دائرة شؤون المفاوضات: الأسرى في سجون الاحتلال.. بين تهديد “كورونا” ووحشية الاحتلال

16 أبريل 2020آخر تحديث :
دائرة شؤون المفاوضات: الأسرى في سجون الاحتلال.. بين تهديد “كورونا” ووحشية الاحتلال

 تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، جرائمها بحق 5 آلاف أسير يقبعون في سجونها، في ظروف قاسية ولا إنسانية، ضاربة بعرض الحائط كافة القوانين والقرارات الدولية.

 وأعدت دائرة شؤون المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، اليوم الخميس، تقريرا يسلط الضوء على أبرز الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى.

وقالت دائرة شؤون المفاوضات: لم يقتصر اعتقال سلطات الاحتلال للأسرى الفلسطينيين والتنكيل بهم، على عوامل ذات صفة محددة، فقد استباحت اعتقالهم بشكل متواصل وممنهج وواسع النطاق في كل الظروف والحالات والأوقات، مستندة إلى منظومة مشوهة من القوانين العسكرية والتشريعات العنصرية التي أجازتها لنفسها كقوة فوق القانون، وسياسات مارست فيها كل أساليب القمع والحرمان والاضطهاد في مخالفة لجميع الشرائع والقوانين الدولية والإنسانية، دفع فيها الأسرى ضحايا الاحتلال ثمناً باهظاً دفاعاً عن كرامتهم وكرامة أبناء شعبهم.

مؤخرا، يعيش الأسرى وعائلاتهم خوفا مضاعفا، بسبب انتشار فيروس “كورونا” المستجد، خاصة في ظل الإهمال الطبي المتعمد الذي يتعرضون له، إضافة إلى حرمانهم من حاجات ومواد أساسية كتلك المتعلقة بالتعقيم وأدوات النظافة من قبل غدارة سجون الاحتلال، وأثر ذلك على حياة الأسرى الصحية.

ومن هنا، يطلق شعبنا عشية إحياء يوم الأسير الفلسطيني، والذي يصادف في الـ 17 من نيسان/ابريل من كل عام، دعوة متجددة إلى المجتمع الدولي من أجل التحرك الفوري لإنقاذ حياة الأسرى وضمان سلامتهم قبل فوات الأوان، ومحاسبة السلطة القائمة بالاحتلال على انتهاكاتها بحقهم في كل الأوقات.

إجراءات الاحتلال التعسفية متواصلة رغم انتشار “كورونا”

وقال التقرير إنه لدى تفشي فيروس “كورونا” المستجد في العالم، وإعلان دولة فلسطين حالة الطوارئ منعاً لانتشاره ولحماية المواطنين، أمعنت إسرائيل، وبشكل متنافر مع الطبيعة الإنسانية، في تعزيز أدواتها القمعية ضد شعبنا الفلسطيني، خاصة سياسة الاعتقال والتضيق والإجراءات الوحشية بحق الأسرى داخل السجون أبرزها:

