“الطفرة الهندية” تحدٍ إضافي للمنظومة الصحية في فلسطين

12 يوليو 2021آخر تحديث :
“الطفرة الهندية” تحدٍ إضافي للمنظومة الصحية في فلسطين

شكّل اكتشاف 49 إصابة بسلالة “دلتا” من فيروس “كورونا” (اكتشفت لأول مرة في الهند) نهاية حزيران/ يونيو المنصرم، تحديا إضافيا للمنظومة الصحية في فلسطين، التي تحارب على جبهتي مكافحة الجائحة، والاحتلال.

وأثار اعلان وزارة الصحة عن الإصابات بـ”الطفرة الهندية” في محافظات: رام الله والبيرة، وأريحا والأغوار، وطولكرم، والخليل، ونابلس، وسلفيت، وقلقيلية، وضواحي القدس، حالة من القلق والخوف من العودة إلى القيود، التي كانت مفروضة سابقا للحد من انتشار الوباء.

وزارة الصحة اتخذت تدابير وإجراءات احترازية جديدة لمنع تفشي المتحور الجديد، ودعت المواطنين إلى مواصلة التقيد بارتداء الكمامات، ومراعاة التباعد الاجتماعي، والإقبال على تلقي المطاعيم حفاظا على سلامة المجتمع.

وفي 29 حزيران/ يونيو، قررت وزارة الصحة، تفعيل الحجر الصحي لمدة 14 يومًا للقادمين من دول الخليج كإجزاء احترازي، للحد من انتشار الطفرة الهندية.

وجددت الصحة دعوتها للمواطنين للحد من السفر إلى الخارج، إلا في حالات الضرورة القصوى، إضافة إلى سرعة التسجيل على المنصة الإلكترونية لتلقي لقاح “كورونا”.

وتوجهت الصحة لتوفير المواد الخاصة بالفحص لتحديد الاصابة بالطفرة الهندية، وخلال ايام سيتم تزويد مختبراتها بها، علما أن الاصابات التي سجلت بالطفرة الجديدة تم تشخيصها من خلال مختبرات الجامعة الأمريكية.

اللجنة الوبائية المختصة بمتابعة الحالة الوبائية في فلسطين مستمرة في اجتماعاتها، وقد تضطر للعودة إلى فرض الإغلاق في حال تواصلت أعداد الاصابات بالارتفاع.

والطفرة الهندية “متحور دلتا” هي الأكثر قدرة على الانتقال من بين متغيرات فيروس “كورونا”، التي تم تحديدها حتى الآن، وينتشر بسرعة كبيرة جدا بين الأشخاص خاصة الذين لم يتلقوا التطعيم، إضافة إلى أن تطور المرض لدى المصابين به أسرع من الطفرات الأخرى.

وتنتقل الإصابة بهذه الطفرة بشكل أكبر بمرتين على الأقل من الفيروس الأصلي، ولهذا السبب يمكن أن ينقل شخص واحد المرض ليس إلى 2 وإنما إلى 4 أو 6 أو 8 آخرين.

وتسابق وزارة الصحة الزمن لتطعيم اكبر عدد ممكن من المواطنين، حيث بلغ العدد الإجمالي لمن تلقوا اللقاح حتى اعداد هذا التقرير (الأربعاء 7 تموز/ يوليو)، 531,648 بينهم 382,436 تلقوا الجرعتين من اللقاح.

وبهدف تنظيم حملة التطعيم، أطلقت وزارة الصحة في 10 آذار/ مارس المنصرم المنصة الإلكترونية الخاصة بالتسجيل لتلقي لقاح كورونا http://vaccine.moh.ps، استنادا إلى الخطة الوطنية للتطعيم، آخذين بعين الاعتبار أولويات العمر، الأمراض المزمنة، المهنة …

مطلع شهر شباط/فبراير من العام الجاري، باشرت وزارة الصحة بتطعيم الطواقم الطبية مبتدئة بالعاملين في غرف العناية المكثفة، داخل مراكز ومستشفيات علاج “كورونا” بلقاح “موديرنا” الأميركي، واستكملت الحملة مع لقاح “سبوتنيك” الروسي، بعد وصول 5000 جرعة بعد أيام، كما قامت الحكومة الفلسطينية بشراء كمية من لقاح “أســــــــترازينيكا” البريطاني.

وفي 17 آذار/ مارس 2021، وصلت إلى فلسطين (60 ألف جرعة) من اللقاح المضاد لفيروس كورونا عبر آلية “كوفاكس” التابعة لمنظمة الصحة العالمية، واستكمل تطعيم الكوادر الطبية والصحية، إضافة إلى مرضى الكلى والسرطان، ومن هم فوق 75 عاما.

وقال الناطق باسم وزارة الصحة كمال الشخرة، إن الوزارة أعدت خطة للتطعيم بهدف تحقيق المناعة المجتمعية بالوصول الى تطعيم 3 ملايين أي ما نسبته 70% من المواطنين في مختلف محافظات الوطن، وذلك بناء على تعليمات منظمة الصحة العالمية.

