ما سر ظهور مجموعات منظمة تعارض تطوير لقاح ضد كورونا؟

14 مايو 2020
ما سر ظهور مجموعات منظمة تعارض تطوير لقاح ضد كورونا؟

مع انتشار العديد من المعلومات الخاطئة التي رأيناها حتى الآن عن وباء كورونا المستجد، بات هناك تساؤل مروع بين الخبراء، حول ماذا سيحدث لو لم يثق عدد كبير في اللقاح عند تطويره، ورفضوا أخذه بسبب الشائعات الكاذبة مثل التي تزعم بأن أبراج شبكات الجيل الخامس تغذي انتشاره، وأن شرب المبيضات أو حقن الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تقتل المرض، وأن الدكتور أنتوني فاوتشي جزء من مؤامرة مناهضة لترامب.

وقد يكون كل هذا مجرد فعل إحماء لحرب معلومات أكبر بكثير عندما يتوافر لقاح فعال للجمهور، ويمكن لهذه الحرب أن تضع مسؤولي الصحة العامة والسياسيين ضد حركة مكافحة التطعيم التي تغمر مواقع التواصل الاجتماعي بمعلومات مضللة ونظريات التآمر والدعاية التي تهدف إلى إقناع الناس بأن اللقاح خطر وليس معجزة منقذة للحياة والاقتصاد.

ووفقًا لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، يمكن أن تنجح هذه الدعاية الكاذبة في نفور عدد كبير من الناس من اللقاح، إذ تظهر متابعة المجموعات المضادة للقاحات على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم أكثر تنظيمًا وإستراتيجية مما يعتقد الكثير من منتقديهم.

فهم بارعون في التلاعب الإعلامي والتواصل ولديهم خبرة في استغلال نقاط الضعف في منصات التواصل الاجتماعي، فعلى سبيل المثال بعد وقت قصير من بدء فيسبوك ويوتيوب في إزالة نسخ من الفيلم الوثائقي “Plandemic”، والذي ينشر العديد من الأكاذيب عن وباء كورونا والمعلومات غير المثبتة، بسبب انتهاكه لقواعدهما، ظهر أشخاص في مجموعات مكافحة اللقاحات يعدلونه بطرق طفيفة للتهرب من برامج الحظر الآلية للمنصات ويعيدون نشره.

وباختصار، كانت المجموعات المضادة للتطعيم تتمرن من أجل الوباء الحالي، ومن المرجح أن تكون فعالة بشكل استثنائي في زرع الشكوك حول لقاح كوفيد-19 لعدة أسباب.

ونظرًا لأن التعامل مع الوباء بات مسألة عاجلة، من المرجح أن يتم تمرير أي لقاح واعد لكوفيد-19 بسرعة من خلال عملية الاختبار والموافقة.

وقد لا يمر بسنوات من التجارب السريرية والدراسات الدقيقة للكشف عن الآثار الجانبية المحتملة على المدى الطويل، كما يحدث مع الأدوية الأخرى.

ويمكن أن يخلق ذلك فرصة أمام النشطاء المناهضين للتطعيم للادعاء بأنه غير مُجرب وخطير، مما قد يثير مخاوف معقولة بشأن اللقاح، والتي يمكن أن تكون حجر الأساس لمخاوف واسعة النطاق لا أساس لها من الصحة حول سلامته.

وعندما يُطور اللقاح، فمن المرجح أن تشارك منظمات رائدة مثل مؤسسة “بيل وميليندا غيتس” أو منظمة الصحة العالمية في إنتاجه أو توزيعه.

وفي هذه الحالة، سيكون لدى النشطاء المناهضين للقاحات، الذين ظلوا يهاجمون هذه المنظمات منذ سنوات، فرصة كبيرة لمحاولة تشويه سمعتهم.

وتستهدف الجماعات المناهضة للتطعيم بالفعل السيد غيتس بنظريات مؤامرة لا أساس لها تدعي أنه ابتكر الفيروس ويحاول الاستفادة منه، ومن المتوقع أن يتم تضخيم هذه النظريات، وأنها محاولات تشويه سمعة جهود أبحاث الفيروسات الرئيسة ستزداد مع اقتراب اللقاح.

وإذا تمت الموافقة على استخدام لقاح لكوفيد-19 على نطاق واسع، فقد يُطلب من الناس تناوله قبل السماح لهم بالسفر على متن خطوط جوية معينة أو الالتحاق بمدارس معينة أو العمل في أعمال تجارية معينة.

وهذه فكرة جيدة من حيث الصحة العامة، ولكنها ستلمس وترًا حساسًا لدى حركة مكافحة اللقاحات، حيث كان التطعيم الإلزامي نقطة جدل كبرى لدى النشطاء المناهضين للقاحات، الذين أعاد بعضهم تسمية أنفسهم بـ “حق الاختيار” عندما يتعلق الأمر باللقاحات.