  • 1-مواصلة قوات الاحتلال لحملات الاحتجاز والاعتقال المتواصل للمواطنين الفلسطينيين في جميع مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية والقدس المحتلة وقطاع غزة، وسط التخوفات الكبيرة من انتشار فيروس “كورونا”، حيث وصل عدد المعتقلين منذ شهر مارس/آذار إلى أكثر من “357” مواطنا من بينهم “48” طفلاً و”4″ نساء، علما أنها اعتقلت منذ بداية العام الجاري فقط نحو 1324 مواطنا، منهم 210 أطفال و31 امرأة.
  • 2-إحتجاز سلطة الاحتلال لـ “8” مواطنين أثناء قيامهم بعمل تطوعي لتعقيم مرافق وشوارع أحياء مدينة القدس المحتلة من الفيروس في 26 آذار الماضي، كما احتجزت 4 مواطنين في باب الأسباط في البلدة القديمة بالقدس للسبب ذاته، واستولت على معدّات التعقيم في 23 آذار، ومنعت متطوعين من تنفيذ وإكمال عملهم على التعقيم ورفع الوعي حول الوقاية من الفيروس في البلدة القديمة في الخليل، وأجبرتهم على الخروج بقوة السلاح في 24 آذار.
  • 3-استهداف قوات الاحتلال لمقار لجان الطوارئ الفلسطينية ومداهمتها، كما حصل في بلدة حزما في 30 آذار الماضي، والاعتداء على العاملين فيها وعلى الطواقم المنتشرة على مداخل البلدة، وكذلك الأمر في قرية صور باهر التي اعتقلت فيها قوات الاحتلال 3 مواطنين من أعضاء لجان الطوارئ فيها، بعد أن استولت على 300 طرد غذائي كان سيتم توزيعها على عائلات بحاجة إلى المساعدة في 31 آذار/مارس.
  • 4-احتجاز القيادات الفلسطينية بشكل متكرر في القدس المحتلة وباقي مناطق فلسطين، وتشديد الخناق على المدينة، حيث في 3 نيسان/ابريل الحالي، اعتقلت شرطة الاحتلال ومخابراتها وزير القدس فادي الهدمي بعد أن حاصرت منزله باستخدام الكلاب البوليسية، وحطمت الأبواب الخارجية والداخلية، واعتدت عليه خلال عملية التحقيق، وأجبرته على ارتداء كمامة مستعملة عليها بقع من الدماء، كما أعادت اعتقال محافظ القدس عدنان غيث في 5 نيسان الحالي، بالإضافة إلى أحد أفراد الشرطة المدنية الفلسطينية من مدينة نابلس إبراهيم أبو غوش، بعد اقتحامها في 2 نيسان.
  • 5-مواصلة إدارة سجون الاحتلال لقرارها العنصري، بسحب نحو 140 صنفا من المواد الغذائية والحيوية ومواد النظافة الصحية من السجون، وخاصة أدوات التعقيم وغيرها من المواد، وإبقاء الأصناف باهظة الثمن، وتخفيض عدد محطات التلفزة من عشرة إلى سبع، وتخفيض عدد أرغفة الخبز للأسير الواحد، وسحب البلاطات التي تستخدم للطبخ، ووقف ودائع السلطة الوطنية الفلسطينية لهم، ومنع إدخال احتياجاتهم، ومنعهم من التواصل مع عائلاتهم عبر الهاتف، بعد أن منعت زيارة الأهالي والمحاميين في ظل ظروف عالمية صعبة من انتشار “كورونا”.
  • 6-رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الإفراج عن الأسرى الأكثر ضعفا بمن فيهم الأسرى المرضى وكبار السن، والأطفال، والنساء، والإداريين والذين شارفت محكوميتهم على الانتهاء، ورفضها القيام بالإجراءات والتدابير الاحترازية والوقائية الجدية لحماية الأسرى داخل السجون لمواجهة الفيروس، وإيقاف نظام الخصم “المنهلي” الذي تستخدمه للحد من اكتظاظ السجون.

إسرائيل نظام استعماري فريد في التحكم والقمع

وأضاف التقرير أنه في ظل انتشار الفيروس، أصدرت منظمة الصحة العالمية سلسلة من المبادئ التوجيهية بالتعاون مع المفوضة السامية لحقوق الإنسان حول “كوفيد-19 كورونا المستجد” والتركيز على الأشخاص المحرومين من حريتهم، وأطلقت الأمم المتحدة نداءات عاجلة للإفراج عن السجناء، واتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأشخاص المحرومين من حريتهم أثناء الفيروس، بما فيها بيان المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليت.

وأكدت باشليت فيه ضرورة أن تقوم الحكومات بإطلاق سراح كل معتقل دون أساس قانوني كافٍ، بما في ذلك السجناء السياسيين، لتعبيرهم عن آراء نقدية أو مخالفة، وكذلك فعلت اللجنة الفرعية لمنع التعذيب، كما أطلق مبعوثو الأمين العام للأمم المتحدة للشرق الأوسط بيانا مشتركا في 11 نيسان الحالي، طالبوا فيه “بإيلاء اهتمام خاص لمحنة المعتقلين والمخطوفين والمفقودين، وللإفراج الإنساني، ولحرية وصول المنظمات الإنسانية، ولخطوات عاجلة لضمان رعاية طبية كافية وتدابير وقائية في جميع أماكن الاحتجاز.

