت الى 15.3 مليار دولار جراء فيروس كورونا.

وفي بيان مشترك للمنظمة العربية للسياحة والمنظمة العربية للطيران المدني والإتحاد العربي للنقل الجوي، فإن قطاع السياحة والسفر يواجه أزمة لم يشهدها في تاريخه نتيجة لإنتشار الوباء، حيث يتوقع أن تؤدي هذه الأزمة إلى خسارة عالمية بأكثر من 75 مليون وظيفة يدعمها هذا القطاع الحيوي الذي يعتبر من القطاعات الاقتصادية الأساسية.

ويوضح المدير العام لاتحاد مسار إبراهيم الخليل جورج رشماوي لـ”وفا”، إنه عند إعلان حالة الطوارئ بداية آذار، اضطروا إلى نقل مجموعة سياحية وصلت إلى بلدة جبع جنوب جنين بعد مسير أربعة أيام من قرية رمانة شرق المدينة، كان مخطط أن يسيرون ضمن مسير يمتد على مدار 21 يوما.

ومسار إبراهيم الخليل هو مسار ثقافي اجتماعي يمر عبر الضفة الغربية ابتداءً من قرية رمانة  شمال غرب جنين وصولا الى قرية بيت مرسم جنوب الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل. ويمتد على مسافة 330 كم يقودك خلالها نحو أعماق ذاكرة وتراث الشعب الفلسطيني ويدعوك لاكتشاف الحياة الريفية في القرى، تقاليد الضيافة العربية المتأصلة والطبيعة الخلابة.

ويشير رشماوي إلى أن الاتحاد الذي يتعاقد مع 20 مكتبا سياحيا في الضفة الغربية، اضطر لإلغاء حجوزات قرابة 50 مجموعة سياحية دولية، يتراوح عدد المشاركين بالمجموعة بين 10-12 سائحا، خلال شهري آذار ونيسان وعشرات الفعاليات المحلية، إثر حالة الطوارئ.

ويتراوح المعدل السنوي للسياح مع مبيت الذي يستقبلهم المسار بين شهري ايلول وأيار بين 6-7 الاف سائح، وكل فرد يصل مصروفه اليومي قرابة 80 دولارا، وفق رشماوي.

ويؤكد رشماوي أن الاتحاد يجهز خطة لما بعد حالة الطوارئ، تتمثل بزيادة المنطقة التي يشملها المسار حتى تصل إلى 500 كم بإضافة مناطق شرق القدس وغربها، كما سيعمل على تنظيم مسابقة صور تستهدف القدس ومسار إبراهيم في الفترة الماضية تحث المواطنين على تصويرها من منازلهم خلال فترة الحجر، وعلى تروج المشي بلا توقف.

ووفق مدير عام السياحة الداخلية بوزارة السياحة والآثار أحمد نعيرات، فإن الاحصاءات السياحية للفترة بين 1-1-2020 الى 10-3-2020 بلغت 47942 زائرا، منهم 22187 أجنبيا، و25755 محليا، فيما بلغت في ذات الفترة من العام الماضي 976221 منهم 601645 أجنبيا، و374576 محليا، أي بتراجع بلغ 95%.

وحول ليالي المبيت، أوضح نعيرات أنها بلغت في الفترة المذكورة من عام 2020، 11605 ليلة مبيت بينها 10401 أجنبي، و1204 محلي، فيما بلغت بذات الفترة من العام الماضي 347536 ليلة، منها 320385 للأجانب و27151 للمحليين، بتراجع بلغ 97%.

فيروس كورونا كما شل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فإن له ارتدادات سلبية على المستوى الاقتصادي السياحي”. يؤكد نعيرات.

ويوضح نعيرات لـ”وفا”، أن قطاع السياحة عادة الأكثر تضررا بالهزات الأمنية والسياسية والاقتصادية، وأن الأمل كان بأن تعوض السياحة الداخلية الأثار المترتبة على توقف السياحة الخارجية، إلا أن إعلان حالة الطوارئ التي حدت من الحركة والتنقل بين المحافظات انعكست على حركة المسارات السياحية والبيئية المنتشررة في كل ارجاء فلسطين.

ويشير إلى أن مسارات السياحية الداخلية تتكون من مجموعات متناثرة لا تخضع لسلطة ولا يوجد احصاء أو قانون يحدد عملها، وعادة تتكون من مبادرات شبابية، إلا أن الوزراة تعمل على تجهيز كتاب حول المسارات البيئية يضم ثلاثين مسارا، هي الأكثر رواجا.

وأشار إلى أن بعضها يتعلق بمسارات تركز على التنووع الحيوي والمحميات طبيعية مثل وادي القلط، وأخرى على التراث الثقافي الديني مثل مسار ابراهيم، وهناك مسارات التنوع البيئي والنباتي مثل مسار عجة وفقوعة، وأخرى مرتبط بالتراث العالمي مثل مسار بتير.

وحول فكرة التجوال الرقمي، أكد نعيرات أهميتها في ظل حالة الطوارئ كترويج للأماكن السياحية، مردفا “لكن يجب الالتزام بحالة الطوارئ قدر الإمكان خسارة أنية ولا خسارة طويلة”.

الاخبار العاجلة