الحرم الإبراهيمي في مواجهة التهويد

13 أغسطس 2021آخر تحديث :
الحرم الإبراهيمي في مواجهة التهويد

جويد التميمي

يواصل الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مخططاته لتهويد الحرم الإبراهيمي الشريف، فالاعتداءات والممارسات العنصرية والانتهاكات اليومية من قبل المستوطنين المدججين بالسلاح لا تتوقف، وبزعم توفير الحماية للمستوطنين المدججين بالسلاح، تغلق سلطات الاحتلال منذ عقود ساحات ومتنزه الحرم الابراهيمي، وتفرض على الفلسطينين اثناء ذهابهم لأداء شعائرهم الدينية في الحرم من خلال حواجزها العسكرية، قوانين عنصرية، محرمة دوليا.

ولم تكتف سلطات الاحتلال بقتل عشرات الفلسطينين، وجرح واعتقال المئات، على حواجزها، وبواباتها الالكترونية، والدولابية الحديدية، التي نصبتها على بوابات الحرم وفي داخله وعلى مداخل البلدة القديمة وسط مدينة الخليل، بل تعدت ذلك الى ممارسة غطرستها لتغيير معالم الحرم التاريخية والحضارية، عبر شق طريق وتنفيذ عمليات حفر بآلياتها الثقيلة بمحاذات الحرم وفي ساحاته الغربية، وشروعها بإقامة مصعد خارجي يستولي على مساحات جديدة من أرض الوقف الإسلامي، ما شكل مسا خطيرا بمعالم الحرم واعتداء على حرية العبادة فيه باعتباره مسجدا خاصا بالمسلمين فقط ولا يحق لغيرهم منازعتهم عليه.

وفي اطار الصلاحيات العامة فحق إدارة الحرم والاعتناء بساحاته وكافة ممتلكاته، يعود لوزارة الاوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية وبلدية الخليل ولجنة اعمارها، لكن سلطات الاحتلال أصدرت في شهر آب عام 2020، قرارا يقضي ببناء مصعد للمستوطنين في الحرم الابراهيمي، بذريعة استغلاله للحالات الإنسانية، في محاولة لإضفاء الطابع الإنساني على هذا القرار الاستيطاني البحت، وإظهاره على أنه يعالج قضية إنسانية لخداع العالم وصرف الأنظار عن الجوهر القرار وحقيقته، وانه يمس بتاريخ الحرم العريق.

من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة حقوق الانسان والمجتمع المدني أحمد التميمي لـ”وفا”، “يتبادل الاحتلال ومستوطنوه الادوار في تهويد الحرم وكل ما هو فلسطيني، المجزرة البشعة التي ارتكبها احد مستوطنيهم وهو “طبيب اطفال”، كانت بهدف تقسيم الحرم والسيطرة عليه وعلى الخليل القديمة، عوقبت الضحية وحاز الجلاد على هدية بمنحه اجزاء من الحرم الابراهيمي، حيث قسم الاحتلال المسجد زمانيا ومكانيا بين الفلسطينيين والمستوطنين، وهذا على مرآى ومسمع العالم الذي لم يحرك ساكنا، وشروع الاحتلال هذه الايام بتنفيذ حفريات في محيط الحرم بزعم شق طريق وإنشاء مصعد إنساني، هو قرار استيطاني كما سابقه من قرارات، هدفه تغيير ملامح الحرم التاريخية والحضارية، والاستيلاء على ساحاته ومرافقه، وكل ذلك يصب في اطار تهويده”.

وأشار التميمي إلى “أن سلطات الاحتلال تنتهك كل القوانين والأعراف والاتفاقات الدولية تجاه الحرم الابراهيمي، والبلدة القديمة في الخليل، من منع رفع الأذان فيه، ومنع وصول الفلسطينيين إليه والصلاة فيه في أغلب الأيام، وتفتحه للمستوطنين الذين يدنسونه ويواصلون أعمالهم العدائية ضد الفلسطينيين فيه، وفي محيطه بشكل يومي، ضاربين بعرض الحائط كل القرارات الدولية في ظل صمت دولي صارخ، خاصة بعد إقدام سلطات الاحتلال على طرد بعثة المراقبة الدولية في الخليل بداية العام 2019، أمر اعتبرته ضوءا اخضر لتنفيذ مخططاتها الاستعمارية والتهويدية”.