وخصصت الوزارة لهذا الشأن 20 مركزا في الضفة و10 في قطاع غزة، وتشمل الخطة تشغيل 46 مركزا في الضفة ومثلها في القطاع في حال توفر كميات كبيرة من المطاعيم.

واطلقت الحكومة في الخامس من نيسان/ ابريل حملة لتطعيم المعلمين والإداريين في المدارس الحكومية، والخاصة، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” للمرحلة الأساسية، تمهيدا لاستئناف الدراسة لطلبة المرحلة الاساسية (من الصف الأول إلى الصف السادس)، وحملة في الحادي عشر من الشهر ذاته، لرياض الأطفال، وتلتها ثالثة للكوادر التعليمية للمراحل الأخرى، تمهيدا لعودة التعليم الوجاهي بالكامل للمدارس، وفق نظام التعليم المدمج الذي وضعته وزارة التربية والتعليم.

وكانت دولة فلسطين قد وقعت اتفاقية مع شركة “فايزر” الأم، مقرها الولايات المتحدة الاميركية لشراء 4 ملايين و1400 جرعة بسعر (6.75 دولار) للجرعة الواحدة، وبحسب وزيرة الصحة مي الكيلة فإن فلسطين كانت الدولة الوحيدة في العالم التي تمكنت من الحصول على هذا العرض.

وبموجب الاتفاقية، التي تم تسديد قيمتها من خزينة الدولة الفلسطينية، تعهدت شركة “فايزر” بتسليم اللقاحات وفق جدول زمني محدد على أن يكون كالتالي:

الدفعة الاولى/ تسليم 205920 جرعة في أشهر 4+5+6 للعام 2021، بواقع 20 ألف جرعة أسبوعيا.

والدفعة الثانية/ توريد 1795000 جرعة على أن تصل في شهر 7 أو 8 أو 9 للعام 2021، والأرجح أن تكون في شهر 9/2021.

والدفعة الثالثة/ تسليم نحو مليوني جرعة في أشهر 12،11،10 للعام 2021.

 وبدأت مكافحة الفيروس في فلسطين، مطلع شهر آذار من العام الماضي، بعد أن أعلنت وزارة الصحة تسجيل سبع إصابات بالفيروس في محافظة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية لمواطنين كانوا يعملون في أحد فنادق بيت لحم، نتيجة مخالطتهم وفدًا سياحيًا يونانيًا، تبين لاحقا إصابة عدد من أفراده بفيروس “كورونا”، بعد عودتهم إلى بلدهم.

وكإجراء احترازي لمنع تفشي الفيروس، أعلنت الصحة في ذلك الوقت، حالة الطوارئ في بيت لحم، وقررت إغلاق المساجد والكنائس والمؤسسات التعليمية، لمدة 14 يوما، وأعلنت أيضا وقف استقبال السياح، وإلغاء الحجوزات الفندقية، في المدينة، وجهزت مركزا للعلاج والحجر في مدينة أريحا مجهّز بمختبر وأربع غرف عناية مكثفة.

وفي الخامس من آذار/ مارس، أعلن رئيس دولة فلسطين محمود عباس، حالة الطوارئ في البلاد، لمكافحة انتشار الفيروس، وتبع ذلك اعلان الحكومة إجراءات احترازية، كان أبرزها إغلاق كافة المرافق التعليمية من مدارس ورياض أطفال وجامعات ومعاهد وغيره، ودعوة الأطباء للالتحاق بعملهم في جميع المرافق الطبية وأخذ كامل الاحتياطات لحماية شعبنا وسلامته، وتقييد الحركة بين المحافظات، ومنع مظاهر التجمهر والتجمع والاحتفالات والتظاهرات والإضرابات في كامل أراضي دولة فلسطين، كما واغلقت المعابر وتم تسهيل عودة المواطنين الى فلسطين واجراء الفحوصات لهم، وحجر الوافدين من مختلف الدول والمصابين في مراكز مخصصة لذلك.

ورافق الاجراءات الحكومية للحد من تفشي الوباء، حملات توعية وتثقيف لحث المواطنين على التباعد الاجتماعي، والعناية بشروط السلامة، وتجنب الاكتظاظ في المرافق العامة، والتحول للعمل والدراسة عن بُعد، مثلما فرضت عقوبات على غير الملتزمين بالكمامة او بالاغلاق.

ولاقت الاجراءات الحكومية الفلسطينية إشادات من منظمة الصحة العالمية، على لسان مدير مكتبها في فلسطين جيرالد روكنشواب آنذاك، بالخطوات المتقدمة لمكافحة انتشار “كورونا”، والتي وصفها بانها “تفوق ما هو موصى به دوليا”.

