خاص”صدى الاعلام”…الطابون الفلسطيني يواجه خطر الاندثار

26 ديسمبر 2016آخر تحديث :
خاص”صدى الاعلام”…الطابون الفلسطيني يواجه خطر الاندثار

رام اللهصدى الاعلام-26-12-2016-يزخر المجتمع الفلسطيني بالكثير من الموروثات الثقافية والاجتماعيه التي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا حتى لو بقدر محدود وفي بعض المناطق الفلسطينية ، فبين اصالة الماضي وعراقة الحاضر ما زالت فئة كبيرة من ابناء الشعب الفلسطيني تواكب التطور التكنولوجي والحضاري مع ابقاء الصبغه الفلسطينية التقليدية حاضرة في كافة مجالات حياتهم اليومية.

الطابون الفلسطيني احد اشهر الموروثات الثقافية الفلسطينية  في صناعة الخبز خلال السنوات العشرين الأخيرة ،اخذ بالتراجع  شيئا فشيئا الا انه لم ينقرض ، متحولا من طريقة أصيلة لصنع الخبز إلى تراث تتوارث الأجيال الحكايات حوله ، وتنسج ذاكرة الآباء والاجداد في احدايثهم عنه لأبنائهم صورة من رائحة طيبة تميز خبزه ومذاق لا تضاهييه متعة ، حتى باتت تلك الرائحة العالقة في أذهان من عايشوه مرتبطة بذكريات طفولتهم ولعبهم من جهة ؛ والاحداث التي مرت على فلسطين المحتلة من جهة اخرى.

img_3974

ما زالت الجدات الفلسطينيات المتمسكات بماضيهن وتاريخهن وعاداتهن وتقاليدهن الفلسطينية لا زلن لا يفارقن طوابينهن حتى اللحظة ، يستعن بدفئه المشتعل بصور فلسطين قبل الإحتلال على قساوة الحياة وبردها بعد الاحتلال  .

 الجدة ام العبد 76عام من قرية  دير جرير بالقرب من رام الله  تقف وهي  تحمل على رأسها “صينية قش” وضعت عليها عجينة خبز أعدته الليلة الماضية حتى ” خمر” تمشي نحو “طابونها” الذي شيد عند طرف البيت  في عام 1967 ولا زال حتى اليوم مشتعلا وجاهزا للخبز والشواء والطهي  ، لم ينطفيء ” جمره ” يوما منذ ان تم بناءه ، تمشي نحوه بثوبها الفلسطيني مسدولا ” و ” خرقتها ” تغطي رأسها ، وابتسامتها الهادئة ووجها الطبيعي الصافي تحدثنا عن الطابون وكيفية صنعه وآلية عمله  .

img_3897

مراحل اعداد الطابون الفلسطيني

ويتكون الطابون الفلسطيني من غرفة صغيرة مبنية من الحجار ةبشكلها الطبيعي، (دبش) أو ” طوب” مسقوفه من أعلاها بخشب وعيدان من فروع وأغصان الشجراوالتنك ، ومغطاة من الخارج (السطح) بالطين المخلوط بالتبن،وفي وسط غرفة الطابون تقريباً تحفر (جوره)تسمى (قحف الطابون) وهووعاء نصف دائري مجوف مفتوح من الأسفل بكامله وله فتحة دائرية من الأعلى،تسمى بالطابون تكون بحجم رغيف الخبزالكبير بقطر40 سم تقريباً،مصنوع من طين ( الكلالة ) ويحاط جسم الطابون من الخارج بالرماد والنار والوقود وهو”الزبل” الذي يؤخذ عادة من روث الحيوانات (الغن موالبقروالجمال) والقصل (عقد نباتات القمح والشعير)بعد درسه ، و “الجفت” وهو ثمر نوى الزيتون بعد عصره . ويزاح الرماد عن غطاء باب الطابون المحكم المصنوع من التنك المثبت فيه مقبض حديد ليوضع العجين بداخله او قلع  اخراج رغيف الخبز بعد نضوجه يزاح بواسطة قطعة خشب  (تسمى المقحار) بحيث يغطي الرماد المشتعل “قحف” الطابون بالكامل حتى يعطي الحرارة لكافة أنحائه وأجزائه الداخلية ومافيه من رضف ” حجارة صغيرة في جوف الطابون يوضع العجين عليها ” .ويشار إلى أن هذا الطابون يبقى مشتعلا على الداوم بإضافة “الزبل والجفت “فتبدأ النار رويداً رويدا بحرق القش والزبل دون الاشتعال حيث يتصاعد الدخان ويصبح وقوداً جمراً محيطاً بقحف الطابون من جميع جهاته ومن أعلاه فيصبح الطابون جاهزاً للخبز.

img_3881 img_3910

ام العبد والطابون الفلسطيني

وبالعودة إلى طابون ام العبد في قرية دير جرير تقول ”  طابوني من  زمان موجود من ايام 67 عملناه ، وقبل ما عملناه كنت اخبز في طابونين غيره ،  انا عمري 78 سنة  وتزوجت وعمري 19 سنة ، ومن يومها وانا خباز طابون ، كل يوم بخبز ، بعمر ” تشعله ”  الطابون بالزبل والجفت ،كل يوم مرة  المغرب ومرة الصبح ” . وتعتبر عملية ابقاء الطابون مشتعلا والتحضيرات الاخرى  والخبز داخل غرفته شديدة الحرارة مهمة صعبة دفعت بالنساء إلى العزوف عنه إلى أفران الغاز أو شراء الخبزالجاهز من السوق ، إلى ان ام العبد متمسكة بطابونها ولا تجد فيه صعوبة مطلقا “انا عليا والله ما هو صعب ، انا بحبش اخبز الا على الطاون ، مرت ابني بتقلي بدناش نتعبك خلينا نخبز على فرن الغاز ، وانا بقلها لا طول وانا موجود بدنا نظل نخبز على هالطابون” .

img_3890

استخدامات متعددة للطابون الفلسطيني .

ولا يقتصر استخدام الطابون على الخبز فقط ”  بنسوي ملتيت و بنشوي بيذنجان وبندورة وبطاطا وبنحمر دجاج ونعمل  ومسخن وقراص بزعتر وبسبانخ” . وبعد انتهاء ام العبد من صنع الخبز ، اشعلت نارها من الحطب لتصنع  الشاي مع خبزها الساكن ، منتقدة خلال ذلك  ترك الفلسطينين ” لطوابينهم”  قائلة “دشرنهن- تركن –  النسوان  الطوابين ، ترقين بدهنش القديم بدهن كل شي جديد ، انا بحب كل اشي يكون طبيعي مخبوز او مطبوخ في الطابون ،  فلاحة انا فلاحه ، وبقلهن في الدار  لما اموت اخبزن على فرن الغاز ” .

img_3925 img_3931

 

الاخبار العاجلة