نور البرغوثي.. يعود شهيداً بعد سنوات من الغياب القسري

27 أبريل 2020آخر تحديث :
نور البرغوثي.. يعود شهيداً بعد سنوات من الغياب القسري

إيهاب الريماوي

جلست الطفلة حلا أمام جموع نساء توشحن بالسواد، تقبض بيديها الصغيرتين على سلة زُينت بزهر ورد الياسمين حتى تنثره على جثمان الشهيد الأسير نور البرغوثي.

لم تتمالك حلا نفسها حين وصل الجثمان، أسقطت من يديها السلة ودفنت رأسها في حضن أمها وانفجرت بالبكاء.

وردة الياسمين المزروعة في قاع البيت المكون من عدة غرف قديمة متلاصقة، كان يستظل بها الشهيد عندما يعود بعد نهار طويل في قطف أوراق النعناع البري الذي يملئ في هذا الوقت من العام “واد الليمون” في قريته عابود شمال غرب رام الله، والذي يجلبه لوالدته حتى تصنع له منه أقراصاً.

والدته التي توشحت بالسواد حملت ضمة من ورق النعناع المبللة بدموعها، وشدتها على صدرها وقالت كلمات لا تفهم لكنها تُرى.

“جبنالك العريس يمّا”.. قال شابٌ كان ممن يحملون الجثمان لوالدة الشهيد، وعلى الأرض وضعوا الشهيد حيث كان يحب أن يستريح ويقضي ليالي الصيف.

اختلط النشيج بالدعاء، وأخذت أم الشهيد تتوسل النسوة بالتوقف عن البكاء، وراحت تقول: “نور شهيد.. نيالك يا حبيبي….”.

ولما حان وقت الرحيل والنظرة الأخيرة، حضنت الوالدة ابنها الشهيد وهمست في أذنه: يمّا انت جدع.. عريس يمّا..”.

“عندما كنت أزوره في السجن كان دائماً ما يقول إنه مشتاق لحضني، وللجلوس معي كما اعتاد معظم الأيام”، تقول والدته.

في الوقت الذي كان يسمح فيه لأمه بأن تدخل عنده خلال زيارتها له، كان يحتضنها بحرقة ويخبرها عن شوقه لها وأمله ألا تطول فترة أسره.

قبل اعتقال نور كانت بلدته عابود ساحة مواجهات أسبوعية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكان دائم المشاركة بها، وأصيب بجروح خلال إحدى المواجهات.

“في كل يوم جمعة يخرج في الصباح الباكر ولا يعود إلا مع مغيب الشمس عندما تهدأ المواجهات، كنت أحضر طعام الغذاء وأنتظره حتى نتناول الطعام معاً”، تقول والدته.

اعتقل نور في الثالث والعشرين من شباط/ فبراير عام 2017 ونقل إلى التحقيق في سجن عوفر والذي استمر لمدة 50 يوماً، ثم إلى مركز تحقيق “المسكوبية” لاستكمال التحقيق.

“نور بقي في الزنازين لأكثر من 180 يوماً، ولم نترك محاميا إلا وتواصلنا معه حتى نعرف مصيره”، تضيف والدته.

ارتقى نور في الحادي والعشرين من نيسان/ أبريل الجاري، إثر سقوطه في حمام غرفته في قسم 25 بسجن النقب.

وكانت حالة من التوتر سادت قسم رقم 25 في سجن النقب، عقب سقوط الأسير البرغوثي وفقدانه للوعي، حيث طرق الأسرى على الأبواب وكبروا داخل القسم.

وارتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال منذ العام 1967 إلى 223 شهيدا بعد استشهاد الأسير البرغوثي الذي كان يقضي حكماً بالسجن لمدة 8 أعوام.

وما تزال سلطات الاحتلال تحتجز جثامين خمسة من الأسرى الشهداء، وهم: أنيس دولة الذي استشهد في سجن عسقلان عام 1980، وعزيز عويسات الذي استشهد عام 2018، وفارس بارود، ونصار طقاطقة، وبسام السايح وثلاثتهم اُستشهدوا خلال العام الماضي.

ـــــ

الاخبار العاجلة