محمد أبو بكر.. طالب الثانوية القابع في زنازين الجلمة

30 مايو 2020آخر تحديث :
محمد أبو بكر.. طالب الثانوية القابع في زنازين الجلمة
تمنت سائدة أبو بكر أن تنتظر كباقي الأمهات عودة ابنها محمد من تقديم امتحانات الثانوية العامة ليبشرها بسهولة الامتحان، لكنه غُيب قسرا، لوجوده في زنازين تحقيق “الجلمة” قبل أكثر من أسبوعين.

اعتقل محمد مع شقيقه نظمي أبو بكر خلال حملة الاعتقالات الواسعة التي شنها جيش الاحتلال منذ الثاني عشر من الشهر الجاري في بلدة يعبد جنوب غرب جنين، والتي طالت نحو 30 شابا على خلفية مقتل جندي إسرائيلي أثناء حملة اعتقالات بالبلدة.

وعد محمد والدته بأن يحصل على علامات كاملة في مواد التربية الإسلامية، والتاريخ، والرياضيات، ودائما ما كان يكرر لها بأنه لن يسمح بأن تقل علاماته عن المئة في هذه المواد.

يتفوق محمد في دروسه، ويعتبر من أوائل الطلبة في تحصيلهم العلمي، حيث كان مواظبا على الدراسة حتى يحقق حلمه بالحصول على معدل عال بالثانوية العامة.

جاء اليوم الأول من تقديم الامتحانات ومحمد ما زال يقبع في مركز تحقيق “الجلمة”، وستجرى له محاكمة ثانية في محكمة “سالم” العسكرية يوم الثلاثاء المقبل بعد أن كان قد مدد التحقيق له لمدة ثمانية أيام في المحاكمة الأولى له.

كان من المفترض أن تكون والدة محمد في هذه الأيام تسهر على راحت ابنها وتقدم له الطعام والشراب الذي يحبه، لكنها أصبحت مرغمة على الذهاب للمحاكم الإسرائيلية، والتواصل مع المحامين حتى تطفئ نار شوقها في الاطمئنان على ابنيها.

حرمت والدته من مشاهدته في المحاكمة الأخيرة التي أجريت له ولشقيقه، حيث حضرت إلى محكمة سالم لرؤيتهما عبر شاشة حاسوب كونهما مازالا قيد التحقيق، ويومها شاهدت نظمي فقط، أما محمد فأبلغها المحامي بأن نيابة الاحتلال مددت اعتقاله وأعادته للزنازين على وجه السرعة.

يتميز محمد بين أقرانه في مدرسة الشهيد عز الدين القسام بروح الدعابة وخفة الظل، وهذا ما جعله محبوب بين زملائه الذين يفتقدونه في قاعات الامتحان.

تأخرت سائدة أبو بكر في الإنجاب، حيث أنجبت ابنها البكر نظمي 21 عاما بعد تسع سنوات من الزواج عن طريق الحقن الصناعي، ومحمد بالحمل الطبيعي الذي يصغر نظمي بثلاث سنوات، وأخيرا حلا التي تبلغ 16 عاما.

وتقول ام نظمي: “أعمل معلمة في روضة أطفال منذ أكثر من ثلاثين عاما، وزوجي محمود بائع خضار، ونحاول أن نؤمن مصروف تعليمهم، فنظمي الذي يدرس هندسة الميكانيك في سنته الثالثة بجامعة النجاح الوطنية، يبلغ قسطه في الفصل الدراسي نحو 4000 آلاف شيقل، واضطر للدخول في جمعيات لأحصل من خلالها على قيمة القسط عند بداية كل فصل، أما والده فراتبه لا يتعدا 1500 شيقل”.

يحلم محمد بدراسة الصحافة والإعلام، ولعلمه بالوضع المادي المتواضع لعائلته أخبر والدته أنه لن يلتحق بجامعة النجاح كشقيقه نظمي كما كانت ترغب، حيث قرر أن يلتحق بسوق العمل والالتحاق بجامعة القدس المفتوحة.

اعتقل نظمي ومحمد عند الساعة العاشرة صباحا يوم الثالث عشر من الشهر الجاري، بعد أن خلع جنود الاحتلال باب منزل العائلة بينما كانوا نائمين بعد ليلة صاخبة من الاقتحامات وإطلاق النار.

كُبل نظمي في البداية، حينها طبطب محمد على كتف شقيقه وحاول أن يودعه، لكن جندي آخر شده وأخبره أنه هو الآخر قيد الاعتقال.

قبل اعتقال محمد كان قد أنهى دراسة كافة المواد لمرتين متتاليتين، ويستعد للبدء بدراسة مادة التربية الإسلامية كونها مادة الامتحان الأولى التي سيتقدم لها.

ولا تبدي والدته مخاوفها من عدم تمكنه من تقديم الامتحانات لهذا العام، حيث أنها واثقة من أنه سيحقق النتائج التي يأملها حين الإفراج عنه أو حتى لو اضطر لأن يقدم الامتحانات داخل سجون الاحتلال.

وتعيش بلدة يعبد منذ نحو ثلاثة أسابيع على وقع الاعتقالات اليومية، واقتحامات منازل المواطنين، في حين أصبحت بعض شوارعها شبه خاوية من الشبان بعد أصبح معظمهم معتقلين.

وخلال العام الماضي تقدم 619 أسيرا في 11 معتقلا لامتحانات الثانوية العامة، وبلغ عدد الناجحين 427 متقدما، في وقت بتحمل الاحتلال وإدارة السجون المسؤولية عن حرمان الأسرى من إدخال الكتب وتعطيل إتمام الامتحانات في عدد من السجون في سياسة ممنهجة لمحاربة الأسرى بشتى السبل.

الاخبار العاجلة