وقد أعطتهم سنوات من المعارك بين الولايات والمناطق التعليمية حول سياسات اللقاحات الإلزامية خبرة كبيرة في انشاء العوائق والحواجز القانونية وحملات الدعاية المدمرة لهذا الاقتراح.

وقال “نيل جونسون” و”ريس ليهي”، وهما باحثان في جامعة جورج واشنطن الأمريكية، واللذان نشرا دراسة قبل أيام عن حركة مكافحة اللقاحات عبر الإنترنت في مجلة Nature العلمية، والتي درست حركة المجموعة خلال تفشي مرض الحصبة في العام 2019، إن عدد المجموعات المضادة للتطعيم على مواقع التواصل الاجتماعي يعادل 3 أضعاف المجتمعات المؤيدة للتطعيم.

بالإضافة إلى ذلك، وجدا أنه على الرغم من أن الصفحات المؤيدة للقاحات تحتوي على متابعين أكثر، إلا أن الصفحات المضادة للقاح تنمو بشكل أسرع.

وقال جونسون:”وجدنا نضالًا حقيقيًا عبر الإنترنت، حيث تكاد مؤسسة الصحة العامة وأنصارها يقاتلون في المكان الخطأ” إذ وجد الباحثان أن صفحات الفيسبوك التي تنشر معلومات دقيقة عن اللقاحات تستهدف مجموعة معزولة، في حين تتعامل الصفحات المضادة للقاح مع مقاومة اللقاح كنوع من الحملات السياسية، وتستخدم رسائل مختلفة للوصول إلى فئات مختلفة من الناس.

وقالت ليهي:”تميل مجموعات الدفاع عن الصحة العامة إلى استخدام رسالة واحدة، تفيد بأن اللقاحات آمنة وفعالة، في حين تعتبر الحركة المضادة للتطعيم متنوعة حقًا”.

ومع ذلك، هناك سبب للشعور بالأمل، إذ أشارت الدراسات الاستقصائية الأخيرة إلى أن معظم الأمريكيين سيأخذون لقاح كورونا إذا كان متاحًا اليوم، وحتى السياسيين الذين أعربوا عن شكوكهم بشأن اللقاحات في الماضي، بما في ذلك الرئيس ترامب، متحمسون لظهور لقاح يمكن أن يمنع المرض.

وقال بعض خبراء الصحة العامة الذين تحدثوا مع الصحيفة إن الضغط العام لإنهاء الوباء والعودة إلى الحياة الطبيعية قد يتغلب على النشاط المضاد للقاحات.

وقال “كاسيسوماياجولا فيسواناث”، أستاذ الاتصالات الصحية بكلية هارفارد للصحة العامة: “يرى الناس أضرار كورونا في كل مكان، أظن أنه إذا كان هناك لقاح ناجح، خاصة في ظل غياب العلاج، فقد يتجاهل الناس المجموعات المضادة للقاحات”.

إلا أن قبول العامة للقاح كوفيد-19 ليس مؤكدًا، حيث تكافح منصات مثل فيسبوك ويوتيوب لمنع انتشار مقاطع فيديو مثل “Plandemic”، الأمر الذي يثير القلق مما سيحدث عندما يحين الوقت لإقناع مليارات الأشخاص بأخذ لقاح فيروس كورونا، إذ يتفوق أسلوب المشككين المتنوع في نشر النظريات المضللة على أسلوب مسؤولي الصحة العامة وشركات مواقع التواصل الاجتماعي الموحد.

وتشير الصحيفة إلى أننا نستطيع منع ذلك من الحدوث إذا بدأنا في وضع الأساس قبل فوات الأوان، فالمنظمات مثل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ومنظمة الصحة العالمية، بحاجة إلى فهم ديناميكيات المجتمعات المناهضة للتطعيم عبر الإنترنت والبدء في شن حملة للفوز بقلوب وعقول الناس لاستعادة الثقة في المؤسسة الطبية أثناء تطوير اللقاح.

وتحتاج شركات مواقع التواصل الاجتماعي إلى التعامل مع تهديد المعلومات الكاذبة المرتبطة باللقاحات على محمل الجد وتخصيص موارد هائلة لوقف انتشارها.

ويجب على أولئك الذين يؤمنون باللقاحات أن يدركوا أنهم قد لا يكونون الأغلبية لفترة طويلة، وأن يفعلوا كل ما في وسعهم للتواصل مع المقربين إليهم الذين قد يكونوا عرضة للدعاية المضادة للقاحات.

فللتعافي من هذا الوباء، نحن بحاجة إلى تعبئة حركة مؤيدة للقاح على الإنترنت وتتمتع بنفس الدهاء الذي تتميز به الحركة المضادة للقاح، ويجب أن تتم هذه الحركة بسرعة، إذ تعتمد عليها ملايين الأرواح وتريليونات الدولارات من النشاط الاقتصادي.

Breaking News