منظمات حقوقية تحذر من فتك “كورونا” بالسجناء السياسيين في إيران

22 أبريل 2020آخر تحديث :
منظمات حقوقية تحذر من فتك “كورونا” بالسجناء السياسيين في إيران

داخل سجون مكتظة في ظلّ نظافة صحية هشّة يهدّدها فيروس كورونا المستجدّ، تجري أعمال شغب وعمليات فرار تقمعها السلطات الإيرانية بعنف، فيما تحذّر منظمات حقوقية من أن وضع المعتقلين في إيران وبينهم سجناء سياسيون، “مقلق للغاية”.

وفي وقت يدور فيه جدلٌ حول عدد الوفيات الدقيق جراء كورونا المستجدّ في إيران، الدولة الأكثر تضررا في الشرق الأوسط، يحذّر مدافعون عن حقوق الإنسان وداعمون للمساجين السياسيين من واقع أن الوباء العالمي وصل فعليا إلى السجون الإيرانية.

وتؤكد كاتيا رو من مكتب منظمة العفو الدولية في فرنسا، لوكالة فرانس برس، أن “الوضع بالنسبة لسجناء الرأي في إيران والذي يصل إلى المئات، مقلق للغاية”، وتواجه إيران صعوبات في احتواء الفيروس، حيث سجل فيها نحو 5297 وفاة و84802 إصابة.

وتعتبر السلطات الصحية وخبراء في إيران وفي الخارج، أن هذه الأعداد أقل بكثير مما هي فعليا، متحدثة عن عدد وفيات أكبر بأربع أو خمس مرات.

من جهته، يقدّر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (معارضة في المنفى) عدد الوفيات في إيران جراء الفيروس بـ 28 ألفا، ولم يتسنّ لفرانس برس التحقق من هذا العدد.

قنبلة إنسانية

وتقول كاتيا رو إن “المعتقلين السياسيين مسجونون أصلا بشكل غير عادل، فوسط هذا الوباء، من المهمّ جدا أن يتمّ الإفراج عنهم من دون شروط”، منددة بظروف الاعتقال السيئة من ناحية الصحة والنظافة الصحية، ومن دون تهوية ووصول إلى نقاط توزيع المياه.

وتضيف أن “السلطات لا تسمح بالوصول إلى خدمات الرعاية المناسبة، وليس هناك فحوص ولا وضع في الحجر الصحي للأشخاص المحتمل أن يكونوا مصابين”.

وبالنسبة لطهران، فإن السجون الإيرانية لا تضمّ أي “سجين سياسي”، وتتهم إيران الدول الغربية بالخلط بين هذه التسمية وحالة الأشخاص المُدانين بجرائم ضد الأمن القومي.

ومنذ آذار/مارس، استفاد حوالي مئة ألف سجين في إيران من إذن بالخروج تم تمديده حتى العشرين من أيار/مايو، بهدف الحدّ من تفشي المرض.

وأُفرج مؤقتا عن معتقلين يحملون جوازات سفر أجنبية على غرار الإيرانية البريطانية نازانين زغاري راتكليف، التي أوقفت عام 2016 وحُكم عليها بالسجن 5 سنوات بتهمة التحريض على “الفتنة”. وتمّ تمديد إذنها بالخروج حتى العشرين من أيار/مايو، لكن لا يزال قيد الاعتقال حملة جنسيتين آخرون تعتبرهم الأسرة الدولية معتقلين سياسيين.

ويرى هادي قائمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران ومقرّه نيويورك، أنه “لن تتم السيطرة على الوباء في وقت قريب في إيران”، ويقول: “الأماكن مثل السجون، وهي أصلا منافية للتباعد الاجتماعي، وستكون معرضة جدا للتفشي، واصفا السجون الإيرانية بأنها مكتظة للغاية.

ويشير المتحدث باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، شاهين جوبادي، في حديث لفرانس برس، إلى أن “وضع هؤلاء المساجين هو قنبلة إنسانية موقوتة”.

عمليات فرار جماعية

بعد أن انتابهم الذعر، هرب عشرات المعتقلين أثناء عمليات فرار جماعية في الأسابيع الأخيرة.

