“فانا”: لبنان يتحدى الجائحة وحكومته تسعى إلى التعويض قدر الامكان

22 يوليو 2020آخر تحديث :
“فانا”: لبنان يتحدى الجائحة وحكومته تسعى إلى التعويض قدر الامكان

صدى الاعلام _ بيروت: كشف تقرير حول تأثير فيروس “كورونا” المستجد، على الاقتصاد في لبنان، بعنوان: “كورونا ألقى بثقله على اقتصادات العالم وألحق بها خسائر فادحة.. لبنان البلد الصغير يتحدى الجائحة وحكومته تسعى إلى التعويض بقدر الامكان”، وهذا نصه:

ألقى وباء كوفيد-19 المستجد بثقله على القطاع الاقتصادي في لبنان، وأدت إجراءات الحجر إلى إقفال الأسواق والمحال والمصانع والشركات، ما أدى إلى عزل كامل للوطن عن الخارج. وقد جاءت سلبيات كورونا مؤثرة جدا على فقدان السلع واضطراب الميزان التجاري، فأفقدت الليرة اللبنانية قيمتها مقابل الدولار الأميركي، وبالتالي سائر العملات ولا سيما مع هلع المواطن على لقمة عيشه ومصيره، بعد الاقفال التام الذي قطع أنفاسه، وقد دفعت الليرة ثمن الإشاعات التي حملت على التمون بسبب انقطاع السلع نظرا الى وقف الاستيراد والتصدير، فدخل الدولار منافسا وتخطى معدلاته نظرا الى كثرة الطلب عليه.

السلة الغذائية:

لقد دفعت الأزمة المعيشية بالحكومة إلى التحرك وفق إمكاناتها واتخاذ إجراءات عدة، لتقليل العبء على المواطن وسط الارتفاع الكبير لأسعار المنتجات في السوق المحلية، ثم جاءت مبادرة وزارة الاقتصاد برئاسة الوزير راوول نعمه، وهي السلة الغذائية المدعومة بالتعاون مع مصرف لبنان، والتي أدت إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية الأساسية والحفاظ على الأمن الغذائي.

شملت السلة ما يقارب الـ 330 سلعة مدعومة على سعر صرف للدولار حدد بـ 3900 ليرة لبنانية، وهي سلع قابلة للتعديل والإضافات مع الوقت، بحسب الحاجات المستجدة للمواطنين. في ما يخص نوعية السلع المدعومة، فقد تم التوافق على مبدأ أساسي يراعي دعم الإنتاج المحلي. من هنا، كان الاتفاق على أن يكون الدعم مقسما بين دعم المواد والمعدات الأولية التي تستخدم في تصنيع عدد من المواد الغذائية. أما في ما يخص السلع التي لا تنتج في لبنان، فيتم دعم المستورد منها. وبهذا القرار، يجري دعم كل قطاع على حدة بما يعزز الإنتاج المحلي، وعلى هذا الأساس تُدعم المواد الأولية في الصناعات الغذائية، وكذلك الأمر في الزراعة.

 أما بالنسبة إلى بعض الأصناف المدعومة، فقد جرى تقسيمها إلى مجموعات، منها دعم المواد الأولية في الزراعة والصناعة، وشق آخر يتعلق بدعم مواد غذائية. ومن ضمن اللائحة، دعم اللحوم ومشتقاتها والأصناف التي تنتج منها. وبالنسبة إلى اللحوم البيضاء والحمراء فهي ضمن السلة حكما. وهذه سلع ليست قابلة للتعديل ولا للحذف. وكذلك تم دعم اللحوم البيضاء وبعض الخضر الطازجة، وضمت السلة أيضا المواد الدهنية والخضر المعلبة والمكسرات الأساسية، حليب بودرة، شاي، قهوة، بالاضافة إلى معدات أساسية غير غذائية، تمثل حاجات يومية للناس (بطاريات، معجون حلاقة، شفرات للحلاقة…)، أدوية بيطرية، فيتامينات للمزروعات، معدات زراعية، الأسمدة الأكثر استخداما، البذور والشتول المستوردة.