وبناء على هذه التوجيهات ولاحتواء انتشار الفيروس، استرشدت بعض الدول الأوروبية باتخاذ إجراءات محددة لضمان سلامة السجناء، تحسباً من عواقب الفيروس على الظروف المعيشية في السجون، وأدخلت التحسينات عليها في ظل هذه الأوضاع الصعبة عالمياً.

وعلى سبيل المثال: “اتخذت إدارة السجون البلجيكية تدابير عديدة لحماية السجناء وموظفي السجون، وتم تصنيع 3 آلاف قناع طبي تم توزيعها في السجون منذ 13 آذار الماضي، ولا زال العمل في طوره لإنتاج العديد منها وتوزيعها.

وفي فرنسا، أعلنت وزارة العدل أنه سيتم إطلاق سراح حوالي 5 آلاف شخص ممن شارفت مدة سجنهم على الانتهاء، ومنحت كل سجين رصيد بقيمة 40 يورو إضافيا على حساب هاتفه بشكل شهري، وهو ما قامت به هولندا أيضاً.

وفي ألمانيا، علّقت العديد من الولايات الفيدرالية الأحكام على القصرّ وأفرجت عنهم، في حين زادت إدارة السجون في لوكسمبورغ غرف الزيارة المخصصة للمكالمات عبر تطبيقات الاتصال المرئي، بينما في دول أخرى مثل المملكة المتحدة، “تم الإفراج عن “6” سجينات حوامل منذ 31 آذار باعتبارهن الأكثر عرضة للخطر، وتم منحهن الإفراج المؤقت لحمايتهن وأطفالهن الذين لم يولدوا بعد، كما تضمنت الخطوة أمهات محتجزات مع أطفالهن الصغار.

وأعلنت وزارة العدل الألمانية في 9 نيسان الحالي، أنه سيتم الإفراج عن أكثر من 4 آلاف سجين في كل المملكة من أجل السيطرة على انتشار الفيروس، اما وفي كندا، فقد أفرج القضاة عن مجموعة من السجناء باعتبار أن بقاءهم خلف القضبان سيوجه لهم مخاطر غير ضرورية في ظل انتشار الفيروس في البلاد.

وذكر التقرير أنه في إسرائيل، فقد “أصدرت سلطة السجون قرارا بالإفراج عن 500 سجين جنائي إسرائيلي شارفت محكوميتهم على الانتهاء، على أن يتم تحويلهم للحبس المنزلي، والإفراج عنهم بعد انتهاء فترة الحكم، وزادت الكانتينا لكل سجين جنائي بمئات الشواقل، في الوقت الذي سمحت فيه بصرف مبلغ 200 شيقل إضافي لكلٍ من السجينات والسجناء خلال عيد الفصح اليهودي.

وأشار إلى أنه على الرغم من أن أسرى فلسطين لدى سلطة الاحتلال هم من الأسرى السياسيين، إلا أنها وبدلاً من البدء الفوري بالإفراج عن الأكثر ضعفاً أو على الأقل اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع انتشار الفيروس، فقد انتقت سلطة الاحتلال تطبيق توجيهات المنظومة الدولية الحقوقية، والتيمن بتجارب بعض الدول على سجنائها الجنائيين فقط، واكتفت إدارة السجون بمنع جميع الزيارات العائلية للأسرى الفلسطينيين دون توفير بديل، ووقف الاتصال المباشر مع المحامين.

وذكر التقرير أن إدارة سجون الاحتلال أحكمت السيطرة على “نحو 5 آلاف أسير فلسطيني في سجونها، بينهم نحو”180″ طفلا، و”41″ أسيرة، ونحو”430″ معتقلا إداريا دون لائحة اتهام، و”700” أسير مريض، منهم نحو “300” حالة مرضية مزمنة بحاجة إلى علاج مستمر، أخطرها صحيا 16 أسيرا يعانون من نقص في المناعة وأمراض مختلفة من بينها السرطان والكلى والقلب”.