وبعد استقرار المنحنى الوبائي نسبيا، وتحديدا بعد مرور 45 يوما على بدء أزمة تفشي فيروس “كورونا”، اقرت الحكومة في 21 نيسان/ابريل 2020، تسهيلات اقتصادية، وأخرى على الحركة والتنقل، تم بموجبها تشغيل بعض الأعمال والمنشآت الاقتصادية، والتخفيف عن المناطق الجغرافية، والسماح بعمل المصانع المنتجة في جميع المحافظات لأغراض التصدير، بوتيرة 50 بالمائة، شرط مراعاة الشروط الصحية والسلامة، ووضعت الوزارة اكثر من 40 بروتوكولا صحيا لإعادة تشغيل بعض القطاعات، مع استمرار عزل المحافظات بعضها عن بعض بشكل مشدد، فيما أبقت على اغلاق المساجد والكنائس ودور الحضانة والمدارس والجامعات والمعاهد.

وفي إطار تعزيز المنظومة الصحية في مواجهة الجائحة، وافق مجلس الوزراء في 9 آذار/ مارس 2021، على تعيين كادر طبي بشكل طارئ لتلبية احتياجات وزارة الصحة لمواجهة “كورونا”، في مستشفى الرئيس محمود عباس، ومستشفى دورا، وأكاديمية أريحا، ومركز قشدة، ومركز بديا، ومجمع فلسطين الطبي، والهلال الأحمر بنابلس، ومديرية صحة أريحا.

ورفدت الحكومة المراكز والمستشفيات بنحو 500 طبيب وممرض وفني، إضافة الى تزويد كافة محافظات الوطن بالمستهلكات الطبية والمسحات الخاصة بفحص “كورونا”، وسهلت منظمة الصحة العالمية، واليونسيف دخول عشرات القوافل الطبية التي سيرتها وزارة الصحة الى قطاع غزة.

وخصصت وزارة الصحة 12 مركزا لمعالجة مصابي “كورونا” في محافظات الوطن، وعملت على رفد المستشفيات بـ200 جهاز تنفس اصطناعي اضافي لأقسام المستشفيات التي كانت تعاني من شح في أجهزة التنفس.

وفي 11 نيسان/ ابريل المنصرم وبعد تراجع المنحنى الوبائي في فلسطين، خففت الحكومة الاجراءات الاحترازية، وقررت السماح للطلبة بالعودة الى مدارسهم بشكل تدريجي، وأبقت على الإغلاق الشامل يوم الجمعة فقط، مع استمرار اغلاق صالات الأفراح ومنع التجمعات والإغلاق الليلي وإغلاق الأسواق الشعبية الأسبوعية ومنع إقامة الحفلات وبيوت العزاء في الشوارع العامة.

إلى جانب الجائحة، اثقل التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، كاهل الطواقم الطبية والمنظومة الصحية في فلسطين، ففي السابع من أيار/ مايو 2021، الخامس والعشرين من رمضان، اقتحم مئات من أفراد شرطة الاحتلال باحات المسجد الأقصى المبارك، واعتدوا على المصلين والمرابطين هناك، ونظراً لارتفاع أعداد المصابين امتلأت غرف الطوارئ في مستشفيات القدس، ما اضطر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني الى افتتاح مستشفى ميداني في القدس لعلاج الإصابات.

وواصلت قوات الاحتلال قمع المصلين في المسجد الأقصى، والمرابطين في حي الشيخ جراح ومختلف احياء القدس والبلدية القديمة، احتجاجا على قرار محكمة الاحتلال تهجير سبع عائلات مقدسيه من منازلها في الحي لصالح المستوطنين، فتوسعت الاحتجاجات لتصل إلى الضفة الغربية، والمدن العربية في أراضي الـ1948، وقطاع غزة.

واسفر العدوان الاسرائيلي على أبناء شعبنا عن ارتقاء 292 شهيدا، بينهم 66 طفلا، و41 سيدة، و17 مسنا؛ واصابة3269  مواطنا بينهم 560 طفلا.

وتعرضت المؤسسات الصحية في قطاع غزة الى الاستهداف المباشر والمتعمد من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي، ما اسفر عن تضرر 24 مؤسسة صحية من بينها 11 مؤسسة تتبع لوزارة الصحة (5 مستشفيات، 6 مراكز صحية)، و13 مؤسسة صحية أهلية، الى جانب استهداف وتعمد اعاقة عمل فرق الاسعاف خلال عمليات اخلاء المصابين.

إلى جانب ذلك، خلف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي استمر لمدة 11 يوما، أضرارا مادية جسيمة بالمباني والبنية التحتية للقطاع، وتسبب بتشريد أكثر من 120 ألف مواطن من منازلهم الى المدارس والى منازل أقاربهم، ما فاقم الحالة الوبائية في قطاع غزة المنهك اصلا من الحصار المفروض عليه منذ اكثر من 15 عاما.

وسجلت فلسطين منذ بدء الجائحة وحتى اعداد هذا التقرير (الأربعاء 7 تموز/ يوليو)، 3845 وفاة، و343710 إصابات، واجري الفحص 1919905 مواطنين، وبلغت نسبة التعافي من الفيروس 98.3%، ونسبة الإصابات النشطة 0.6%، ونسبة الوفيات 1.1% من مجمل الإصابات.

الاخبار العاجلة