ذكرى النكبة: مسيرة 72 سنة من الكفاح والنضال للشعب الفلسطيني

12 مايو 2020آخر تحديث :
ذكرى النكبة: مسيرة 72 سنة من الكفاح والنضال للشعب الفلسطيني

بقلم: الدكتور حنا عيسى

أمين عام الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات

اللاجئون الفلسطينيون:

يعتبر اللاجئون الفلسطينيون أكثر اللاجئين تعداداً على مستوى العالم، إذ بلغ عددهم وفق إحصائيات الأونروا (6 مليون لاجئ). وتطلق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين “الأونروا” وصف “اللاجئون الفلسطينيون” على الأشخاص الذين كانت فلسطين مكان إقامتهم الطبيعي في الفترة الواقعة بين يونيو/حزيران 1946 ومايو/أيار 1948، أي الذين أقاموا فترة سنتين على الأقل في فلسطين قبل عام 1948، والذين فقدوا أماكن سكنهم ووسائل عيشهم نتيجة الصراع العربي الإسرائيلي عام 1948، مما اضطرهم للجوء إلى بلاد مجاورة كالأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية التي كانت تابعة للأردن، وإدارة قطاع غزة الذاتية في ظل الحكم المصري.

النازحون

يطلق مصطلح “النازحون” على المهجرين الفلسطينيين عام 1967 لتمييزهم عن مهجري عام 1948، أما اللاجئون النازحون فيحملون صفة مزدوجة نتيجة تهجيرهم مرتين، فقد كان من بين نازحي عام 1967 مجموعة من اللاجئين الذين أقاموا في الضفة الغربية أو قطاع غزة واضطرتهم حرب عام 1967 إلى الهجرة مرة أخرى.

المخيم
(يعيش ثلث اللاجئين المسجلين) في 59 مخيما رسميا في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، ويعيش الثلثان الباقيان في المدن والبلدات في الدول المستضيفة وفي الضفة الغربية وقطاع غزة.

والمخيم حسب تعريف الأنروا هو ” قطعة من الأرض }تكون إما حكومية أو في أغلب الحالات استأجرتها الحكومات المستضيفة من الملاك المحليين{ وضعت تحت تصرف الأنروا كمساعدة للاجئين الفلسطينيين في تسهيل احتياجاتهم الأساسية، ولا يمكن لسكان المخيمات تملك هذه الأراضي، ولكن لهم الحق في الاستفادة منها للسكنى.”

وهناك تجمعات أخرى للاجئين الفلسطينيين لا يمكن اعتبارها مخيمات بالمفهوم المذكور سابقاً مثل منطقة اليرموك في دمشق، ولكن الأنروا مع ذلك تقوم بمهامها تجاه سكان هذه التجمعات.

وتمتاز أوضاع المخيمات الاجتماعية والاقتصادية عموما بالكثافة السكانية المرتفعة والفقر وصعوبة الظروف المعيشية، وتدني مستوى البنى التحتية كالشوارع وشبكات الصرف الصحي.

وتعد الأنروا مسئولة عن توفير الخدمات الضرورية والإشراف على تأمينها لسكان المخيمات عن طريق مكتب الخدمات الموجود في المخيم، غير أنها تدع مسؤولية إدارة المخيم وأمنه للحكومات المستضيفة.

وفي الفترة ما بين السنوات 1947 – 1966 جرى إدراج قضية اللاجئين الفلسطينيين 35 مرة على جدول أعمال الهيئات والأجهزة الرئيسية لهيئة الأمم المتحدة ولجانها الأساسية. وكانت الجمعية العامة تهيب على الدوام بالحل العادل لمشكلة اللاجئين معترفة بشكل مباشر بحقهم غير المنزوع في العودة أو الحصول على التعويض.

