تقارب “حماس– دحلان”… حين تلتقي المصالح

2 نوفمبر 2016آخر تحديث :
تقارب “حماس– دحلان”… حين تلتقي المصالح

كتب: محمد عثمان لموقع المونيتور البريطاني

رام الله – صدى الإعلام _ بدا متوقّعا أخيراً حجم التقارب بين القياديّ المفصول من حركة “فتح” محمّد دحلان وتيّاره الإصلاحيّ الذي أسّسه مع عدد من قيادات “فتح”، وبين حركة “حماس”، خصوصاً بعد مغازلات محمّد دحلان المتكرّرة للأخيرة، والتي كان آخرها في لقائه مع فضائيّة “دريم المصريّة” في 23 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري وتلميحه بأنّ التقارب معها هو الحلّ لكلّ مشاكل قطاع غزّة.

وفي ظلّ تصاعد نبرة العداء بين الرئيس الفلسطينيّ رئيس حركة “فتح” محمود عبّاس وخصمه اللّدود المفصول من الحركة دحلان، بدأ سعي الأخير إلى التقارب مع حركة “حماس” في قطاع غزة في مراحله الأولى كالتواصل لإتمام مشاريع إنسانيّة في غزّة مموّلة عبره كالأفراح الجماعية ورعاية الأسر الفقيرة أو التنسيق مع الجانب المصري لفتح معبر رفح.

ونفى القياديّ في التيّار الإصلاحيّ في حركة “فتح” الذي يقوده دحلان وأسّسه بعد فصله ومن فتح وعدد من القياديين الاخرين في العام 2011، عبد الحميد المصريّ لمراسل “المونيتور” وجود تقارب أو مساع في هذا الاتجاه بين الطرفين، وقال: “هناك حديث حول كيفيّة تسيير أمور المواطنين وتنسيق في بعض المشاريع الإنسانيّة التي يجلبها محمّد دحلان إلى غزّة، حتّى لا تقف حماس عقبة في طريق تنفيذها، وهذا التنسيق قديم”.

وأكّد عبد الحميد المصريّ وجود قنوات تواصل بين دحلان وتيّاره الإصلاحيّ وبين حركة “حماس”، مشدّداً على أنّ الأمر يأتي في إطار تنفيذ مشاريع إغاثيّة، وقال: “ولو كان هناك تنسيق كامل، فإنّنا لن نخجل في الإعلان عنه، طالما أنّه في إطار العلاقات الوطنيّة ومصلحة المواطنين، ولكن لا يوجد تطبيع للعلاقات”.

وبحكم العداء التاريخيّ بين حركة “حماس” ومحمّد دحلان الذي بدأ منذ منتصف تسعينيّات القرن الماضي رئاسته لجهاز الأمن الوقائيّ في قطاع غزة، والذي تتّهمه الحركة باعتقال وتعذيب قياداته، فإنّ العلاقة بين الطرفين اليوم تبدو غير منطقيّة للكثيرين.

تواصل مراسل “المونيتور” مع المتحدّث باسم حركة “حماس” في قطاع غزّة حازم قاسم للحديث عن التقارب بين حركته ودحلان، غير أنّه رفض الخوض في الأمر، مكتفياً بالقول إنّ حركته ليست طرفاً في خلافات حركة “فتح” الداخليّة.

ودفعنا الأمر إلى التواصل مع القياديّ في حركة “حماس” وعضو مجلس الشورى فيها الدكتور أحمد يوسف، الذي أعلنت سابقاً الحركة أنّه لا يتحدّث باسمها، لكن وبحكم عضويته في أعلى هيئة قيادية فيها، فإنه يعكس الحراك الداخليّ فيها.

وفي هذا الإطار، قال أحمد يوسف لـ”المونيتور”: “اليوم، سنسمع عن دحلان في إطار المواقف السياسيّة والمشاريع الإغاثيّة وتقديم الأفكار والحلول لمشاكل قطاع غزّة. فالسياسة مصالح، وهي قابلة للتبدّل مع الاحتفاظ بالأبعاد القيميّة والأخلاقيّة كسياج لما ندعو إليه من مبادئ”.

أضاف: “دحلان لن يغيب عن المشهد السياسيّ، ومن يصطفّون حوله من الشباب يتزايدون في شكل لافت للنظر، وهم أكثر عدداً ممن ينتمون إلى حركة فتح في غزّة. ومع استمرار عجز قادتها التاريخيّين وغياب المراجعات، سينتهي الأمر إلى الجيل الأكثر شباباً أمثال محمّد دحلان والقيادي في الحركة سمير المشهراوي وآخرين”.