وذكر أن عدد الأسرى الذين قتلتهم إسرائيل داخل سجونها وصل 222 أسيرا فلسطينيا منذ بدء احتلالها عام 1967، منهم 67 شهيدا ارتقوا بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمد والتعذيب، و5 أسرى استشهدوا عام 2019 وحده، للسبب ذاته.

ولفت التقرير إلى أن هذه الإجراءات هي تعبير خالص على سلوك النظام الاستعماري الفريد والشاذ، القائم على عقلية السيطرة والقمع البوليسي الممنهج ضد شعبنا الفلسطيني، والذي يهدف في نهاية المطاف إلى تدمير وتفكيك النسيج الاجتماعي والبنيوي، من خلال ترسيخ عزل أبناء شعبنا عن محيطهم الخارجي وعائلاتهم بشكل خاص.

خطة ترامب والأسرى الفلسطينيون

واعتبر تقرير دائرة شؤون المفاوضات أن خطة ترمب أو ما تعرف بـ “صفقة القرن”، التي أفردت مساحة هامة للأسرى ولكن ضمن شروط تعجيزية ومدروسة تتوافق والشروط الإسرائيلية بشكل تام، تتناغم ومخططات إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، حيث منحت الخطة إسرائيل السلطة المطلقة بالتحكم بعملية الإفراج عن الأسرى بما في ذلك التوقيت.

واشترطت بمخالفة جوهرية لمبادئ حقوق الإنسان على كل سجين يفرج عنه التوقيع على تعهد بصيغة إيديولوجية غامضة تتحدث عن تعزيز فرص التعايش بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وأن يتصرفوا بطريقة تعطي نموذجاً للتعايش، وتنص على أن السجناء الذين يرفضون التوقيع سيبقون في السجن.

كما نصت الخطة على “إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الإداريين الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية باستثناء: “المدانون بالقتل والشروع بالقتل، والمدانون بتهمة التآمر لارتكاب القتل، والمواطنون الإسرائيليون” حسب تعبيره.

وقال التقرير إن القيادة الفلسطينية أعربت وبشكل متواصل ودائم عن عدم اعترافها بهذه الخطة، ورفضها المطلق لكل ما جاء بها من إملاءات وشروط لا يقبل شعبنا الفلسطيني بها، ومن أهمها قضية الإفراج عن جميع الأسرى بلا قيد أو شرط باعتبارها ركيزة أساسية لأي حل عادل وشامل مستقبلي يقود إلى تجسيد سيادة دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس.

خطر داهم يواجه الأسرى داخل سجون الاحتلال

وأضاف التقرير إلى أن الأسرى عبروا عن قلقهم وتخوفهم الشديد من تفشي فيروس “كورونا” المستجد داخل سجون الاحتلال، على إثر انتشاره المتسارع في دولة الاحتلال، وإصابة بعض السجانين والمحققين الإسرائيليين به، وطالبوا أحرار العالم بألا يتركوهم يموتون على أسرّتهم بينما تنتشر العدوى دون أن يعالجها أحد، كذلك بالتدخل العاجل لإنقاذ حياتهم، كي لا تتحول السجون إلى مقابر جماعية.

وأعربوا عن استهجانهم من طريقة استهتار إدارة سجون الاحتلال بالتعامل معهم في ظل هذه الظروف، وذلك من خلال رسائل ومناشدات عديدة أطلقوها ووجهوها إلى المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، والمجتمع الدولي لإنقاذ حياتهم في ظل رفض الإدارة اتخاذ التدابير وفحص الأسرى وغيرها من الإجراءات واجبة الإتباع، خاصة بعد الإفراج عن الأسير نور الدين صرصور في الأول من نيسان الحالي من سجن “عوفر”، والذي تبيّن إصابته بفيروس “كورونا”.

وذكر التقرير أن الظروف التي يعيشها الأسرى في الحالات الاعتيادية صعبة للغاية، ترقى معظمها إلى جرائم بنظر القانون الدولي الإنساني، يعانون فيها من سياسات الإهمال الطبي المتعمد، والتعذيب والتنكيل، والعزل في الزنازين الانفرادية، والمعاملة اللاإنسانية والحاطّة من الكرامة، والاعتداء بالضرب وفرض العقوبات، والحرمان الشديد من الحرية والتواصل الإنساني.