من المعلوم أن الجمعية العامة أصدرت في ديسمبر (كانون الأول) 1948 القرار رقم (194 / 3) الذي نصت فقرته الثانية على ما يلي: (يجب السماح لأولئك اللاجئين، الذين يودون العودة إلى ديارهم والعيش في سلام مع جيرانهم، بان يقوموا بذلك بأسرع ما يمكن. أما أولئك الذين لا يرغبون في العودة، فيجب أن يدفع لهم التعويض لقاء ممتلكاتهم، أو إتلافها، أو خسارتها، أو ضياعها ). ومنذ ذلك الوقت فالجمعية العامة وغيرها من هيئات الأمم المتحدة أكدت هذا الحكم مرارا. فمن المعلوم أن أحد شروط قبول إسرائيل في عضوية هيئة الأمم المتحدة تمثل في طلب تسوية مشكلة اللاجئين وفقا لأحكام القرار194/3.

وجاء في قرار الجمعية العامة رقم (273/3) الصادر في 11 مايو 1949 على وجه الخصوص ما يلي: “أخذا بعين الاعتبار بيان دولة اسرائيل بشأن قبولها الالتزامات الناجمة عن ميثاق الأمم المتحدة، وتعهدها بتنفيذ هذه الالتزامات منذ أن تصبح عضوا في هيئة الأمم المتحدة”. وبناء على القرارين بتاريخ 29 نوفمبر 1947 وبتاريخ 11 ديسمبر 1948 ونظرا للبيانات والتفسيرات التي قدمها مندوب حكومة اسرائيل في اللجنة السياسية بصدد تنفيذ القرارين المذكورين.

وفي ضوء ذلك، قررت الجمعية العامة قبول اسرائيل في عضوية هيئة الأمم المتحدة ولم تفعل الحكومة الإسرائيلية شيئا لتنفيذ هذا القرار، والقرار الصادر بتاريخ 11 ديسمبر 1948 وأثناء حرب حزيران (يونيو) 1967 أصبح حوالي 350 ألف لاجئ فلسطيني في قطاع غزة وزهاء 300 ألف في الضفة الغربية لنهر الأردن وقرابة 200 ألف منهم في سوريا من جديد، عرضة للتصرفات الوحشية للقوات الإسرائيلية. وتبين معطيات الأمين العام للأمم المتحدة أن حوالي 10 بالمئة من سكان الأردن تم تهجيرهم من مكان إقامتهم في محاولة تستهدف تبريرسياستها الخارقة للشرعية الدولية، تطرح إسرائيل طائفة من الحجج أبرزها التالية:

أن مشكلة اللاجئين هي مشكل داخلية بالنسبة لإسرائيل.

أن اللاجئين الفلسطينيين مذنبون بأنهم تركوا بلدهم.

أن عودة إعداد كبيرة من العرب، المعادين لإسرائيل، تعني، في حالة تحقيقها نشوء (طابور خامس) يشكل ما يزيد عن نصف سكان البلد، وقد يعرض وجود إسرائيل، كدولة للخطر.

أن حجة إسرائيل الأولى لا تصمد أمام أي انتقاد، لأن مسألة إغتصاب أرض الغير وطرد السكان الأصليين لا يمكن أن تكون شأنا داخليا لإسرائيل. وعلاوة على ذلك فان تجمع الأعداد الكبيرة من اللاجئين في أراضي الدولة الأجنبية يترك أثره السلبي على تطور هذه الدول، ويخلق توترا في علاقاتها مع إسرائيل. وفي الأردن مثلا شكل اللاجئون 36 بالمئة من عدد السكان الإجمالي؟ وفي لبنان 8 بالمئة، وفي سورية 2 بالمئة، علما بان الأردن ولبنان وسورية هي بلدان نامية لا تقدر على تأمين فرص العمل لمثل هذا العدد الهائل من اللاجئين، مما يؤدي إلى التوتر الداخلي فيها.

