في سوق بأحد الشوارع بالضاحية الجنوبية في بيروت، يتزاحم لبنانيون حول متطوعين يوزعون عبوات مجانية من الخبز والمعكرونة، وهما من المواد الغذائية الأساسية التي أصبحت شريان حياة للأسر التي هوى مستوى معيشتها خلال الأزمة المالية في البلاد.
وقالت سلوى حبل، المشاركة في توزيع الأغذية التي تبرع بها أفراد: ”لحمة ما بقى في تشتري لحمة، سمك صار الكيلو بـ 30 ألف (ليرة)، ما بقى في تشتري سمك، الدجاج أسعاره عم تطلع لفوق، ما بقى في تشتري، أكتر شي الخضرة وربطة الخبز“.
وجلبت أزمة لبنان صعوبات متزايدة للشعب الذي يبلغ عدد أفراده ستة ملايين نسمة تقريبا.
وقد ارتفعت الأسعار بفعل الأزمة الدولارية التي دفعت العملة المحلية للهبوط بشدة، منذ أكتوبر/ تشرين الأول، وكادت تقضي على القوة الشرائية.
وقالت سلوى: ”بعد شوي راح تصير ثورة مجاعة“.
وأضافت أن طلب التبرعات من اللبنانيين ميسوري الحال يزداد صعوبة، إذ يشعر هؤلاء بوطأة أسوأ أزمة تشهدها البلاد منذ انتهاء الحرب اللبنانية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.
وتنذر الأوضاع المتدهورة بمزيد من الاضطرابات الخطيرة، ففي الشهر الماضي خرج محتجون إلى الشوارع أثناء الحظر الساري بفعل فيروس كورونا وأشعلوا النار في فروع بنوك في احتجاجات أسفرت عن سقوط قتيل من المتظاهرين.
وخلال الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء حسان دياب، إن اقتران الأزمة المالية بجائحة كورونا قد يزج بلبنان في أزمة غذائية واسعة النطاق يصبح فيها من الصعب توفير ثمن أساسيات مثل الخبز.
وبدأ الناس يتناولون كميات أقل من الطعام، كما شكا القصابون (الجزارون) من تضاؤل المبيعات وفرغت المطاعم من روادها وأصبحت أسر ترضى بالخبز والمعكرونة فقط حتى خلال شهر رمضان.
قال جورج قرطاس (46 عاما) ، الذي يعمل سائق سيارة أجرة: ”الفواكه مثلا فيك تكفي بدونها، بتجيب بس للبنت الزغيرة“.
وفي أحد أسواق بيروت، قال بائع السمك، نور الدين محيصة، إن مبيعاته انخفضت بنسبة 75% مع ارتفاع أسعاره لأكثر من مثليها.
وقال محيصة: ”كنت تشوف الناس فوق بعضهم .. على طيب (أكل)، على شرب، على كل شيء، على حلو. يعني مرق رمضان ولا حدا اشترى ثياب أو شيء“.
وقد تخلف لبنان عن سداد دينه السيادي في مارس/ آذار، وبدأ محادثات مع صندوق النقد الدولي.
وتأمل بيروت أن تجلب لها خطة الإصلاح الاقتصادي مليارات الدولارات لتنشيط الاقتصاد، غير أن التقشف في الأجل القريب سيجلب على الأرجح المزيد من المصاعب.
وحتى قبل فرض القيود لاحتواء فيروس كورونا، توقف نشاط مئات الأعمال في لبنان وجرى تسريح العاملين فيها.
ومع تخفيف الحكومة للقيود ظل الكثير من الأعمال مغلقا، إذ إن ارتفاع قيمة الدولار زاد التكاليف بشدة في وقت قل فيه الزبائن.
وفي مطعم ”سناك هنري“، حيث اعتاد الناس من قبل الوقوف في طوابير خارج المطعم لشراء الشطائر ظهر كل يوم، كان المطعم خاليا بالكامل عند الظهر.
وقال هنري، صاحب المطعم: ”صار لي 20 سنة، كتير تغير، مش شوي، كتير تغير“.
وأضاف أن أحد الزبائن حضر بالأمس وطلب شطيرة جمبون، فقال له إنه ليس عنده منه بسبب ارتفاع سعره.
وأوضح أنه طلب من الزبون شراء الجمبون من محل آخر وعرض إعداد الشطيرة له، وهو ما حدث.