ورأى أنّ البعض من حركة “حماس” قد لا يتقبّل دحلان حتّى اللحظة لاعتبارات تاريخيّة كرئاسته لجهاز الأمن الوقائي في غزة في منتصف تسعينات القرن الماضي والذي تتهمه حماس باعتقال وتعذيب قادتها، مشيراً إلى أنّ هذا الأمر متفهّم، غير أنّ الرجل يتحسّن من حيث أداء خطابه تجاه حركة “حماس” والوضع في غزّة يوماً بعد يوم، وقال: “هذا ما لمسناه في الآونة الأخيرة من خلال الانفراجة المريحة على معبر رفح التي حصلت بعد تدخّله في الجانب المصري، فالواضح أنّ دحلان أصبح يلعب السياسة بطريقة أفضل من السابق، ويحاول أن يكسب ودّ الجميع داخل الفصائل الفلسطينيّة، وذلك بعد أن أخفقت أو تعثّرت كلّ الجهود العربيّة في الإصلاح بينه وبين الرئيس أبو مازن، بأمل توحيد حركة فتح”.

وتوقّع يوسف أنّ الأشهر المقبلة ستشهد حضوراً أوسع لأنشطة دحلان وزوجته في قطاع غزّة، مبيناً أنّ هذا الأمر لن يُشكّل صدمة، عازياً ذلك إلى حاجة “حماس” لكلّ الخيارات للتفريج عن معاناة سكّان غزّة، وقال: “نرحّب بكلّ يدّ تقدّم الدعم والمساعدة إلى أهلنا في القطاع، ونشكر كلّ من يسعى إلى إصلاح العلاقة مع إخواننا في مصر بهدف وقف التوتّر وتسهيل حركة المسافرين على معبر رفح من طلاّب ومرضى وعاملين”.

وتربط محمد دحلان بالنظام المصري علاقة وطيدة خاصة بعد فصله من حركة فتح في العام 2011، فيما يتردد على القاهرة بشكل شبه منتظم. بينما تسهّل وتسمح له بإقامة انشطة سياسية في القاهرة من قبيل التجهيز للعديد من المؤتمرات التي تخص القضية الفلسطينية.

من جهته، عزا المحلّل السياسيّ حسام الدجني لـ”المونيتور” نفي كلّ من حركة “حماس” وتيّار “فتح الإصلاحيّ” لهذا التقارب، رغم وجود مؤشّرات تؤكّد ذلك، إلى أسباب عدّة، أهمّها تشابك التحالفات في المنطقة بين الأطراف العربية والاقليمية وتعارضها، ممّا يتطلّب التكتّم عن مسار هذا التقارب الذي تجسّد بخطوات عمليّة واضحة المعالم، أهمّها الإفراج عن القيادي في كتائب شهداء الاقصى الذراع المسلّح لحركة فتح زكي السكني، الذي سجنته حماس في سجونها بغزة لمدة ثمانية سنوات ونصف، وتصريحات دحلان التي تشيد بحركة “حماس” ويعتبرها أنّها مكوّن مهمّ في النظام السياسيّ الفلسطينيّ، إضافة إلى السماح لبعض أنصار دحلان بالخروج من معبر رفح لحضور مؤتمر “العين السخنة”، الذي دعا إليه مركز دراسات مصريّ.

وقال: “هناك تقارب، ولكن ليس تحالف، فنحن أمام تقاطع مصالح بين حماس ودحلان وخطوات بناء الثقة من أجل تحقيق مصالح الطرفين. دحلان لديه هدف العودة إلى حركة فتح والتنافس على رئاستها، تمهيداً لانتخابات رئاسة السلطة الفلسطينيّة، ولا يمكن أن يتحقّق ذلك من دون حركة حماس والمرور بغزّة”.

ورأى حسام الدجني أنّ “حماس” تأمل من فرصة تقاربها مع دحلان في تحقيق أهداف عدّة، وقال: “التخفيف من الحصار المفروض على قطاع غزّة والعمل على حلّ أزماته كإغلاق معبر رفح المستمر ومشكلة الكهرباء، فتستفيد حماس من حال التنفيس، إضافة إلى أنّها تستفيد من ذلك التقارب لترميم علاقتها بمصر، ناهيك عن تحريك ملف المصالحة مع الرئيس عبّاس، حيث يشكّل الحراك نقطة ضغط على عبّاس قد تستفيد منها حماس لتحفيزه لدفع استحقاقات المصالحة، وعلى رأسها دمج موظّفيها في قطاع غزة الذين عيّنتهم الحركة بعد أحداث الانقسام الفلسطيني في المؤسسات الحكومية بالقطاع، والبالغ عددهم أكثر من أربعين ألف موظف”.

 

 

الاخبار العاجلة