أما حجة إسرائيل الثانية فهي مختلفة بكل بساطة ويمكن الاستشهاد بالإسرائيليين أنفسهم لإثبات ذلك. واظهر تقرير وكالة الغوث الذي تم توزيعه في هيئة الأمم المتحدة في سنة 1968 أن عدد اللاجئين ازداد بمقدار 525 ألف فرد، 175 ألف فرد شردوا للمرة الثانية، وذلك اثر حرب حزيران في الشرق الأوسط، وأشار التقرير إلى أن اللاجئين العرب الذين طردهم الغزاة المحتلون من الضفة الغربية لنهر الأردن وقطاع غزة ومنطقة شبة جزيرة سيناء يعانون من الجوع ونقص الماء وأماكن السكن ويحتاجون إلى اللباس و المعونة الطيبة.

وأقدمت سلطات الاحتلال على إرغام اللاجئين الفلسطينيين في القطاع على ترك بيوتهم والانتقال إلى الضفة الغربية لنهر الأردن. واسترشد الغزاة بالهدف الأساسي المتمثل في متابعة الاستيطان أراضي العرب الفلسطينيين المنافي للقانون. وفي هذا السياق أبعت سلطات الاحتلال الخطط الرامية إلى استصلاح الأرض في المناطق المنزوعة السلاح على حدود إسرائيل مع سورية و الأردن.

وصودر أيضا أكثر من 300 ألف هكتار من الأرض في القدس العربية حيث بنيت المساكن لأكثر من 17 ألاف عائلة يهودية. وفادت جريدة (نيويورك تايمز) في 12 أغسطس 1971 أن أكثر من 13 ألف مواطن عربي تم تشريدهم من منطقة غزة. وفي شهر أغسطس من العام نفسه قامت سلطات الاحتلال بهدم 1857 منزلا عربيا في غزة. وفي سبتمبر وجه الأمين العام للأمم المتحدة مذكرة احتجاج لحكومة إسرائيل على تشريد السكان العرب غير المشروع وهدم بيوتهم، الأمر الذي ينتهك انتهاكا فظا للمواد 32،33،34،54،64 من معاهدة حماية السكان المدنيين للعام 1949، وفي هذا المجال يتنافى ادعاء إسرائيل القائم بأنها لا تتحمل المسؤولية عن ظهور جموع غفيرة من اللاجئين مع الحقيقية.

ولا يمكن الاعتراف بصحة وصواب الحجة الثالثة للأوساط الإسرائيلية الحاكمة، والتي تتمثل في عدم جواز اللجوء إلى أعمال ضد العرب ومنعهم من العودة إلى ديارهم في حالة وحيدة، هي صيرورة العرب أغلبية بحكم ظروف التطور التاريخية والاقتصادية في أراضي إسرائيل. ذلك من وجهة نظر القانون الدولي يجب تهيئة الظروف المماثلة للحياة بالنسبة لجميع السكان بغض النظر عن الانتماء القومي والجنس واللغة والدين. عندئذ لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن العرب واليهود عاشوا سوية في فلسطين فترة طويلة، وكانت العلاقات بينهم سلمية وحسنة كعلاقات الجيران وبما أن تنفيذ التزامات إسرائيل الدولية تجاه اللاجئين قد يعرض هيمنة الأوساط القومية المتعصبة الدينية في إسرائيل للخطر، ووجود إسرائيل كدولة، فان هذه الأوساط تطرح هذا البرهان الشوفيني الذي يعني، عمليا، انتهاج سياسة الإبادة الجماعية التي حظرتها معاهدة العام 1948 في ما يتعلق بمنع جرائم الإبادة الجماعية. ومعاقبتها بصفتها الجريمة الدولية. وهكذا فحق العرب المشروع في العودة إلى ديارهم (و/أو) الحصول على التعويضات لقاء فقدان ممتلكاتهم من حيث القانون الدولي يعتبر امرأ لا شك فيه، قابلا للتحقيق الشامل و الفوري، أما عدم تطبيق هذه الأحكام من القانون الدولي فسيتتبع إثارة مسألة مسؤولية دولة إسرائيل وقادتها.

إن أعمال السلطات الإسرائيلية غير المشروعة ورفضها تنفيذ قرارات الأمم المتحدة أثارت حركة المقاومة في الأراضي المحتلة التي تحمل طابعين، سلمي (على شكل الانتفاضة) ، ومسلح (حركة الفدائيين).

