الإفطار الرمضاني الرابع دون فدوى!

17 أبريل 2021آخر تحديث :
الإفطار الرمضاني الرابع دون فدوى!

زهران معالي

منذ قرابة أربع سنوات، لم تلتئم عائلة منذر حمادة في قرية صور باهر جنوب القدس على مائدة إفطار رمضاني، بعد أن شتت الاحتلال الإسرائيلي الذي اعتقل زوجته فدوى وغيبها خلف القضبان، شمل العائلة.

في 12 آب/ أغسطس عام 2017، بدأت قصة الحرمان من الأمومة لحمادة وسدين ومحمد وأحمد ومريم، إلى جانب والدهم منذر، والتي ستستمر لـ10 سنوات قادمة، وهي مدة الحكم التي تقضيها الأم فدوى حمادة (34 عاما) في سجون الاحتلال، بعد أن تم اعتقالها أمام باب العمود بمدينة القدس المحتلة.

يقول الوالد حمادة لـ”وفا”، إن حياتهم قلبت رأسا على عقب بعد اعتقال زوجته، فأصغر بناته كانت تبلغ من العمر أربعة أشهر وأكبرهم ابنه حمادة ثمانية سنوات، وملامح الفرح وأجواء السعادة التي تجمع العائلة قد اختفت، وساد بدلا منها الحزن والقلق.

ويتحدث حمادة بمرارة لـ”وفا” عن ذكريات الشهر الفضيل مع زوجته، فكانت تعد أشهى المأكولات والحلويات وتزين مائدة الإفطار الرمضاني بأشهى الأطباق، قبل التوجه للمسجد الأقصى لصلاة التراويح برفقة الأطفال، لكن كل تلك الطقوس اختفت مع اعتقالها.

ويشير إلى أن فدوى تتعرض للتنكيل والعزل الانفرادي داخل سجون الاحتلال، فخلال العام الماضي تعرضت للعزل الانفرادي لمدة 75 يوما، وهذا العام 105 أيام، ولم تسمح فيها إدارة السجون لها بزيارة الأهل أو الاتصال بهم.

فدوى التي تزوجت من منذر عام 2009، خريجة جامعية أنهت دراسة إدارة الفنادق والمحاسبة في رام الله، وأتمت حفظ القرآن الكريم كاملا داخل غرف عزلها الانفرادي الأخير.

مريم أصغر أطفال فدوى التي أكملت أربع سنوات، ولم يكتف الاحتلال بحرمانها من حضن والدتها، بل منعها في زيارتها الأخيرة قبل أسبوعين من إهداء والدتها وردة قطفتها لتهديها لها، بحجة منع تفشي فيروس كورنا، وفق ما يؤكد حمادة.

وتقول أمل ربايعة والدة الأسيرة فدوى لـ”وفا”، إن “اعتقالها غير حياتنا كاملة، فدوى تركت خلفها خمسة أطفال مريم أصغرهم 4 أشهر، وكانت تعتمد على الرضاعة الطبيعية، وعانيت حتى اعتادت على الفطام، وقمت بتربيتها برفقة شقيقتها سدين”.

وتصطدم ربايعة بشكل متكرر بتساؤلات أحفادها المتكررة يوميا، عن خروج والدتهم من الأسر والزيارة وعودتها للمنزل، مضيفة “كل ما أزور فدوى بالدامون بروح مريضة مما أشاهده”.

وتوضح ربايعة بأن ابنتها نتيجة العزل الانفرادي المتواصل باتت تعاني من عدة أمراض في المفاصل والعظم والضغط وأمراض أخرى وسط إهمال طبي، حيث ترفض إدارة السجون تقديم العلاج اللازم وتكتفي بحبة اكمول فقط لعلاجها.

والأسيرة فدوى حمادة واحدة من 12 أماً من أصل 41 أسيرة فلسطينية، يقبعن في سجون الاحتلال الذي حرمهن من عائلاتهن.

ووفق تقرير صادر عن مؤسسات الأسرى بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف اليوم، فإن 4500 أسير/ة يقبعون في سجون الاحتلال بينهم 41 أسيرة، و140 طفلا تقل أعمارهم عن 18 عاما، يواجهون أجهزة الاحتلال بمختلف مستوياتها.

ويُصادف الـ17 من نيسان/ أبريل من كل عام، اليوم الوطني لنصرة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والذي أقره المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1974، خلال دورته العادية، واعتباره يوماً لتوحيد الجهود والفعاليات لنصرتهم، ودعم حقّهم المشروع بالحرية.

وتفيد دراسات الرصد والتوثيق أن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من (16) ألف امرأة فلسطينية منذ العام 1967، وكانت أول أسيرة في تاريخ الثورة الفلسطينية هي الأسيرة فاطمة برناوي من القدس، والتي اُعتقلت عام 1967، وحُكم عليها بالسّجن المؤبد، وأُفرج عنها عام 1977.

وفيما تواصل اليوم سلطات الاحتلال اعتقال (41) فلسطينية في سجونها، أقدمهنّ الأسيرة أمل طقاطقة من بيت لحم، المعتقلة منذ تاريخ الأول من كانون الثاني/ ديسمبر 2014، ومحكومة بالسجن لمدة (7) سنوات، ومن بين الأسيرات (3) رهنّ الاعتقال الإداريّ.

وتقضي الأسيرتين شروق دويات من القدس وشاتيلا أبو عياد من الأراضي المحتلة عام 1948 أعلى الأحكام بين الأسيرات، حيث يقضين حكما بالسجن 16 عاما، فيما يبلغ عدد الأسيرات الجريحات ثمانية غالبيتهنّ أُصبن بعد عام 2015، وفق نادي الأسير.

وتتعرض الأسيرات الفلسطينيات لكافة أنواع التّنكيل والتّعذيب التي تنتهجها سلطات الاحتلال بحقّ الأسرى الفلسطينيين، بدءاً من عمليات الاعتقال من المنازل، وحتّى النقل إلى مراكز التوقيف والتحقيق، ولاحقاً احتجازهنّ في السجون.

ووفق نادي الأسير فإن الأسيرات يُعانين ظروفاً حياتية صعبة في سجن “الدامون”، منها: وجود كاميرات في ساحة الفورة، وارتفاع نسبة الرطوبة في الغرف خلال فترة الشتاء، كما وتضطرّ الأسيرات استخدام الأغطية لإغلاق الحمّامات، عدا عن “البوسطة” التي تُشكّل رحلة عذاب إضافية لهنّ، خاصة اللواتي يُعانينّ من أمراض، والأهم سياسة المماطلة في تقديم العلاج اللازم لهنّ، وتحديداً الجريحات، اللواتي يعانين من آثار الإصابات التي تعرضنّ لها، وأكثر الحالات صعوبة وخطورة من بين الأسيرات، الأسيرة إسراء جعابيص.

الاخبار العاجلة