الخطة الاقتصادية:

وكانت حكومة الرئيس حسان دياب صادقت على خطة اقتصادية كانت وضعتها للنهوض بالقطاع بعد إدخال تعديلات طفيفة على الصيغة المقترحة، ورسمت في صفحاتها الاولى أهدافها الاساسية على صعيد الاصلاحات الهيكلية وتأمين الحماية الاجتماعية للأكثر فقرا مع تأكيد حاجة لبنان الى دعم خارجي، على أن يأتي هذا الدعم بعد التزام الإصلاحات، والتشديد على الاسراع في تنفيذ إجراءات الإصلاح التي طال انتظارها، وهو أمر أساسي لاستعادة الثقة.

واقترحت الخطة تأمين مساعدات دولية قيمتها 10 مليارات دولار موزعة على 5 سنوات حتى العام 2024. ولحظت العمل على إعادة التوازن للمالية العامة والانتهاء من عملية إعادة هيكلة الدين بالاضافة الى تعزيز الجباية وإسترداد الأموال المنهوبة والإصلاح الضريبي الذي يستهدف أصحاب الدخل المرتفع، مع تعزيز كفاءة الإنفاق وإدارة مالية عامة أفضل. كما تضمنت، إصلاح الكهرباء والمؤسسات العامة وصولا الى خصخصة عدد من هذه المؤسسات خلال العشر سنوات المقبلة. أما بالنسبة الى القطاع المصرفي، فتتضمن الخطة ضرورة إعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف التجارية بطريقة عادلة بهدف إطفاء جزء كبير من الخسائر التي قدرتها هذه الخطة بأكثر من 241 الف مليار ليرة، أي ما يعادل تقريبا 160 مليار دولار.

واعتبرت الخطة ان خسائر ميزانية المصرف المركزي تتطلب المعالجة بسرعة لإعادة بناء نظام نقدي يحظى بالثقة، لذلك يجب الاعتراف بالخسائر التي يتحملها القطاع، مع التأكيد ان حاملي السندات سيتحملون بدورهم جزءا من هذه الخسائر. ويمكن بحسب الخطة السير بعملية إعادة هيكلة الدين والتفاوض مع حاملي السندات. وفي تفاصيل إعادة هيكلة مصرف لبنان، تعتبر الخطة ان من الضروري على المركزي مع إتمام هذه العملية، العودة الى الربحية. ومن الاجراءات التي تضمنتها الخطة إنشاء شركة تهدف الى إدارة أصول وممتلكات وعقارات للدولة ليتم استعمال أرباح هذه الشركة بغية تمويل زيادة رساميل مصرف لبنان وتغطية جزء من خسائره.

أما بالنسبة الى ملف الاموال المنهوبة، فتنص الخطة على استعادة الفوائد التي تصفها بأنها غير عادلة، والتي سددتها المصارف اللبنانية خلال الأعوام الماضية للمودعين، واسترداد الودائع التي تم تهريبها إلى الخارج خلال المرحلة التي فرضت المصارف فيها قيودا على السحوبات والتحاويل للخارج، مع ضرورة العمل على الانتقال من الكابيتال كونترول غير المقونن الى قانون للقيود المصرفية لتحقيق العدالة بين المودعين.

ولحظت الخطة العمل على استعادة الفوائد المرتفعة التي دفعتها المصارف للخارج خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، وإستعادة الفوائد التي وصفتها الحكومة بغير العادلة، والتي كانت المصارف تدفعها إلى المودعين، وتحديدا الفوائد المدفوعة على الودائع بالدولار التي تفوق قيمتها 50 ألف دولار. واستنادا إلى الخطة، فإن الودائع المصرفية التي سيتم العمل على استرجاع فوائدها سيتم احتسابها بالنسبة الى معدل قيمة الوديعة بين مطلع كانون الثاني 2019، وآذار 2020، على ان تتضمن هذه الودائع قيمة ما تم تحويله لشراء عقارات أو أي مشتقات أدوات مالية خلال هذه الفترة.