إن هذه الأعمال للشعب العربي الفلسطيني ترتدي طابعا مشروعا بما في ذلك حقه المشروع في المقاومة المسلحة وطرد الغزاة من الأراضي المحتلة في حال رفضهم تنفيذ مقتضيات الشرعية الدولية.

“وضعت خطة السلام المقترحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين حلولًا تصفها بـ”الجذرية” لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وهي قضية طالت “العرب واليهود” على حد السواء، وقالت الوثيقة، التي نشرها البيت الأبيض مساء الثلاثاء، 28/1/2020م، }إن الصراع العربي الإسرائيلي خلق أزمة لاجئين من الفلسطينيين واليهود، والعدد نفسه من العرب واليهود تحول إلى لاجئين بالخارج نتيجة الصراع{.

وحددت الخطة أنه “لن يكون هناك أي حق بالعودة لأي لاجئ فلسطيني في دولة إسرائيل”، وحددت أنه لكي يكون الفرد مؤهلًا للحصول على حقوق اللجوء بموجب اتفاق السلام الفلسطيني الإسرائيلي، يتعين على الأفراد أن يكونوا لاجئين مسجلين في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)

وثيقة صفقة القرن تحدد اللاجئ المستحق للتعويض

واعتبرت الوثيقة أن “تعريف وكالة أونروا للاجئين، المستمر منذ أجيال، هو ما فاقم أزمة اللجوء…، وتحت أي ظرف، سيُمنع أي شخص حصل على توطين في موقع دائم، وفق شروط ستحددها اتفاقية السلام، من الحصول على حق إعادة التوطين في فلسطين، وسيكون مؤهلًا فقط للحصول على تعويض”.

وتضع وثيقة “صفقة القرن” ثلاثة معايير من أجل أن يحصل اللاجئون الفلسطينيون على إقامة دائمة، وهي:

الدمج في الدولة الفلسطينية، وهو أمر يخضع لعدة قيود.

والاندماج في دول مضيفة.

وأن تعمل دول منظمة التعاون الإسلامي على قبول خمسة آلاف لاجئ سنويا لمدة عشر سنوات».

صفقة القرن، تعويضات مالية للدولة الفلسطينية واللاجئين

تقضي الصفقة بمبدأ تقديم تعويضات مالية للدولة الفلسطينية واللاجئين أنفسهم، وتقول “اللاجئين، سواء داخل فلسطين أو من سيتم إعادة توطينهم، سيكونون من بين المستفيدين مباشرة من حزمة الدعم المالي”. وربطت الوثيقة بالنهاية بين عودة اللاجئين والترتيبات الأمنية المشتركة، وقالت “إن حقوق اللاجئين بالهجرة إلى دولة فلسطين ستكون مقيدة وفق الترتيبات الأمنية المتفق عليها”، كما أن وتيرة حركة اللاجئين من خارج قطاع غزة والضفة الغربية إلى دولة فلسطين ستحدده الأطراف المختلفة ووفق عوامل مختلفة بينها الوضع الاقتصادي من بين عوامل أخرى.

واشنطن، ستجمع تمويل مالي للاجئين وفق صفقة القرن

وجاء أيضًا أن الولايات المتحدة ستعمل على جمع التمويل المالي اللازم لتعويض اللاجئين، على أن يتم تخصيص هذا الدعم لصندوق (صندوق اللاجئين الفلسطينيين)، يقوم على رئاسته شخص تختاره فلسطين والولايات المتحدة.

وفور توقيع اتفاق السلام، تقول الوثيقة إن عمل وكالة «أونروا» سيتوقف، على أن تضطلع الحكومات ذات الصلة بمهام الوكالة، وسيتولى الشق الاقتصادي للخطة استبدال معسكرات اللاجئين بمناطق تنمية سكنية بدولة فلسطين.