ويعتبر جوبادي أن “المساجين ليسوا بحاجة إلى أن نشرح لهم الوضع المأساوي الذي يواجهونه، معتقلون توفوا جراء كورونا المستجدّ وآخرون نقلوا إلى المستشفى، هؤلاء المساجين يدركون أنه عندما سيدخل الفيروس إلى سجنهم سيصبحون من دون وسائل دفاع، لذلك لجأوا إلى هذه الخطوات اليائسة من أعمال شغب وعمليات فرار”.

وفي تقرير نُشر في التاسع من نيسان/أبريل، تعتبر منظمة العفو أن “آلاف المعتقلين في ما لا يقلّ عن 8 سجون، قاموا بتحركات احتجاجية.

وتضيف في سجون عدة، أطلقت قوات الأمن رصاصا حيا واستخدمت الغاز المسيل للدموع لقمعهم، ما أدى إلى مقتل 36 سجينا وجرح المئات، وفق مصادر جديرة بالثقة.

وتؤكد كاتيا رو من المنظمة، أن هذا التحرك الاحتجاجي في السجون هو أحد أكبر التحركات في السنوات الأخيرة، وهذا يعكس القلق الكبير لدى المعتقلين.

معاناة نفسية

ويوضح هادي قائمي أنه “لم يرَ أبدا قبل اليوم مساجين تجرأوا على الفرار أو التمرد بهذا الشكل”. متهما السلطات باستخدام هذا الوباء كأداة تعذيب للسجناء السياسيين، ويقول: “يبقونهم في وضع خطر (…) وفي ظل معاناة نفسية”. ويتابع بقوله: “إنهم أهداف سهلة”.

وأعلن القضاء الإيراني أمس الثلاثاء، أنه أفرج بشكل موقت عن أكثر من ألف معتقل أجنبي.

وقال المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين اسماعيل: “ما فعلته إيران عبر ضمان صحة السجناء ومنحهم أذون خروج هو خطوة مهمة مقارنة بما فعلته دول أخرى.”

والأسبوع الماضي، دعت مجموعة خبراء في حقوق الإنسان، إيران، إلى توسيع لائحة المعتقلين الذين سيستفيدون من إذن خروج لتشمل سجناء الرأي وحاملي جنسيتين والأجانب.

وتقول هذه المجموعة إن مئات المساجين يواجهون خطرا كبيرا بالتقاط عدوى كورونا بسبب كبر سنّهم ومشاكل صحية.

ولا تعترف إيران بازدواجية الجنسية، وتتهم حكومات أجنبية بالتدخّل في ما تعتبره ملفات متعلقة بقضاياها الداخلية.

وبين مزدوجي الجنسية الذين لا يزالون قيد الاعتقال، الباحثة الفرنسية الإيرانية فاريبا عادلخاه التي أوقفت في حزيران/يونيو 2019 في طهران. ولطالما أكدت براءتها المتهمة بـ”التواطؤ للمساس بالأمن القومي”، وقد أضعفها إضراب عن الطعام دام 49 يوما.

ورغم تفشي الوباء، مثلت الأحد أمام القضاء الإيراني في جلسة جديدة من محاكمتها في طهران.

ويوضح جان فرانسوا بايار، الأستاذ في معهد الدراسات العليا الدولية والتنمية في جنيف، والعضو في لجنة دعم عادلخاه، أن “المخاوف لدى اللجنة بشأن صحة عادلخاه فعلية نظرا إلى خطورة الوضع الصحي. فاريبا موجودة في زنزانة مع عدة أشخاص آخرين”.

غير أنه يشير إلى أن عدد السجينات انخفض، ويبدو أن عددهنّ في سجن النساء تراجع من 42 إلى 18، ويتابع “بقدر ما نعلم، فإن الحارسات يحمين السجينات، فهناك أقنعة واقية ومواد معقمة”.

ولم يغيّر الوباء العالمي سمعة إيران لناحية أنها إحدى الدول التي تعدم أكبر عدد من سجنائها في العالم، إذ إن أحد المعتقلين الأكراد ويدعى مصطفى سالمي الذي فرّ أثناء تمرد في آذار/مارس، أُوقف مجددا وأُعدم بعد بضعة أيام في سجن سقز (شمال)، وفق ما أفادت وسائل إعلام محلية نقلا عن مصادر قضائية.

الاخبار العاجلة