وضمن الاجراءات الملحقة بعملية إعادة هيكلة القطاع المصرفي، لحظت الخطة ايضا إجراءات تطال كل من استلم مراكز عامة او سياسية او إدارية في الدولة اللبنانية لتتم مراجعة كل العمليات على الحسابات التي تفوق مليون دولار وعائد هذه العمليات لمدة ثلاثين عاما على ان تشمل هذه الاجراءات السياسيين والموظفين في الادارة العامة الحاليين والسابقين والمتعهدين والموردين الذي قدموا خدمات للدولة، بالاضافة الى من وصفتهم الخطة بالمستفيدين من الاحتكارات والامتيازات، ومساهمي المصارف الذين تفوق مساهمتهم في المصارف نسبة 5% بالاضافة الى أعضاء مجالس إدارات المصارف، والمديرين العامين في المصارف ومصرف لبنان.

وعلى صعيد آخر، وضعت الخطة سلسلة إصلاحات إعتبرت انها تساهم في بناء نموذج نمو إقتصادي للمرحلة المقبلة، تشمل خطة لدعم القطاعات الصناعية والزراعية وإقتصاد المعرفة والسياحة وقطاع الاتصالات وغيرها.

الصناعة:

أما في القطاع الصناعي، فقد أعلن وزير الصناعة عماد حب الله “الرؤية الصناعية المستقبلية في لبنان” في اجتماع تشاوري، وكشف في تصريح عن آلية دعم ستقر بالتعاون مع مصرف لبنان بقيمة مئتي مليون دولار لمساعدة القطاع الصناعي، بالاضافة الى 150 مليار ليرة مخصصة لدعم القطاع الصناعي، من خطة التحفيز والأمان بقيمة ألف ومئتي مليار ليرة لتغطية أعباء مواجهة كورونا”.

الزراعة:

بدورها، وضعت وزارة الزراعة خطة طوارىء هدفها ضمان أمن غذائي لمدة سنة، مع تكريس للسياسات الزراعية السائدة والعقلية التجارية، بموازنة لا تتجاوز 30 مليار ليرة لبنانية. هدف الخطة تشجيع زيادة الإنتاج الزراعي المحلي لتحقيق الأمن الغذائي وتحقيق أقصى درجة ممكنة من الاكتفاء الذاتي في هذه الظروف الاستثنائية. وهي تنطلق من خطتين: الأولى، وضعها الاتحاد الأوروبي للبنان عام 1999، وأخرى عملت عليها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) عام 2000.

 تقسم الخطة إلى محاور خمسة: المحافظة على الكميات المنتجة من المساحات المزروعة وجودة الإنتاج الزراعي النباتي وزيادة المساحات الزراعية وزيادة الانتاجية، التسويق الزراعي وحماية المستهلك، التعليم الفني الزراعي الرسمي والإرشاد الزراعي، دعم صغار ومتوسطي مربي الإنتاج الحيواني في لبنان، دعم مياه الري الزراعي، وانتهاج سياسة إعلامية زراعية.

يعترف وزير الزراعة عباس مرتضى بوجود ثغرات عدة في الخطة، وأنها عاجلة ومن الصعب أن تحدث انقلابا جذريا، لكنه أكد أن فريق الوزارة يعمل مع خبراء من الجامعات وطلاب في كليات الزراعة على إعداد خطة خمسية، داعيا إلى التركيز على الزراعة المستدامة.

مساعدات عينية:

وبمبادرة طيبة منها، عمدت الحكومة إلى دفع مبلغ 400 ألف ليرة للعائلات الأكثر فقرا تولت قيادة الجيش توزيعها في مختلف المناطق. وقد لاقت هذه الخطوة ترحيبا وارتياحا كبيرا من العائلات المستفيدة.

الحكومة بادرت ونفذت وساعدت، لكن يبقى التحدي الأبرز في تشديد الرقابة على التجار والمستوردين. يضاف إلى الرقابة، وجوب تبني سياسات تمنع الاحتكار وتعزز الإنتاج وتخفض حجم الاستيراد، للتخفيف من الاعتماد على الدولار كما من وتيرة خروجه من البلاد. ماذا بعد؟ وهل سيبقى كورونا سيفا مسلطا على الاقتصادات العالمية؟.

الاخبار العاجلة