لهذه الأسباب ألغى الاحتلال ما يسمى بـ”قانون التسوية”

12 يونيو 2020آخر تحديث :
لهذه الأسباب ألغى الاحتلال ما يسمى بـ”قانون التسوية”

جيفارا سمارة

لم يكن إقدام “محكمة الاحتلال العليا”، على الغاء “قانون التسوية” الذي يتيح البناء الاستيطاني على أراض بملكية فلسطينية خاصة ويمنع إخلاء بؤر استيطانية، في محاولة لتبييض وشرعنة الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، تراجعا عن الاستيطان، بل تكتيكا يضمن سير سرقة الحق الفلسطيني بطرق أخرى وضمانة “لأمن السارقين”.

الخوف من الجنائية الدولية

وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير وليد عساف لـ”وفا”، “ما حصل هو هروب من المساءلة والملاحقة للقيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية أمام المحكمة الجنائية الدولية، حيث ذهبت المحكمة الإسرائيلية إلى الغاء القانون، واعتماد وسائل أخرى لا تصدم مباشرة بالقانون الدولي وتحقق استمرار الاستيطان والسيطرة على الأراضي الفلسطينية الخاصة”.

وألغت محكمة الاحتلال، الثلاثاء، “قانون التسوية”، بعد أن أقرته “الكنيست” في السادس من شباط/ فبراير عام 2017 بصفة نهائية قانون تبييض المستوطنات المعروف إسرائيليا بـ”قانون التسوية”، بعدما أقره بالقراءة الأولى مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2016، وأصبح القانون نافذا بعد التصويت عليه في القراءتين الثانية والثالثة النهائية، حيث شكل القانون فرصة لتشريع البؤر الاستيطانية، وشرعنة سرقة الاراضي التي استولى عليها الاحتلال.

وأشار عساف الى ان المستشار القانوني لحكومة الاحتلال آنذاك أفيحاي مندلبليت، اعتبر أن تعريف الجهات المخولة بـ”تشريع” سرقة الاراضي والاستيلاء عليها بحسب قانون التسوية هي أي وزارة في حكومة الاحتلال، وأي مجلس اقليمي تابع للاحتلال، وأي مجلس استيطاني، وأي جمعية استيطانية، وهذا جعل من كل هذه الجهات أطرافا صاحبة مسؤولية تعطي من تريد الحق في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وهذا يعني مئات الجهات المخولة بسرقة الأراضي المحتلة بحسب ما فسر وجاء في قانون التسوية.

وهذا الواقع دفع حتى من مندلبليت للقول إن ذلك يعد ثغرة قانونية كبيرة بالنسبة لكيان الاحتلال أمام القانون الدولي، يجب التخلي عنها رغم الاغراء الاستيطاني الهائل لهذا القانون، لدرجة أن القضاة الإسرائيليين يمكن ان يحاكموا في المحكمة الجنائية الدولية على أساس قرارات استيلاء أصدروها استندت إلى هذا لقانون، وحتى ان مجرد مناقشة الكنيست لهذا القانون هي بحد ذاتها مخالفة للقانون الدولي، لانه حتى في القانون الاسرائيلي التشريعات بخصوص الاراضي المحتلة هي من اختصاص الجهات العسكرية.

وقد يثار هنا تساؤل إن كان هناك تخوف من الملاحقة القانونية من قبل الجنائية الدولية بسبب هذا القانون، فكيف الحال مع مخططات الضم لأجزاء كبيرة من الضفة الغربية؟، والجواب بحسب المختصين ان ما يسمى بـ”قانون التسوية” في جوهرة سرقة ممتلكات خاصة بقوة الاحتلال، أما في حالة ما يسمى بالضم فهو “وضع سياسي” يهدف الى تغيير واقع “السيادة”، وليس ملكية الأرض.

قوانين سلب واستيلاء بديلة

وأشار الوزير عساف الى ان الاحتلال لجأ الى البدائل الاكثر خبثا والتواءً باقتراح من مندلبليت، وهي الاوامر العسكرية خاصة الامران العسكريان رقم 58 و59 بهدف الاستيلاء للسيطرة على ما سماها الاحتلال بـ”الممتلكات الحكومية” واملاك الغائبين (التي شرد الاحتلال أصحابها وهجرهم)، واتاح هذان القانونان بنص يقول: “اذا قام المسؤول عن الاملاك الحكومية بعقد صفقة في ارض ما مع طرف ثالث باعتقاد منه ان هذه الارض على اساس أنها املاك حكومية وتبين لاحقا انها ليس حكومية تبقى الصفقة سارية، ولا يحق لصاحب الارض الا المطالبة بـ”التعويض”، ولا يحق له ان يطالب بأرضه المسروقة وعليه الاكتفاء بتعويض رمزي”.

إضافة أيضا إلى ما سمي بـ”قانون السوق” الذي مهد الطريق امام سرقة اراضي في اكثر من موقع لمنع اخلاء المستوطنين من أراض سيطروا عليها بالقوة وبالاحتيال ولتشريع وجودهم عليها، وهو ما يزال ينفذ ما استطاعوا الى ذلك سبيلا.

وقانون “السوق” وهو قانون اسرائيلي يجهد الاحتلال لتطبيقه على الفلسطينيين، عبر المجيء بجاسوس للعدو الاسرائيلي بورقة ملكية مزورة يبيع قطعة الارض لجهة اسرائيلية وتباع لاكثر من طرف، دون علم صاحب الارض الحقيقي خاصة في حالات الوفاة أو الهجرة إلى الخارج، وبعد سلسلة بيع وشراء فان هذه الشبكة تعطي المشتري الأخير الحق في الارض، والمحكمة الاسرائيلية ملزمة بالدفاع عن سارق الارض وليس صاحب الحق المسلوب.

ويكفي أن نشير الى الدراسة التي سربتها حركة “السلام الآن” بعد ان اوقفت محاكم الاحتلال جلسة استماع حول التماسهم بسرقة الاراضي الخاصة من الفلسطينيين بالضفة، حيث أوضحت الدراسة أن 1.26% فقط من الاراضي التي تقوم عليها المستوطنات هي أراض “يهودية” (وهي بالمناسبة اراض بمعظمها خضعت لعمليات تزوير ملكية)، فيما بلغت الاراضي المستولى عليها بالاحكام العسكرية والتي يسميها الاحتلال أراضي “دولة” 54.31%، اما الاراضي التي هي ملكيات خاصة للفلسطينيين فبلغت 38.76%، اما الاراضي التي لم تنته فيها عمليات التسوية (الطابو) فبلغت 5.76% من حجم الاراضي المحتلة التي تقوم عليها المستوطنات بالضفة.

حوالي 90% من الاراضي المصنفة “ج” في الضفة الغربية المحتلة، هي مستحوذ عليها بفعل مئات القوانين المتعلقة بالأرض والاف الاوامر العسكرية.

فمثلا في عام 1984 قرر كيان الاحتلال لَيَّ عنق القانون العثماني الصادر عام 1858 وتطويعه لخدمة واحدة من أكبر سرقات العصر، ليصادر معه ما يقرب من المليون دونم بحجة انها اراض مشاع (ميري) او متروكة، واشارت دراسة صادرة عن مؤسسة “بيتسيلم الحقوقية الاسرائيلية” بعنوان “تحت غطاء الشرعية الإعلان عن أراضي دولة في الضفة الغربية”، ان كل ما تم الاستيلاء عليه من اراض آنذاك، يتناقض مع قوانين الأراضي المحلية التي استندت اليها عملية الاستيلاء او السرقة.

ــــــ

الاخبار العاجلة