الاحتلال يسلب الشاب ادريس شقاء عمره في لحظات

27 نوفمبر 2020آخر تحديث :
الاحتلال يسلب الشاب ادريس شقاء عمره في لحظات

جويد التميمي

“إنها المأساة التي تطاردنا نحن الفلسطينيين، هذا الاحتلال يحاول بكل السبل إرغامنا على الرحيل، سنبقى في أرضنا مهما فعل الاحتلال وسنستمر في الدفاع عنها وسنعيد بناء ما يهدمون”، قالت الحاجة يسرى ادريس (68 عاما) لــ “وفا”، من على أنقاض منزل نجلها سعد الذي هدمه الاحتلال في خلة النتش في حي الكسارة شرق مدينة الخليل.

مساء الأربعاء الماضي فقد الشاب سعد ادريس (31 عاما) كل مدخراته وشقاء عمره عندما هدمت جرافات الاحتلال منزله المكون من طابقين بمساحة 250 مترا وحولته إلى ركام تحت جنح الظلام، بحجة قربه من الشارع الاستيطاني الالتفافي رقم 60، وان البناء في هذه الاراضي ممنوع من قبل سلطات الاحتلال.

تابعت الوالدة والدموع تنهمر من عينيها، “يواصل الاحتلال الهدم والاقتلاع والتخريب لكل شيء فلسطيني، سعد اصغر ابنائي، يعاني من أمراض مزمنة ولا يقوى على العمل بالشكل الصحيح، إنه مصاب بغضاريف في ظهره ورقبته، وكلفه علاجه مبالغ طائله ولديه طفل مريض لا يقوى على الحركة وهو بحاجة للعلاج ايضا”.

وأضافت، ساعدته انا واخوانه بما لدينا من امكانيات مادية وساندناه معنوياً، وباع هو الآخر مصاغ زوجته من الذهب واقترض مبالغ كبيرة ليكمل بناء منزله الذي كان قيد التشطيب، “لكن الاحتلال كان له بالمرصاد وفي ليلة ظلماء ساوى المنزل بالأرض، ليتلاشى حلمنا الجميل بمنزل سعد، الذي يقطن معي في غرفة واحدة وعائلته المكونة من 5 افراد، بعد ان كان منزله واقعا ملموسا على الارض”.

ضربت ام سعد بكفيها، وقالت، أصر سعد على البناء في ارضنا ليبقى بجواري وفي محيط منزلنا القديم، وتساءلت، اين العالم الذي يدعي الانسانية ولا نرى منها سوى اسمها؟، نحن نزرع وهم يقلعون، نستصلح ويخربون، نبني ويهدمون، يحاولون بشتى الطرق سرقة اراضينا ومنعنا دخولها، لتنفيذ مخططات استيطانية جديدة ولتوسيع المستوطنات المقامة على ممتلكاتنا”.

مالك المنزل سعد قال لـ “وفا”، “هذه ارضنا ولدينا وثائق تثبت ملكيتنا لها بالطابو ودوائر التسجيل الرسمية منذ عشرات السنين، قدمنا عدة شكاوى بشأن اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، لكن لا حياة لمن تنادي، سلطات الاحتلال تتبادل الادوار مع مستوطنيها لسرقة أراضينا، وهدم منزلي اكبر دليل على ذلك، سنواصل البناء واعمار الأرض، وسنبقى منغرسين في وطننا كما أشجار زيتوننا، والاحتلال ومستوطنوه الى زوال”.

وناشد ادريس كافة المؤسسات الوطنية والحقوقية والدولية بالتدخل الفوري والعاجل لمساعدته ووضع حد لهذه الممارسات الهمجية، التي تدل على بلطجة الاحتلال ومستوطنيه.

