المستوطنون يسارعون للاستيلاء الكامل على عين الحلوة

2 أغسطس 2021آخر تحديث :
المستوطنون يسارعون للاستيلاء الكامل على عين الحلوة

إسراء غوراني

خلال شهر آذار الماضي، فوجئ سكان منطقة عين الحلوة بالأغوار الشمالية بقيام المستوطنين بأعمال ترميم في نبعهم، في ذلك الوقت أقام أولئك المستوطنون متنزها صغيرا في محيط النبع تمهيدا للاستيلاء عليه، وهو ما أنذر السكان بخطر حرمانهم من النبع الذي يعتمدون عليه بشكل كامل لاحتياجاتهم اليومية ولسقي مواشيهم التي يعتاشون منها.

على مدار الأشهر اللاحقة، كثف المستوطنون اعتداءاتهم على الرعاة الذين يقصدون النبع منذ عشرات السنوات، ولم يكتفوا بتلك الاعتداءات، فشرعوا منذ أسبوعين بأعمال بناء وتسييج لإكمال السيطرة عليه.

تزامنا مع هذه الاعتداءات، كانت ممارسات سلطات الاحتلال داعمة للمستوطنين، ونفذت سلسلة انتهاكات لتسهيل استيلاء المستوطنين على النبع، وفي معظم الأحيان يتدخل الجنود لصالح المستوطنين ويعملون على حمايتهم ومساندتهم خلال اعتداءاتهم، فضلا عن تحرير مخالفات للرعاة في المنطقة، فقبل أيام سلمت شرطة الاحتلال المواطن فتحي دراغمة مخالفة بحجة اجتياز أبقاره الشارع باتجاه عين الحلوة.

يرى مواطنون من عين الحلوة أن الاحتلال يهدف من خلال هذه الممارسات إلى منع أي تواجد فلسطيني لإخلاء المنطقة بالكامل للمستوطنين.

خلال شهر تموز المنصرم، أعلنت سلطات الاحتلال الاستيلاء على 1600 دونم من أراضي الأغوار لصالح المحميات الطبيعية، وهو تصنيف يستخدمه الاحتلال بكثرة مؤخرا لتسهيل الاستيلاء على أراض فلسطينية وتسهيل منحها للمستوطنين لاحقا، وتقع ضمن هذه المساحة أراض رعوية في عين الحلوة وأم الجمال والفارسية، ومنذ ذلك الوقت أصبح المستوطنون يتواجدون باستمرار في محيط نبع عين الحلوة ويكثفون جهودهم للاستيلاء الكامل عليه.

وقال الناشط الحقوقي عارف دراغمة: “رغم أن حرب الاحتلال على المياه ومحاولة حرمان السكان منها ليس أمرا جديدا إلا أنه كثف خلال الثلاث سنوات الأخيرة من اعتداءاته في هذا المجال، من خلال الاستيلاء على الصهاريج والخطوط التي توصل المياه إلى الأراضي الزراعية، ومنع ترميم آبار تجميع المياه، وتقليص كمية المياه التي تعطى لقرى الأغوار عبر شركة “ميكروت” التي تتحكم بمصادر المياه في الأغوار، ويضاف لذلك محاولة السيطرة على كافة منابع المياه التي بقيت متاحة للمواطنين مثل نبع عين الحلوة”.

وأضاف أن الأغوار الشمالية كانت تضم 26 نبع مياه، بقي يعمل منها حتى الآن 13، وباقي الينابيع إما وضع الاحتلال يده عليها أو جفت بسبب الآبار الجوفية العميقة التي تحفرها شركة “ميكروت” الإسرائيلية.

ونبع عين الحلوة نبع فلسطيني قديم جدا تابع لخربة عين الحلوة، وهو يشهد مطامع استيطانية متكررة، فخلال العامين الماضيين كان المستوطنون يقتحمونه باستمرار، بينما في هذا العام بدأت الخطوات الفعلية للاستيلاء عليه، كما قال دراغمة، وقاد مجلس المستوطنات في الأغوار حملة للسيطرة على كافة مصادر المياه، والبداية كانت بتسييج نبع عين الساكوت، وبعدها الاستيلاء على نبع عين الحلوة، بهدف توفير مياه قريبة لمستوطنة “مسكيوت” وحرمان الفلسطينيين منها.

وأشار دراغمة إلى أن نبع عين الحلوة يعتبر مصدر المياه الرئيس لـ30 عائلة تسكن حوله، وتعتمد بشكل أساسي عليه لتوفير الاحتياجات اليومية، عدا عن كون النبع مصدر السقي الأساسي لحوالي ألف رأس من الأبقار و5 آلاف رأس من الأغنام، كما تقصده عائلات من تجمعات أخرى بالأغوار الشمالية.

بعد كل ذلك، تجد العائلات في المنطقة صعوبة كبيرة بتدبر أمور حياتها اليومية، لأن عين الحلوة من الينابيع القليلة جدا التي بقيت متاحة للفلسطينيين لاستخدامها بعد جفاف غالبية الينابيع والآبار بسبب سيطرة الاحتلال عبر شركة “ميكروت” على مصادر المياه الجوفية وسحبها، كما أن نبعها يعتبر الأكثر تدفقا بين الينابيع المتبقية، ما يعني أن الاستيلاء عليه سيهدد بتعطيش هذه العائلات وفقدانها الثروة الحيوانية وهي مصدر رزقها الوحيد.

منذ احتلال الأغوار عام 1967 تتخذ الحرب على مصادر المياه الفلسطينية فيها منحى تصاعديا، وتتكامل اعتداءات المستوطنين على هذه المصادر مع اعتداءات سلطات الاحتلال للاستيلاء الكامل عليها.

حسب مركز عبد الله الحوراني للدراسات التابع لمنظمة التحرير، “تعتبر منطقة الأغوار الشمالية ضمن الحوض المائي الشرقي الأكبر في فلسطين، ورغم ذلك تسيطر إسرائيل على 85% من مياه الأغوار الشمالية فيما يتحكم الفلسطينيون بـ 15% المتبقية، وتشير الأرقام أن معدل استهلاك المستوطن القاطن في الأغوار الشمالية يبلغ 8 أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني”.

ولا تسمح سلطات الاحتلال، وفقا للمركز، “بإعطاء تراخيص لحفر آبار مياه للفلسطينيين مهما كان عمقها، بينما تقوم شركة “ميكروت”، موزع المياه الإسرائيلي في الضفة الغربية، بحفر الآبار التي يصل بعضها إلى عمق 100 متر بغية تزويد المستوطنات والمزارع التابعة لها بالمياه طوال العام”.

كل هذه الإجراءات تساهم في تعطيش المواطن الفلسطيني لدفعه للرحيل عن منطقة الأغوار التي يحصل المواطن فيها على حصص ضئيلة جدا من المياه لا تكفي لاحتياجاته اليومية، وتوصي منظمة الصحة العالمية بـ 110 لترات من المياه كحد أدنى للفرد الواحد في اليوم لاستخدامها لأغراض الشرب والاستحمام وغيرها من الحاجات، بينما يرى مختصون أن المواطن في الأغوار بالكاد يحصل على 25 لتر مياه يوميا، فيما يحصل المستوطن على كمية تصل إلى 400 لتر في اليوم.

ـــــــ

الاخبار العاجلة