معايدة عن بعد

15 أبريل 2020آخر تحديث :
معايدة عن بعد
السلام عليكم ورحمة الله، كيفك دكتور، شو أخبارك ماما؟ إن شاء الله تمام، حبيبي ماما تمنيت اكون معك لانو عيد ميلادك اليوم، وإن شاء الله عقبال الـ100 سنة، وان شاء الله ربنا بيحميك وجميع الاطباء معك، لانو عملكن التطوعي كتير حلو. ربنا يسعدكم ويبعد عنكم الوباء، ونشوفكم عن قريب يا رب، الله يجمع شمل كل الناس، يا ريب يبعد الوباء عن الجميع، دير بالك على حالك ماما، الله يسعدك، سلام حبيبي“.

نص رسالة صوتية، أرسلتها مها العلي لنجلها الطبيب الشاب خالد المعالج لمرضى فيروس “كورونا” في مستشفى “هوجو تشافيز” في رام الله فجر أمس الأول، لمعايدته بيوم ميلاده السابع والعشرين.

الوالدة مها، العالقة في الأردن بعد اغلاق معبر الكرامة، في اطار الاجراءات الاحترازية لمنع تفشي الفيروس، لم تستطع انتظار الصباح لتحدث ابنها عبر الهاتف، فأرسلت له رسالة صوتية فجرا كي تكون كلماتها أول ما يصحو عليه نجلها في عامه الجديد، تقول لـ”وفا”.

والوالدة العلي من أصل سوري كانت في زيارة لأهلها في سوريا بداية آذار المنصرم، عادت سريعا إلى الأردن وعلقت هناك، وتستضيفها عائلة قريبة، وهي الآن لا تستطيع العودة إلى نابلس بسبب اغلاق معبر الكرامة، لتكون بعيدة للأسبوع الخامس على التوالي عن زوجها وأبنائها في الحجر المنزلي في نابلس، وعن خالد أيضا في رام الله.

وكان وزير الصحة الأردني سعد جابر، قد أعلن في التاسع من شهر آذار المنصرم قرار الأردن وقف حركة السفر مع لبنان وسوريا وإغلاق المعابر مع فلسطين وتجميد حركة المرور البحري مع مصر، ضمن قرارات حكومية اتخذت لمنع انتشار كورونا.

العلي الطبيب الذي تخرج منذ عامين فقط من كلية الطب البشري في جامعة النجاح الوطنية، ويعمل في المستشفى الاستشاري في رام الله، كان من أوائل من لبّوا نداء الواجب والانسانية بالتطوع بالعمل في مستشفى هوغور شافيز في رام الله.

وتعتمد العائلة التي فرقها الفيروس وشتت شملها على الرسائل ومواقع التواصل الاجتماعي، لتصبح طريقة التواصل والاتصال ونقل مشاعر الحنان والتأييد وحتى عواطف الأمومة والأبوة والأخوة فيما بينهم من خلالها.

أحمد شقيق الطبيب العلي، صحفي رياضي قرر الاحتفال بعيد ميلاد شقيقة بشكل مختلف من داخل منزل العائلة في نابلس، ليدخل السعادة لقلب شقيقه.

وضع بعض المأكولات على الطاولة، وخلفها “ستاند” خاص يحمل صورة الطبيب يوم تخرجه وكأنه يقف في المنزل وأرسل التهنئة بصوته متمنيا له العودة سالما مع انتهاء فيروس كورونا.

ربما تتفاجأون اذا قلت إنها من أجمل المرات التي احتفل فيها بعيد ميلادي، حيث المكان الذي يجب أن أكون به لأقوم بواجبي، فالتهاني وصلت جميعها، وتأييد ودعم الجميع أشعرني أن ما أقوم به قمة في النضال، وهذا ما تمنيته طوال حياتي، أن أحمل رسالة سامية”، يقول الطبيب العلي.

ويعمل العلي منذ الرابع من شهر نيسان الجاري في مستشفى هوغو تشافيز، التي تحولت لاستقبال مرضى “كوفيد 19″، ولا يعلم كم هي المدة التي سيقضيها داخلها.

عندما طُلب من المستشفيات الخاصة، تقديم متطوعين للعمل في مجال علاج المصابين بفيروس كورونا، قررت سريعا أن أكون منهم، وكان ذلك”، يضيف العلي.

ويتابع: “وجدت دعما ومساندة كبيرين لقراري من جميع المحيطين، من أطباء، وعائلة، وأصدقاء، خاصة أنني في بداية مسيرتي الطبية”.

وحول مرضى كورونا في مستشفى هوغو تشافيز، يقول الطبيب العلي: “هناك تقدير واحترام للأطباء، والمرضى حريصون أشد الحرص علينا ويلتزمون بالتعليمات، والاجمل دعواتهم لنا بالتوفيق والصحة والعافية”.

كورونا” لم يشتت عائلة العلي فقط بل غيّر نمط حياة أفرادها وأدوارهم، فبينما يقوم خالد بواجبه الانساني لمحاربة الفيروس، تحول الشقيق أحمد في غياب والدته الى ربة منزل كما يقول، فهو من يقوم بأعمال المنزل الذي يسكن فيه مع والده.

الوالدة مها تراقب عن بعد، حياة أبنائها الأربعة وعائلاتهم، إضافة الى أحمد وزوجها في منزل العائلة، وخالد في رام الله بلوعة الفراق، وتنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تعود به الى عائلتها، وتجتمع بأبنائها.

العلي ليست العائلة الوحيدة التي شتتها فيروس “كورونا”، فهناك الكثير في فلسطين والعالم عالقون خارج أوطانهم، ولا يستطيعون العودة، ليكونوا الى جانب عائلاتهم، وهم أكثر من ينتظر انتهاء هذه الأزمة.

الاخبار العاجلة