وعلى ضوء ما ذكر أعلاه، فان هذه الصفقة المسماة بـ “السلام مقابل الازدهار” تتناقض كليا مع الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بهذا الشأن:

فالحقوق الثابتة للشعوب حكما، وحينما تقترن بشعب تعني، أول ما تعني، اعترافا بوجود جماعة بشرية تعتبر (شعبا) من حيث التكوين والخصائص، وان هذا الشعب قد أصبحت له بالتالي حقوق ثابتة.

فالشعب العربي الفلسطيني موجود في وطنه فلسطين والانتداب الذي فرضته عصبة الأمم على فلسطين بموجب المادة (22) من عهد العصبة كان يستهدف قيادة شعب البلد نحو الاستقلال، ويعني هذا اعترافا بالشعب الفلسطيني وحقوقه وهويته الوطنية بغض النظر عن صك الانتداب الذي اعتبر غير مشروع لتعارضه مع نص المادة.

فلهذا الحق الثابت للشعب العربي الفلسطيني، جذور تاريخية وقانونية، لا بد وان نركز عليها من وجهة نظر القانون الدولي المعاصر، حيث نرى في تقرير الكونت برنادوت الذي قدمه لمجلس الأمن الدولي في 27/حزيران/1948م، الفقرة التاسعة، البند التاسع جاء فيه:

“لسكان فلسطين الذين غادروها بسبب الظروف المتربتة على النزاع القائم الحق في العودة إلى بلادهم دون قيد واسترجاع ممتلكاتهم”.

وفي نفس العام عدل الكونت برنادوت تقريره وقدم تقريره الثاني إلى هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ونشر في باريس في 20/أيلول/ 1948م وجاء في بنده رقم (11):

“يجب أن تؤكد منظمة الأمم المتحدة حق الناس الأبرياء الذين شردوا من بيوتهم بسبب الحرب في العودة إلى ديارهم كما ينبغي أن تدفع تعويضات عن الممتلكات لمن لا يرغب منهم في العودة”.

ففي الدورة الثالثة اتخذت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، بناء على تقرير برنادوت القرار رقم (194) بتاريخ 11/12/1948م. أقرت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة قرارات اللجنة السياسية بعد أن تم تعديل الاقتراح البريطاني وإقراره حيث البند الثالث جاء فيه على أن “يسمح لمن يرغب من اللاجئين بالعودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، أما الذين لا يرغبون فتدفع لهم تعويضات حسب القوانين الدولية ويدفع كذلك تعويض لمن أصيب ممتلكاتهم بإضرار وعلى لجنة التوفيق تسهيل أمر إعادة السكان واستقرار اللاجئين”.

ملاحظة:

حين قدمت إسرائيل طلبا للانتساب إلى الأمم المتحدة أخذت الجمعية العامة هذا بعين الاعتبار فجعلت قبول الطلب مرتبطا بالتعهد الذي أعلنته إسرائيل بشأن التزامها تنفيذ القرارين 181 الخاص بالتقسيم و194 الخاص بالعودة.

فإسرائيل لم تنفذ قرارات الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بهذا الخصوص مما جعل الجمعية بتاريخ 26/1/1952 أن تتخذ بأحكام الإعادة إلى الوطن الواردة في الفقرة (11) من القرار (194)، وتضمن برنامجا اقترحته وكالة الإغاثة (الاونروا ) يستهدف التعجيل بإعادة إدماج العرب النازحين في الحياة الاقتصادية للمنطقة وجاء فيه أن ذلك يجب أن يتم إما بالإعادة إلى الوطن، كما هو معلن بالقرار (194)، أو بالإعادة توطينهم في مناطق أخرى وقد قاوم الشعب العربي الفلسطيني مقاومة شديدة الشطر الثاني من هذا القرار فلم يخرج قط إلى حيز التنفيذ.

