الموت يسبق زيارة الأسير شقير

2 نوفمبر 2020آخر تحديث :
الموت يسبق زيارة الأسير شقير

عُلا موقدي

على عتبة المنزل في أحد أزقة بلدة الزاوية غرب مدينة سلفيت، اعتاد المارة على رؤية الحاجة فاطمة شقير منذ 18 عاماً وهي جالسة تنتظر عودة  ابنها الأسير من سجون الاحتلال الاسرائيلي عماد شقير لتحدثه عن تفاصيل يومها.

صباح اليوم، غيّب الموت الحاجة شقير (92 عاماً) اثر اصاباتها بفيروس “كورونا المستجد” الذي تفاقم مؤخراً في البلدة، ووصلت الاصابات فيها إلى ما يقارب 65، وحالتي وفاة.

ذاق الأسير شقير حسرة وفاة والده في العام 2010 والتي شكلت صدمة نفسية له، وكان قلبه يخفق لرؤية والدته وعناقها في كل زيارة وتعويض ما فقده بعد وفاة والده.

قبل عدة اسابيع، رزق الأسير عماد شقير بحفيده الأول اسماعيل من ابنته الوحيدة بتول التي كانت بعُمر الأشهر عندما اعتقل الاحتلال والدها وحكم عليه بالسجن المؤبد، بينما أكملت بتول حياتها بين أحضان جدتها وذكريات والدها حتى تزوجت العام 2017.

وكانت الحاجة شقير تحتفظ بملابس نجلها عماد في خزانته، رغم فقدانها بصرها لشدة بكائها عليه، وكانت تتحسس في كل يوم ملابسه وتشتم رائحته داعيةً من الله أن يعود إلى منزله ويرتدي ملابسه الدافئة بأسرع وقت، وأن تعد له الأطعمة التي يحبها وتطعمه اياها بيدها.

نعمة شقير شقيقة الأسير عماد قالت لـ”وفا”: كانت والدتي كلما اشتاقت له تقوم بتعليق ثيابه بالمنزل ثم تعيد ترتيبها في الخزانة بشكل منظم، وكانت بدلة زفافه وبدلته العسكرية الأحب إلى قلبها، وكانت دائماً تقول “اتمنى أن تتسخ ثيابي ولا تأتي غبرة واحدة على ملابس عماد”.

وأضافت، عندما اشتد عليها المرض كانت ترفض الطعام حتى نقول لها أن عماد يبعث لها السلام ويريدها بصحة جيدة، فتأكل حتى تشبع، ثم تسألنا: متى سيتم الافراج عنه؟

وقالت شقير: “كان المكان الأحب إلى قلبها منزل الأسير عماد، تقوم بزراعته بالأشجار وترتيبه والمحافظة عليه نظيفاً، حتى أنها قامت بزراعة 7 شجرات من التين وكانت تنوي زراعة أشجار العنب لأنه يحبه، وتشعر أن هذا واجبها نحوه”.

وتابعت: كانت تنتظر موعد زيارته بالدقيقة، ولا تشعر بالتعب والمشقة سوى في طريق العودة للمنزل، فتشعر أنها تترك قلبها بين قضبان السجن، وترفع دعواتها للسماء بأن يخفف عليها ألم البعد، ويطلق سراحه وباقي الأسرى في أقرب وقت.

ولد الأسير عماد عبد الله شقير في 25 تشرين الثاني من عام 1972، واعتقل خمس مرات، في الأولى لم يكن يتجاوز 16 عاماً من العمر، وشارك في فعاليات انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى، وأصيب بالرصاص الحي ثلاث مرات، كانت الأولى في الكتف بالعام 1987، والثانية عام 1988 في الفخذ الأيمن، والإصابة الثالثة عام 2002 وأصيب بعدة رصاصات في الصدر، بعد اشتباك وصديقه منصور موقدي مع قوات الاحتلال، في قرية سنيريا، وبقي ينزف لنصف ساعة غاب فيها عن الوعي، قبل أن يعتقله الاحتلال ويحكم عليه بالسجن مدى الحياة.

في اليوم الثالث لاندلاع انتفاضة الأقصى، نصب الاحتلال كميناً له على مدخل قرية مسحة غربي سلفيت، دون أن يتمكن من اعتقاله وبقي مطارداً لعامين، حتى اعتقل في تموز العام 2002.

عانقته والدته لأول مرة في عام 2017، وكان قد قضى حينها أكثر من 16 عاماً من الاعتقال في معتقل “ريمون” الصحراوي، وتوقفت عن زيارته منذ بداية جائحة كورونا، الا أنها كانت دوماً في طليعة المشاركين في فعاليات دعم الأسرى إسناداً له.

الاخبار العاجلة