من جانبه قال خبير الخرائط والاستيطان في جنوب الضفة الغربية عبد الهادي حنتش، إن الاحتلال والانسانية لا يلتقيان، وإن عمليات الهدم ومصادرة اراضي المواطنين وبناء المستوطنات فيها، تأتي في سياق مخطط إسرائيلي يقوده المستوطنون بدعم من حكومتهم، يهدف في مضمونه إلى إيجاد منطقة “أمنية” عازلة في المناطق القريبة لتجمعاتهم الاستيطانية وعلى الطرق الاستيطانية الالتفافية، سلطات الاحتلال وضعت حدودا للبناء تبعد عن الطرق الاستيطانية الالتفافية من كل جانب 250 مترا بعد منتصف الطريق، يعني ذلك ان المسافة تصل الى 500 متر على جانبي الطريق.

واشار الى ان سلطات الاحتلال لا تريد للفلسطينيين التوسع والتمدد بشكل افقي، بل تحاصرهم وتخنقهم ليتمددوا بشكل عمودي ذلك لانهم يتطلعون لسرقة المزيد من المساحات الشاسعة من أراضيهم وممتلكاتهم، فمنذ احتلال الضفة الغربية عام 1967 هدمت إسرائيل أكثر من 38 ألف منزل ومنشأة في الضفة الغربية، منها 8 آلاف تقريبا في الخليل، وخلال العام الجاري زادت عمليات الهدم واصبحت تنفذ بشكل متسارع تنفيذا لخطة الضم، وانتهازا لفرصة وجود الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حيث نفذت عمليات الهدم بالمئات، وهذا يندرج في اطار التطهير العرقي للشعب الفلسطيني.

واضاف، يلتهم الشارع الالتفافي الذي شرع الاحتلال بشقة منذ شهر تقريبا نحو 1273 دونما، ويبدأ من مفرق “عتصيون” مرورا بجبل القرن الذي يعتبر محمية طبيعية ويقع غرب مخيم العروب شمال الخليل، ويبلغ طول الطريق الذي اقتلعت الاف الاشجار لتنفيذه والمقرر ان يصل الى مفرق النبي يونس ببلدة حلحول 8 كيلو مترات، ومن ثم يلتحم بشارع رقم 60 الاستيطاني الالتفافي لخدمة مستوطنات جنوب الخليل.

وتابع، يأتي هذا الشارع ضمن مخطط إسرائيلي يحمل الرقم 50 وضع عام 1991، ويهدف لربط المستوطنات والبؤر الاستيطانية ببعضها البعض من خلال شق عدة طرق في الضفة الغربية لصالح المستوطنين، يتمكن الاحتلال من خلالها سرقة مساحات واسعة من اراضي المواطنين تصل الى مئات الاف الدونمات، منوها إلى ان سلطات الاحتلال اقامت في الخليل وحدها 27 مستوطنة و42 بؤرة استيطانية يقطنها حتى اليوم 11 الف مستوطن تقريبا.

إلى ذلك أكد نائب رئيس بلدية الخليل يوسف الجعبري، أن اعتداءات الاحتلال والمستوطنين المتواصلة بشكل شبه يومي على اراضي المواطنين الذين بحوزتهم أوراق “الطابو” التي تؤكد ملكيتهم لها، يوضح استمرار المخططات الاحتلالية الاستيطانية التي تنفذها سلطات الاحتلال بحق محافظة الخليل والتي هدفها سلب مزيد من الأراضي وتهجير سكانها، لتوسيع المستوطنات التي شيدت على اراض مسروقة من الفلسطينيين، لكن اهلنا في الخليل وضعوا نصب أعينهم الاستمرار في إعمار اراضيهم وعدم السماح بتمرير مخططات الاحتلال في أي بقعه من المحافظة”.

وناشد الجعبري، المؤسسات الحقوقية والجهات الدولية المعنية بالعدالة الإنسانية في العالم، الخروج عن صمتها للجم الممارسات والانتهاكات الاحتلالية الاستيطانية المتمثلة باستباحة الأرض الفلسطينية.

الاخبار العاجلة