المعلم العمور.. بين حقبتين

5 أكتوبر 2020آخر تحديث :
المعلم العمور.. بين حقبتين

 جويد التميمي

ثلاثون عاما أمضاها الأستاذ خضر العمور (58 عاما)، في مهنة التدريس بقرية التوانة في مسافر يطا جنوب مدينة الخليل، التي تتعرض باستمرار لاعتداءات الاحتلال ومستوطنيه في مستوطنات “ماعون”، و”حفات ماعون”، و”متسبي يائير”، المقامة على أراضي المواطنين وممتلكاتهم.

ومنذ 4 سنوات أصبح العمور مديرا لمدرسة التوانة الثانوية المختلطة والتي يبلغ عدد طلبتها 155 طالبا وطالبة، يحضرون من عدة قرى بالمسافر مهددة بالهدم والترحيل من قبل الاحتلال وهي “سوسيا، وشعب البطم، والمفقرة، وخلة الضبع، وطوبا، والركيز”.

يقول العمور “قبل قدوم السلطة الوطنية، كانت مناهج التعليم الأردنية تخضع لرقابة مشددة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وكانت تمنع الطابور الصباحي، والسلام الوطني، وحتى القصائد التي تتحدث عن فلسطين.

ويضيف: “في حينها عانى المعلم الفلسطيني من تقييد حريته، وبمجرد أن يتحدث عن فلسطين او أي رمز من رموز القضية الفلسطينية وحيثياتها، او الحقب التاريخية التي مرت بها عبر العصور، أو المقدسات سواء في الحصص المنهجية أو خارجها في الساحات المدرسية، كان الاحتلال يعاقبه على الفور بالفصل من الوظيفة”.

ويتابع العمور حديثه، لمناسبة اليوم العالمي للمعلم الذي يصادف 5 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام قوله: بعد قدوم السلطة الوطنية تغير الوضع، وأصبح العلم الفلسطيني يرفرف على مدارسنا، ونشيدنا الوطني يعزف كل صباح، وتم تغيير المناهج، بحيث أصبحت تتناول القضية الفلسطينية تاريخا، وحضارة، ونضالا، وثقافة.

تخرج العمور من جامعة الخليل عام 1987 تخصص لغة انجليزية، وكان التوظيف في ذلك الزمن صعبا جدا، لان الاحتلال كان يفرض قيودا وصعوبات مشددة على ذلك.

يشير العمور، إلى أنه خلال انتفاضة الحجارة التي انطلقت شرارتها عام 1987، أصدرت قوات الاحتلال الاسرائيلي قرارا يقضي بإغلاق الجامعات الفلسطينية، لكنها استمرت بالتدريس رغم القرار، بيد أن الاحتلال لم يعترف بشهادات الخريجين آنذاك، ولم يوظفهم حتى قدوم السلطة الوطنية، التي فتحت أبواب التوظيف لجميع الخريجين، وأعادت كافة المعلمين الذين فصلهم الاحتلال الى سلك التعليم، واحتسبت لهم كافة الأعوام التي منعوا من التعليم خلالها.

ويستذكر مراحله الدراسية قائلا: “درست بمدرسة ذكور يطا الثانوية في ثمانينات القرن الماضي، وكنت أحضر إلى المدرسة سيرا على الاقدام من قرية التوانة بمسافر يطا، فأقطع الطريق التي كانت تبعد 8 كيلومترات صباحا ومساء، مع عدد قليل من الطلاب، واستذكر صعوبة فصل الشتاء، حيث كنا نصل مدرستنا وبيوتنا مبللين.

يتحدث العمور عن صعوبة التعليم في مسافر يطا في هذه الأوقات، حيث وصفه بالصعب بسبب الاحتلال وانتشار فيروس “كورونا”، خاصة أن منطقة مسافر يطا تفتقر للخدمات الطبية والصحية، وعدم وجود مراكز ومستشفيات وعيادات طبية سواء حكومية او خاصة، ما يتطلب من المعلمين أخذ كافة إجراءات الوقاية بين الطلبة، وعدم الاختلاط بالآخرين، لتفادي إصابة أي منهم بهذا الوباء.

ومن الصعوبات التي تواجهها العملية التعليمية في مسافر يطا، يقول إن جيش الاحتلال دائما يحتجز المعلمين والتلاميذ على الحواجز العسكرية، ويمنع إقامة مدارس فيها، ويهدم ما أقيم منها على غرار مدارس الصمود والتحدي، التي انشأتها وزارة التربية والتعليم في المسافر وكافة القرى والخرب النائية في المحافظات الفلسطينية.

واختتم العمور “التعليم هو رأس مالنا، وركيزة أساسية في تعزيز صمود السكان ومواجهة الاحتلال ومستوطنيه، نحن صامدون هنا لن نبرح أراضينا مهما تصاعدت اعتداءاته، يجب أن نكمل رسالتنا التعليمية تجاه أجيالنا، حتى لو فرض علينا ذلك أن يكون بكهف أو خيمة.

الاخبار العاجلة