طرق قارعتها من خطر!

3 مايو 2020آخر تحديث :
طرق قارعتها من خطر!

 الحارث الحصني

عشرات الخيام المتباعدة في الأغوار الشمالية، يسكنها مواطنون ضمن نظام حياتي يفتقر لكل البنى التحتية الأساسية، والذين لا يسمح لهم الاحتلال الإسرائيلي بتطوير أي مرفق من مرافقها يساعدهم على الاستمرار والبقاء فيها.

وكنوع من تخفيف صعوبتهم المعيشية وحركة تنقلهم بين التجمعات، لقضاء حاجاتهم الأساسية، أوجدوا طرقا ترابية من خلال حركة المركبات المختلفة بشكل تتابعي ويومي، لكن مؤخرا أصبحت هذه الطرق غير آمنة بعد أن صار المستوطنون المترجلون يستخدمونها.

قبل عشر سنوات استقر المواطن يحيى كعابنة في منطقة “وادي الفاو” بالأغوار الشمالية، ليؤسس مرحلة جديدة من مراحل حياته الرعوية في المنطقة، بعد قدومه من منطقة العوجا، لكنه صار يواجه خطرا محدقا يقترب من خيامه بشكل كبير كما وصف، هذا الخطر يكمن على قارعة الطريق الترابية ومصدره المستوطنون.

حتى الصيف المنصرم، كانت عائلات فلسطينية تستخدم الطريق الترابية الرابطة بين خيام كعابنة مع الطريق السريع المعبد.

لكن منذ قدوم أحد المستوطنين على منطقة “أبو القندول” القريبة من “وادي الفاو”، صارت الطريق خطرة، كونه أصبح يستخدمها للوصول إلى خيامه ومراعيه التي أقامها على أراضي المواطنين.

الطريق لا تبعد أكثر من 20 مترا عن خيامي، يوميا يستخدم المستوطنون الطريق أكثر من عشر مرات، هي ذاتها التي نستخدمها نحن”. قال كعابنة.

فبعد أن كان عدوان المستوطنين يتركز على ملاحقة رعاة الأغنام في الجبال، والسفوح الرعوية، أصبح لدى المواطنين تخوفات أخرى في حال صار المستوطنون يستخدمون تلك الطرق بشكل متكرر.

يقول مواطنون من عدة أماكن بالأغوار الشمالية نشطت فيها خلال السنوات انتهاكات متكررة ينفذها المستوطنون بحقهم “نخاف أن تعتاد أرجل المستوطنين على الطرقات التي تمر من أمام خيامنا”.

الطرق الترابية واحدة من البنى التحتية الأساسية للمواطنين في الأغوار، وظلت السبيل الوحيد لتنقلهم بين التجمعات البشرية أو لوصولهم إلى الطريق الرئيسي المعبد.

وهذه الأيام يمكن مشاهدة تلك الطرق التي تصل بين خيام المواطنين بشكل متعرج، لا يتعدى عرضها، عرض مركبة واحدة على الأقل “(تقريبا 3 أمتار)، وتكون مليئة بالحجارة، ووعرة في بعض الأحيان.

في التاريخ الموثق لانتهاكات الاحتلال في الأغوار الشمالية، فقد حرّم على المواطنين إيجاد طرق معبدة تشبه تلك التي يستخدمها المستوطنون، لأسباب تتعلق دائما بمنح التراخيص، ما يضطرهم لاستخدام طرق ترابية، تسوء حالتها في الأمطار، أو تواجد المستوطنين بالقرب منها.

في السنوات الماضية، بدأت تظهر البؤر الاستيطانية في الأغوار الشمالية، وصار المستوطنون يزاحمون المواطنين على المناطق الرعوية في الأغوار. وحتى عندما يريد المستوطنون الوصول إلى تلك المناطق فإنهم يستخدمون الطرق الترابية.

حاليا يمكن رصد أربع بؤر استيطانية جديدة في مناطق الأغوار الشمالية، وكل سكانها من المستوطنين الممتهنين لتربية المواشي.

وسجل مختصون، ومهتمون بتوثيق انتهاكات الاحتلال والمستوطنين بالأغوار الشمالية، على مدار سنوات ماضية، عشرات حالات الاعتداء التي ينفذها المستوطنون ضد المواطنين، لكن في الأشهر الماضية تم تسجيل عدة حالات لتنقل المستوطنين عبر مركبات صغيرة من خلال تلك الطرق.

يقول كعابنة: “يوميا يستخدم المستوطن المقيم، وزائرون له الطريق بشكل كثيف، هم لا يريدون غير إفراغ الأرض من سكانها الشرعيين ليستبيحوها بكل أريحية، حيث هددنا أكثر من مرة من إغلاق الطريق أمامنا”.

الناشط الحقوقي عارف دراغمة قال: “لم يكتف المستوطنون من إرهابهم في الجبال، إنهم ينشرون إرهابهم على الطرقات”.

وقال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم”، في موقعه الالكتروني: “أضحى عنف المستوطنين (وأحياناً عنف المواطنين الإسرائيليّين الذين ليسوا مستوطنين) ضدّ الفلسطينيين منذ فترة طويلة جزءا لا يتجزأ من روتين الاحتلال في الضفة الغربيّة.

وأضاف “تشمل أعمال العنف هذه -التي ينتج عنها انتهاك لحياة الفلسطينيّين وسلامة أجسادهم وممتلكاتهم وأراضيهم- مجموعة واسعة من الممارسات، بدءًا بإغلاق الطرقات ورشق الحجارة على السيارات والمنازل”.

يقول دراغمة، الذي ينشط في توثيق انتهاكات الاحتلال الأغوار الشمالية يشكل يومي: “يمكن أن تتحول هذه لظاهرة، الخطر يسير على الطرقات”.

خلال الشهرين الماضيين قطع المستوطنون الطرق الترابية، أمام الفلسطينيين في مناطق الحديدية، وسمرة، وهي تلك الطرق التي توصل مواشيهم إلى المراعي.

قبل أن يهم كعابنة بتسريح أغنامه إلى المراعي القريبة والمتاحة له، يوصي زوجته بضرورة الانتباه لأطفاله من الاقتراب من الطريق.

وقال لمراسل “وفا”: “هذه الطريق أصبحت نقمة علينا، حولها المستوطنون لمكان خطر”، لكن هناك أوقات أشد خطرا”.

عندما يحل الظلام، يضطر كعابنة للاستيقاظ أكثر من مرة للاطمئنان على أطفاله، فالأمان، على حد وصفه، معدوم في تلك المنطقة في ذلك الوقت.

الاخبار العاجلة