وبيّن أنه في ظل افتقار السجون إلى النظافة العامة والتهوية والارتفاع الشديد في الرطوبة، والنقص الحاد في مواد التنظيف العامة والمبيدات الحشرية فكيف ستؤول حال السجون إذا ما أصيب الأسرى بالفيروس؟

واستعرض التقرير شهادات حيّة لأسرى من داخل سجون الاحتلال، التي يعدّ وجودها في إسرائيل انتهاكا صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة.

وفي حديثه، يقول الأسير محمود (35 عاما) من مدينة نابلس، ويقضي محكوميته في سجن نفحة: يوجد في القسم المتهالك والقديم الذي أتواجد فيه 54 أسيرا، منهم أكثر من 7 أسرى مرضى وكبار السن، يتهدد حياتهم الموت في كل لحظة”.

ويضيف “ندير حياتنا اليومية بكثير من الحرص بعد أن قطعت مصلحة السجون عنا أكثر من 140 صنفاً من المواد الغذائية والأساسية بما فيها أدوات التنظيف التي نحن بأمس الحاجة لها الآن، حتى أنهم سحبوا مادة الكلور في البداية وقمنا بالاحتجاج حتى أعادوها”.

ويؤكد “ينطبق ذلك على عدم توفر النقود، فنحن نعيش على حسابنا الشخصي بعكس كل السجناء في العالم، ونقوم بدفع جميع التزاماتنا من الغذاء والملابس وغيرها، ولكن بسبب قطع زيارة الأهالي والمحاميين فإننا نعيش في ضائقة مالية صعبة للغاية، وللأسف العالم مشغول عن ممارسات الاحتلال بحقنا في ظل تفشي كورونا”.

 ويشير محمود إلى الغلاء الشديد في أسعار “الكانتينا”، مردفا: “أسعار الكانتينا تضاعف أسعار السوق، ونحن نعلم أن اموالنا تسرق من قبل “الشاباص” وشركة “داداش” عن طريق رفع الأسعار، وتربحان من وجودنا في السجن”.

وحول تدابير مصلحة السجون للحدّ من انتشار الفيروس يضيف: “إننا قلقون جدا من استهتار الشاباص في التعامل بجدية في هذا الشأن، فهم يقومون بحماية وتعقيم أنفسهم بشكل متواصل بارتداء القفازات والأقنعة ويحرمونا منها، ولأننا ندرك بأن العدوى من الفيروس سوف تهاجمنا آجلا أو عاجلاً بسبب إهمالهم، خاصة بعد أن سمعنا عن إصابة نائب مدير سجن عوفر بالفيروس، فقد اعتمدنا على أنفسنا في إجراءات الحماية من خلال تعقيم الغرف والأقسام وحتى الأغذية التي نحصل عليها من الكانتينا بالماء الساخن والصابون والكلور المتوفر لأنهم لا يعقمون أياً منها”.

ويتابع: “إسرائيل تتخذنا كرهائن لديها، ونحن نعلم أنه لا سمح الله إن أصيب أسير سياسي فلسطيني بالفيروس فلن تزيل إسرائيل جهاز تنفس عن فم إسرائيلي وتضعه في فمنا، ولن تزيل سريراً لإسرائيلي وتوفره لنا، ولن تقدم الرعاية الطبية المطلوبة فهي لا تقدمها في الأحوال الطبيعية، وسيتم التعامل معنا ليس كدرجة ثانية أو ثالثة بل كدرجة أخيرة، إن إجراءات إدارة السجون من شأنها أن تخلق التوتر وعدم الاستقرار في صفوف الأسرى”.

وحول حالة القلق والتوتر التي تعتري الأسرى بشكل عام، على أهلهم في ظروف انتشار كورونا وانقطاع التواصل يقول: “للمرة الأولى منذ الاعتقال نشعر بأننا نحن من يريد الاطمئنان على الأهل والأصدقاء وليس العكس، إنه من أبسط الحقوق الإنسانية الاطمئنان على أحوالهم في ظل الحد من الحركة وإصابة العديد من المواطنين، ومن حقهم الاطمئنان علينا، فالخطر لا زال قائماً، وبانتظارنا وضع كارثي إن لم يتحرك العالم الآن قبل حصول مجزرة وفيات في السجون”.

