عائلات تنظر إلى المستقبل بعين الخطر

7 أبريل 2020آخر تحديث :
عائلات تنظر إلى المستقبل بعين الخطر
صدى الاعلام _  الأغوار: ترتبط وفرة المياه، والمراعي تاريخيا، ارتباطا قويا مع استقرار العائلات الفلسطينية، في الشريط الشرقي للضفة الغربية، لكن أصبحت تلك العائلات التي أمكن لها عبر سنوات أن تستمر في الحياة في واحدة من أكثر المناطق ضجيجا،  تفكر بالبحث عن بديل “آمن” لمكان سكناهم الحالي.

فقد ظلت المنطقة الغورية على امتداد السنوات الماضية، واحدة من أكثر المناطق وفرة بالمراعي، والمياه، والتي بدأت بالتناقص تدريجيا لأسباب متعلقة بالاحتلال والمستوطنين.

والمعروف تاريخيا، أن بقاء عدد من العائلات التي تسكن في منطقة عين الحلوة بالأغوار الشمالية، اعتمد على استقرار الأمن، وتوفر الغذاء لمواشيهم، وهو نمط الحياة المعتمد في تلك المناطق.

لكن، لماذا تقرر بعض العائلات الفلسطينية، الرحيل؟

صيف عام 2016 الملتهب، ظهرت البذرة الأولى للتجمعات الاستيطانية العشوائية في الأغوار الشمالية، ثم أخذت بالتزايد في عدة أماكن،  ومنذ أن بدأت تلك التجمعات العشوائية، تطفو على السطح، أخذ أرباب بعض العائلات الفلسطينية بالتفكير بشكل جدي بالرحيل عن  أماكن سكناهم.

واليوم، أصبح في الأغوار الشمالية 4 بؤر استيطانية جديدة، كما يقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة. وكلها ليس لها أسماء واضحة، سوا تلك التي يطلقها الفلسطينيون عليها نسبة إلى المكان المقامة فيها.

تاريخيا، كان السجل الخاص بحياة عشرات العائلات مليء بأحداث الترحال، بحثا عن الكلأ والماء لمواشيهم، وهو ليس بالعمل الهين على تلك العائلات، وهذا أمر ليس مستبعدا أن تترك عائلات فلسطينية الأغوار الشمالية وتسكن أماكن أخرى ملاحقة وفرة سبل المعيشة.

لكن هذه المرة، رحيل بسبب آخر،  ضيق الحياة بسبب المستوطنين.

تشير الوقائع إلى أن تأثير المستوطنين اليوم، صار أكثر من النظام التقليدي الذي اتبعه الاحتلال، كالهدم، والإخطارات، والطرد، والتي ترمي كلها لتفريغ الأغوار من السكان.

ورغم أن تواجد تلك العائلات كان أبا عن جد، من المسلمات التاريخية في الشريط الشرقي لطوباس، إلا أنها بدأت تنظر إلى المستقبل “بعين الخطر”، وهو تعبير عن التخوف من استمرارية الحياة فيها.

عندما تحدث فتحي دراغمة، وهو أحد سكان عين الحلوة منذ 30 عاما تقريبا، لمراسل “وفا”، مفتتحا كلامه: “الوضع أصبح سيئا، ولا يطاق”. وكان يريد في ذلك وصف أن الحياة في ظل التواجد الاستيطاني، صارت مستحيلة. حيث قال إنه فعليا يقترب من الرحيل من تلك المنطقة.

يكرر كلامه عدد من مربي الماشية، أثناء تواجدهم عند مجرى نبع عين الحلوة، وهي نبع نقصت مياهها في السنوات القليلة، مجمعين على تفسير أن رحيلهم من المنطقة سيكون كرها لضيق الحياة، بسبب التوسع الاستيطاني على حساب رزقهم، كما وصفوه.

هذه الأيام، أكثر ما يتداوله رعاة الماشية الفلسطينيين، هو ما يفعله المستوطنون في الأغوار الشمالية، بهم. وفي كثير من المرات، يروون تفاصيل مواجهاتهم مع المستوطنين، والتي تنتهي غالبا بسيطرة المستوطنين، المحميين بجيش الاحتلال على مزيد من الأراضي.

منذ سنوات بدأ المستوطنون بالتواجد على شكل تجمعات صغيرة في الأغوار الشمالية، ثم بدأت النتائج الفعلية تظهر على تواجدهم في تلك المناطق، بالتوسع الأفقي على حساب الأراضي الرعوية التي كانت مصدرا غذائيا مجانيا للفلسطينيين.

يقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة، إن المستوطنين باتوا الآن يستولون على عشرات الآلاف من المناطق الرعوية، وهي ما نسبته 40% من المراعي في الأغوار الشمالية“.

فعليا، هذا واحد من الأسباب التي تجعل العائلات تفكر بالرحيل عن الأغوار، فهذه العائلات تعتمد بشكل أساسي على تربية الماشية، التي تحتاج إلى المراعي الواسعة، وهو الشيء الذي بدأوا بفقدانه لصالح المستوطنين.

واقفا تحت ظل شجرات بجانب مجرى عين الحلوة، قال فتحي، “إذا ظلت الأمور هكذا، سأرحل إلى طوباس“.

وقال دراغمة: “سنويا، تضطر ما يقارب من 100 عائلة فلسطينية في الأغوار الشمالية، لتغيير أماكن سكنها بسبب المستوطنين“.

قبل أيام، اعتدى مستوطنون على الشاب مهيب دراغمة، وهو نجل المواطن فتحي، أثناء رعيه أبقاره بالقرب من منطقة عين الحلوة، وأصابوه برضوض استدعت نقله إلى المستشفى.

ووفقا لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم”: “أضحى عنف المستوطنين (وأحياناً عنف المواطنين الإسرائيليّين الذين ليسوا مستوطنين) ضدّ الفلسطينيين منذ فترة طويلة جزءاً لا يتجزأ من روتين الاحتلال في الضفة الغربيّة، وتشمل أعمال العنف هذه (التي ينتج عنها انتهاك لحياة الفلسطينيّين وسلامة أجسادهم وممتلكاتهم وأراضيهم) مجموعة واسعة من الممارسات“.

الآن، أصبح في سجل الفلسطينيين عشرات الخِرب الفارغة من سكانها، بعدما قرروا الرحيل عنها سابقا، تجنبا لعنف الاحتلال، والمستوطنين.

ومنذ تسعينات القرن العشرين أنشئت نحو 100 “بؤرة استيطانيّة” في أماكن كثيرة في أنحاء الضفّة الغربيّة، وهذه “البؤر الاستيطانية” توسّع مجال سيطرة المستوطنات وتضاعف مرّات ومرّات مساحات الأراضي الفلسطينيّة المنهوبة، وهذا النهب ترافقه أعمال العنف والتهديدات ومهاجمة الرّعاة وسلب الأراضي الفلسطينيّة، وفقا لــ”بتسيلم“.

الاخبار العاجلة