النيران تنهي أحلام الرعاة بالحصول على المراعي

20 مايو 2020آخر تحديث :
النيران تنهي أحلام الرعاة بالحصول على المراعي

الحارث الحصني

مع حلول ظلام الليلة الماضية، بدت رؤية النيران التي التهمت مئات الدونمات من الأراضي الزراعية، والأراضي الرعوية في منطقة “أم القبا” بالأغوار الشمالية، واضحة بشكل أكثر.

ولأن الحريق كان كبيرا، كما وصفه الذين رأوه، فقد أمكن لهيفاء بشارات من سكان بلدة طمون جنوب طوباس، رؤيته من منزلها.

يقول مدير الدفاع المدني في طوباس هلال حماد لمراسل “وفا”، إن أربعة طواقم من الدفاع المدني من مدينتي طوباس وجنين، تعاملت مع الحريق لأكثر من ساعتين.

بالعادة، بعدما يحصد المواطنون محاصيلهم الحقلية في الأغوار الشمالية، يستفيد مربو الماشية من القش المترامي من تلك المحاصيل، فتخفف عنهم جزءا كبيرا من الطعام الذي يشترونه لمواشيهم.

بالنسبة لسلامة زواهرة، وهو أحد مربي الماشية في منطقة الميتة، القريبة جدا من أم القبا، فإن المراعي التي احترقت أمس كانت ملاذا يوميا لماشيته.

وأضاف: “عندما تمتلك 150 رأسا من الماشية، فإنك تطعمها سنويا 15 طنا من الشعير فقط، لكن بعد احتراق المراعي المفتوحة فستضطر لشراء ما يقارب من 35 طنا من الشعير لإطعامها”.

حتى هذه اللحظات لا أرقام ثابتة عن مساحات الأراضي الرعوية المفتوحة التي التهمتها النيران، لكن تقديرات مديرية الزراعة في محافظة طوباس، فإن مساحة الأراضي المزروعة بالمحاصيل الحقلية التي احترقت الليلة الماضية تراوحت بين 350-400 دونم.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو مصورة بثها مواطنون، مساحات واسعة تحول لونها للأسود بعدما التهمتها النيران.

قالت بشارات: “كانت النيران ممتدة بشكل عرضي وتزحف نحو الجنوب الغربي”.

يكرر زواهرة الكلام ذاته، عندما وصف ما حدث بــ”النار أكلت الدنيا”، وكان يقصد أن كل المناطق التي أتت عليها النيران لم تعد موجودة.

هذه الأيام ينظر المواطنون من مالكي الماشية، للمراعي المنتشرة على سفوح الجبال، كواحدة من مقومات استمرارية وجودهم، وبالنسبة لهم فإن المساحات الرعوية هي واحدة من أعمدة البقاء في أماكنهم بالأغوار الشمالية، وإن احتراق هذه المساحات، يفتح لهم أبوابا من المعاناة الموسمية في حياتهم اليومية.

فعبر التاريخ الحديث، ظل التصاق الفلسطينيين بأرضهم مرهونا بوفرة المياه والغذاء، لكن عليهم الآن البحث عن بدائل للغذاء المحروق، وفي هذه الحالة سيبحثون عن حبوب الشعير المشتراة بمبالغ مالية.

لكن حتى في أصعب الظروف التي مرت على المراعي يوم أمس، فإن زواهرة ذاته سرح أغنامه لوقت قليل في المراعي المحروقة، وقال: “أعرف أنها لن تستفيد منها لكن، الماشية يجب أن تتحرك”.

في الحالة الطبيعية، كان زواهرة يشتري لإطعام ماشيته بالشهر الواحد طنا من الشعير، لكن بعملية حسابية تقديرية قال “إن طنين ونصف لن تكفيها”.

وعلى سبيل المثال، وضع زواهرة صباح اليوم، 130 كيلوغراما من حبوب الشعير لإطعام الماشية، لسد النقص في الغذاء بعد فقدان المراعي، فهو كان في الأوقات الطبيعية يسرح أغنامه صباحا من السادسة حتى الثامنة، ثم يعيدها للقيلولة ولشرب المياه، قبل أن ينتشر مرة أخرى إلى المراعي قبيل العصر حتى المساء.

اليوم، أمكن ملاحظة المساحات الواسعة للمراعي قد انقلب لونها للأسود بعد احتراقها، وأجمع عدد من المواطنين في المنطقة أنه المساحة التقديرية بالعين المجرد تخطت ألف دونم.

بعدما فقد زواهرة كغيره من المواطنين مساحات واسعة من المناطق الرعوية، فإنه سيبقي ماشيته بالقرب من آبار المياه التي يستأجرها حتى الموسم المقبل.

وقال: “هذا الموسم الرعوي انتهى بالنسبة لي، الآن مضطر أن أبقيها بجانب البئر حتى لو لشرب الماء فقط”.

_

الاخبار العاجلة