وفي شهادة أخرى، يقول الأسير حسين (42 عاما)، من مدينة القدس المحتلة، الذي يقضي محكوميته في سجن النقب الصحراوي: نحن مجتمع مصغر ومتعدد، نعيش في ظروف قاسية في هذه الخيم التي أقيمت لغرض القمع والاضطهاد فقط، ولدينا العديد من كبار السن ومن يعاني أمراضا مزمنة، وهناك أسرى بحاجة إلى مدعمات بسبب نقصان المناعة، ونفتقر لأبسط حقوقنا في الطبابة والعلاج والحصول على الدواء، ولوجود طواقم طبية كتلك التي نسمع عنها في كل سجون العالم، يوجد لدينا عيادة واحدة نطلق عليها اسم “المسلخ”،  هذا إن علمتم أن بيئة السجن غير صحية بتاتا ولا تصلح للاحتجاز البشري.

وحول حرمانهم من 140 صنفا يضيف: “على الرغم من هذه الظروف الصعبة أصلا، مارست علينا سلطة السجون سياسة الابتزاز والعقاب بحرماننا من مواد رئيسة نحن بحاجة قصوى إليها، كما سبّب لنا عدم القدرة على إدخال النقود أزمة كبيرة داخل السجن، فنحن لسنا كباقي المعتقلين في العالم الذين يتمتعون بحقوق الحصول على كافة احتياجاتهم على حساب الدولة المعتقلة، نقوم نحن بدفع الملبس والأغطية والغذاء والدخان وغيرها على نفقتنا الخاصة”.

ويشدد على أن “حقوقنا أصبحت مجرد مطالب نقدمها لإدارة السجون ومع ذلك تقابلها بالرفض، وقد ردت علينا مؤخراً أنها تدرس مطالبنا وسترد علينا عقب الانتهاء من عيد الفصح اليهودي، ولكن تجربتنا الطويلة معهم تنذرنا بأنهم لن يقوموا بالاستجابة لنا، فنحن لا نحصل على أي حقوق في الأحوال الطبيعية فما بالك في حالة الوباء”.

ويتابع: “انتشر الرعب بيننا لدى سماعنا برفض المصلحة فحص عينات من سجن عوفر بعد الإفراج عن الأسير المصاب نور الدين صرصور، واكتفائها بنقل المخالطين له في القسم إلى سجن آخر وعزلهم فيه، وهو ليس حجرا صحيا بل زنازين منفردة يشكل وجودهم فيها عقابا”.

ويشير إلى ان “إدارة سجون الاحتلال لم تزودنا بالكمامات أو المعقمات، ولم تتبع توصيات منظمة الصحة العالمية، هناك دول عظمى لم تستطع التعامل مع أزمة كورونا، فماذا سنفعل نحن إذ لا قدّر الله انتشر الوباء في أوساطنا؟ حيث لا يتم تعقيم الأمكنة التي ننام فيها أو نأكل فيها أو في الساحات، إننا في وضع دقيق جداً، وندعو جميع المؤسسات الفلسطينية والعربية والدولية وأعضاء الكنيست العرب في الداخل للتدخل، فما يجري هنا لا يحتمله بشر”.

وطالب “بأن يتم التعامل معنا حسب اتفاقات جنيف والاتفاقات الدولية، والتمتع بكافة حقوق الأسرى، وتفعيل ملف الأسرى في المحكمة الجنائية الدولية.

وطالب الأسيران بالإفراج الفوري في هذه المرحلة على الأقل عن الأسرى المرضى وكبار السن والأطفال والنساء، والتركيز على الملف الطبي والإهمال المتعمد من قبل إدارة سجون الاحتلال.

وفي سجن النقب يطلق الأسرى على الأسير فؤاد الشوبكي، (81 عاماً) من قطاع غزة، اسم الجد، كونه أكبرهم الأسرى سنا.

