قال وزير الخارجية التونسي نور الدين الري إن مخطط الضم الإسرائيلي لأراض فلسطينية محتلة يشكّل انتهاكا جسيما للقانون الدولي واستهتارا بالقرارات الأممية وإيغالا في العدوان على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وإحباطا لأي مسعى لإعادة إطلاق مسار السلام الذي يوفّر ضرورة ملحّة، إقليميا ودوليا، مؤكدا أنه ستكون له تداعيات بالغة الخطورة على مجمل الأوضاع في المنطقة.
وأضاف الري، في كلمته خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي الذي عقده اليوم الأربعاء، لبحث خطة إسرائيل لضم أراض فلسطينية، وبشأن الشرق الأوسط، أن هذا الاجتماع يأتي قبل أيام من محطة أخرى من استهتار إسرائيل بالقوانين الدولية متمثلةً بالموعد الذي أعلن عنه رئيس حكومتها للبدء في تنفيذ مخطط ضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية، في خرق جسيم وواضح للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وفي تحد صارخ للمجموعة الدولية التي عبرت بمواقفها الوطنية والشعبية عبر التجمعات الإقليمية والجغرافية عن رفض واضح لهذه السياسة العدوانية.
وأضاف: “على امتداد أكثر من سبعة عقود أمعنت إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال ولا زالت في ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق وفي الاستيلاء على الأراضي وهدم البيوت وتنفيذ المشاريع الاستيطانية وانتهاك المقدسات، إلى جانب تشديد إجراءات الإغلاق والحصار الجائر والخنق الاقتصادي وكل أشكال العقاب الجماعي الأخرى”.
وتابع: “بالموازاة مع ذلك ورغم الجهود الدولية والقرارات العديدة لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والاتفاقات المبرمة، لم تكتف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بتجاهل تلك القرارات وانتهاكها بل أقدمت على اتخاذ سلسلة من القرارات والإجراءات الأحادية في إطار سياسة فرض الأمر الواقع لتغيير الوضع القانوني والتاريخي للأراضي العربية المحتلة وتنفيذ مخططاتها التوسعية، من ذلك القرارات المتعلقة بضم القدس الشرقية وفرض سيادة إسرائيل عليها وتغيير تركيبتها الديمغرافية وتهويد أحيائها، وقرار فرض السيادة على الجولان السوري المحتل، وما يسمى بقانون الدولة القومية، ومشاريع بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، والآن مخطط ضم أجزاء من الضفة الغربية بما في ذلك غور الأردن وشمال البحر الميت”.
وقال: “إزاء كل ذلك فإن تونس تدعو مجددا من منبر مجلس الأمن، المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في هذه المرحلة الحاسمة من خلال التصدي لهذا المخطط ومنع تنفيذه باعتبار ذلك أولوية ملحة من أجل حماية القانون الدولي وإرادة السلام ومنع انزلاق الأوضاع في المنطقة نحو دوامة جديدة من العنف والإنفلات”، مؤكدا ضرورة إبلاغ الجانب الإسرائيلي رسالة قوية وواضحة مفادها رفض المجتمع الدولي لمخطط الضم وعدم السماح بمواصلة انتهاك القانون الدولي وتعريض الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم للخطر.
وأضاف: “من منطلق ثوابت سياستها الخارجية، فإن تونس تجدد اليوم تأكيد موقفها الثابت والمبدئي بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الشقيق في نضاله من أجل استعادة حقوقه المشروعة بإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على أرضه بحدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتسوية جميع قضايا الحل النهائي، وذلك في إطار سلام عادل وشامل وفق قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين ومبادرة السلام العربية”.
وتابع: “كما تؤكد تونس أن الحقوق الفلسطينية لا تسقط بالتقادم وأن إجراءات سلطات الإحتلال الإسرائيلي باطلة وكل ما ينتج عنها مرفوض ولا تترتب عنه أي آثار قانونية”.
وأردف: “إن رفضنا المطلق لمخطط الضم ودعوتنا لتضافر الجهود الدولية للتصدي له ومنع تنفيذه عاجلا وآجلا، لا تضاهيه إلا مطالبتنا بإنهاء الاحتلال باعتباره السبب المباشر والعنوان للمأساة القائمة منذ أكثر من 70 سنة بكل ما رافقها ونتج عنها من اعتداءات وانتهاكات لا يزال الشعب الفلسطيني الشقيق يتعرض لها بشكل متواصل وممنهج”.
وجدد مطالبة تونس لمجلس الأمن بالعمل على حمل إسرائيل على إنهاء الاحتلال، والانسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية والعربية على حدود الرابع من حزيران 1967 وفق جدول زمني محدد، مؤكدا أهمية العمل على إعادة إطلاق مسار تحقيق السلام العادل والشامل وفق المرجعيات الدولية المتفق عليها.
وأضاف: “تؤكد تونس أهمية توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وإنهاء الحصار الجائر المفروض على غزة، ووضع حد لكافة أشكال التمييز والعقاب الجماعي الأخرى”.
ودعا المجموعة الدولية إلى مواصلة دعمها لجهود السلطة الفلسطينية من أجل مجابهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية المتفاقمة نتيجة تواصل الاحتلال والتهديد الوبائي المستجد، مؤكدا أن المنطقة لا يمكن أن تستعيد أمنها واستقرارها وتنعم شعوبها بالعيش في سلام ما لم يتم التوصل لتسوية عادلة وشاملة للصراع العربي الإسرائيلي.