وحين شنت إسرائيل عدوانها عام 1967 م نشأت مشكلة جديدة هي الهجرة الثانية للاجئين فأصدرت الجمعية العامة سلسلة من القرارات تعالج كلا على حدة حق مجموعة الفلسطينيين الذين طردوا من وطنهم عامي 1947- 1948 م وحق مجموعة الفلسطينيين الذين شردوا من وطنهم نتيجة عدوان عام 1967م، وأول ما يظهر الفصل بين هاتين المجموعتين من اللاجئين في نص قرار الجمعية العامة (2425) – (د- 23) بتاريخ 19/12/1968م، حيث نص القرار المذكورة ، إعلان بشأن لاجئي 1947م – 1948م على أن الجمعية العامة:

تلاحظ مع الأسف الشديد انه لم تتم إعادة اللاجئين إلى وطنهم أو تعويضهم كما هو منصوص في الفقرة (1) من قرار الجمعية العامة (149) (د- 3) وانه لم يحرز أي تقدم ملموس في برنامج إعادة اللاجئين إلى وطنهم أو بتوطينهم وهو البرنامج الذي أقرته الجمعية العامة في الفقرة (2) من القرار (513) (د6) وان حالة اللاجئين لا تزال لذلك مدعاة للقلق الشديد.

تلاحظ (الجمعية العامة) أن لجنة الأمم المتحدة للتوفيق بشأن فلسطين لم تتمكن من إيجاد وسيلة لإحراز تقديم في تنفيذ الفقرة (11) من القرار (194)، وتلتمس من اللجنة مواصلة جهودها في سبيل تنفيذها.

أما بشأن لاجئي 1967م فقد أشار القرار نفسه إلى قرار مجلس الأمن (237) في 14/6/1967م الذي أهاب بإسرائيل “ان تسهيل عودة السكان الذين فروا من المناطق منذ نشوب الأعمال ألعدائية”.

وتشدد الصيغة المستخدمة في مقدمة القرار(2452) على ضرورة عودة اللاجئين بسرعة إلى ديارهم وإلى المخيمات التي كانوا يقطنونها من قبل “وتبين هذه الصيغة بدقة أن بعض لاجئي 1947م- 1948 م أصبحوا لاجئين مرة أخرى في عام 1967م وفي الدورة (24) أصدرت الجمعية العامة قراراها (2535) بتاريخ 10/12/1969م وكررت ما ورد القرار (2452) (د- 23) وزادت عليه في القسم الخاص بلاجئي 1967م ما يربط بين لاجئي 1948م ولاجئي 1967م (النازحين) فقد ورد في مقدمته:”إذ تدرك الجمعية العامة أن مشكلة اللاجئين العرب الفلسطينيين ناشئة عن إنكار حقوقهم الثابتة المقررة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

وفي 7/12/1973م أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم (3089) (د-28) على أساس “الحق الثابت في العودة” وأعلنت فيه “أن تمتع اللاجئين العرب الفلسطينيين بحقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم” لا غنى عنه من اجل تحقيق “تسوية عادية لمشكلة اللاجئين ولممارسة شعب فلسطين حقه في تقرير المصير” وينبغي هنا الإشارة إلى التقاط التالية:

القرار جاء تفسيرا من الجمعية العامة لقرار مجلس الأمن (242) الذي نص على تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين، دون أن يذكر أو يحدد أساسا لتلك التسوية.

الإشارة إلى حق اللاجئين في العودة جاءت مطلقة لتشمل الوطن الفلسطيني بكاملة، ما احتل منه قبل عام 1967م وبعده، وتسري على جميع اللاجئين الفلسطينيين بدون استثناء أو شروط مسبقة.

القرار اعتبر العودة شرطا مسبقا لا بد من تحقيقه ليتمكن الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره.

فالجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة اقتفت القرارات الخاصة بحق العودة بعد عام 1974م آثار القرار (3236) وأكدت مضمونة وزادت عليه في القرار (23/ 28) (د- 33) بتاريخ 7/12/1978م، انه لا يمكن إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط دون أن يتحقق، في جملة ما يتحقق ، “نيل الشعب الفلسطيني لحقوقه الثابتة ومنها حق العودة…”. وهنا تبرز لأول مرة الإشارة الهامة إلى أن حق العودة هو “للشعب الفلسطيني” بمثل ما هو للفلسطينيين كأفراد.

ـــــــــــ

الاخبار العاجلة