يقول ابنه حازم الشوبكي: “يعاني والدي من قائمة طويلة من الأمراض، ووضعه الصحي في تراجع مستمر، نظراً لكبر سنه، ونتيجة لظروف السجن الصعبة والإهمال الطبي، يعاني من سرطان البروستات والسكري والضغط ومشاكل في النظر، وضعف الدم”.

ويؤكد أن “والده نُقل إلى مستشفى الرملة أكثر من مرة بعد تدهور وضعه الصحي، وقد أجرى مؤخراً عملية في عينه وسبقتها عمليات أخرى تم فيها استئصال جزء من الكلى لوجود ورم حولها“.

ويضيف: “لا يتلقى والدي العلاج المناسب، وكل ما يحصل عليه هو المسكنات والفحوص كل فترة زمنية، لقد تراجع وضعه الصحي إلى درجة بات فيها لا يقوى على المشي أو الحراك أو الذهاب إلى الحمام دون مساعدة من زملائه.

وحول إنتشار فيروس “كورونا” يشدد حازم: “نحن لا نعلم كيف يتعامل والدي وباقي الأسرى مع هذه الأزمة التي تعصف بالعالم أجمع، وكيف يواجهون القلق من انتشار العدوى في السجون في ظل عدم تبني إدارتها لإجراءات الوقاية والحماية، إنه من الطبيعي أن تقوم إسرائيل بالإفراج الفوري عن والدي وعن كل الأسرى المرضى وكبار السن، فما الخطر الذي يشكله كهل مريض عليها بعد خروجه؟ كل ما نريده هو الاطمئنان عليه فنحن لا نعرف هل هو حي أم يشارف على الموت؟  نريده فقط أن يقضي ما تبقى من حياته مع أبنائه وأحفاده“.

المساءلة الدولية واجبة لإلزام إسرائيل بواجباتها كسلطة مُعتقلة وإنقاذ حياة الأسرى

واعتبر التقرير أنه وسط التخوفات الشديدة على مصير الأسرى داخل سجون الاحتلال، في ظل هذه الظروف الاستثنائية، ومسارعة جميع المكونات الرسمية والمدنية من المنظمات السياسية والحقوقية الفلسطينية والدولية إلى التحرك على الصعد القانونية والسياسية والدبلوماسية للمطالبة بالإفراج الفوري عن الأسرى وتوفير الحماية لهم، وفي ظل عدم تجاوب إسرائيل مع المطالبات الفلسطينية والدولية وتملصها من الانصياع لأحكام القانون الإنساني الدولي، فإن فلسطين تجدد مطالبها لهيئات الأمم المتحدة والدول الأطراف المتعاقدة على اتفاقيات جنيف والمقررين الخاصين للأمم المتحدة بالاضطلاع الفوري بمسؤولياتهم.

ودعا إلى وضع إسرائيل أمام واجباتها كسلطة مُعتقلة، والضغط عليها للإفراج الفوري عن الأسرى المرضى وكبار السن والأطفال والنساء والإداريين ومن قاربت محكوميته على الانتهاء، وفتح السجون الإسرائيلية أمام لجنة دولية للتفتيش والتحقيق، ومعاينة الأسرى، والتأكد من توفير الإجراءات الوقائية لمنع تفشي الفيروس، والتأكد من ضمان سلامتهم وحمايتهم كما نصت عليه القوانين الدولية والإنسانية وقانون حقوق الإنسان.

وطالب بشكل خاص اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتواصل الفعال مع الأسرى في ظل حرمانهم من التواصل مع محاميهم من أجل طمأنة أهلهم وتوفير وسيلة اتصال فوري معهم، وان تباشر المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها أحد أدوات المساءلة والعدالة إلى الإسراع بفتح التحقيق الجنائي قبل ان تبدأ إسرائيل بإحصاء الضحايا في سجونها.

إن نضال شعبنا المشروع في فضح ممارسات الاحتلال وسجانيه، ومساءلته على جرائمه في المنابر الدولية وتحقيق العدالة المنتظرة هو فعل وحق إنساني وقانوني وسياسي صاف من أجل إنصاف ضحايا شعبنا، وإنهاء حقبات مظلمة من تاريخ الاحتلال البغيض.

الاخبار العاجلة