كما دعا محافظ الخليل جبرين البكري، كافة أبناء المحافظة إلى النفير العام وتعزيز تواجدهم الدائم في الحرم الإبراهيمي الشريف ضد الهجمة المسعورة من قبل سلطات الاحتلال ومستوطنيه على المسجد، وخاصةً بعد شروع الاحتلال بتنفيذ حفريات لشق طريق وإقامة مصعد للمستوطنين وتغيير المعالم الإسلامية التاريخية للحرم.

أما مدير أوقاف الخليل جمال ابو عرام فأشار لـ”وفا”، أن الوزارة بالتشاور مع كافة الجهات الفلسطينية والهيئات الرسمية والاهلية اخذت قرارا يقضي بإغلاق كافة المساجد في مدينة الخليل يوم غد الجمعة، ليكون الزحف الجماهيري صوب الحرم للصلاة فية والذود عنه، موضحا ان الاحتلال لن يستطيع تهويد المسجد رغم محاولاته وتهديداته العنصرية التي يسعى من خلالها الى بسط سيطرة المستوطنين بشتى الوسائل عليه.

ودعا المواطنين من كافة ارجاء فلسطين الى الرباط والتواجد داخل الحرم لحمايته، مع تشديده على ضرورة التحرك الجاد داخليا ودوليا من اجل لجم ممارسات واعتداءات الاحتلال المتواصلة على الحرم.

وبين مدير الحرم، ورئيس سدنته الشيخ حفظي أبو سنينة لــ”وفا”، ان تنفيذ الاحتلال لمشروعه التهويدي على مساحة 300 متر مربع من ساحات المسجد الإبراهيمي ومرافقه، وتركيبه مصعد كهربائي، لتسهيل اقتحامات المستوطنين، بتكلفة 2 مليون شيقل تم تخصيصها من قبل حكومة الاحتلال لتمويله، اعتداء صارخ على حرمة المقدسات وتغيير واضح في معالم الحرم الشريف، وناشد العالم العربي والإسلامي خاصة الاستيقاظ من غفلته.

وطالب الأمم المتحدة بالوقوف أمام مسؤولياتها وتطبيق قرار منظمة “اليونسكو”، الذي صدر في تموز عام 2017 “باعتبار الحرم الابراهيمي الشريف موقعا تراثيا فلسطينيا، الأمر الذي يلزم الأطراف الدولية بالتصدي لكل الممارسات التهويدية التي تمارسها سلطات الاحتلال تجاهه، حتى بات يخضع بشكل كامل لسيطرتها وسيطرة مستوطنيها”.

ودعا رئيس بلدية الخليل تيسير ابو سنينة، الكل الفلسطيني، والمجتمع الدولي عامة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) التي اعتبرت الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة جزءا من التراث العالمي الإنساني المهدد بالخطر، الى التحرك فورا للدفاع عن قراراتها وحماية الحرم من هذا الاعتداء الصارخ على حرمته الدينية والتاريخية.

ونوه ان اسرائيل تضرب بحفرياتها واعتداءاتها كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تكفل عدم المساس بالإرث التاريخي والمقدسات الدينية من قِبل الدولة المحتلة بعرض الحائط، في ظل صمت دولي تجاه هذه الجريمة بحق التاريخ العربي والإسلامي والفلسطيني.

وبين ان المشروع الاستيطاني هدفه وضع يد الاحتلال على مرافق تاريخية قرب المسجد الإبراهيمي وسحب صلاحية البناء والتخطيط من بلدية الخليل ومنحها لإدارات الاحتلال المدنية التابعة للاحتلال.

وفي سياق المتابعات القانونية في محاكم الاحتلال، قال محامي لجنة إعمار الخليل توفيق جحشن لــ “وفا”، “أصدرت محكمة الاحتلال بتاريخ 12-5-2020 أمرين عسكرين بهدف شق طريق ملتوٍ يصل الى الحرم الابراهيمي عبر ساحاته الخارجية، والمصادقة على رخصة بناء مصعد للحرم، وبتاريخ 8/7/2020 قدّمنا اعتراضا للمستشار القانوني الإسرائيلي، وفي 19/7/2020 تم رفضه، ثم قدمنا اعتراضا آخر أمام اللجنة الفرعية للبناء في بيت ايل ضد المصادقة على رخصة بناء المصع، وبتاريخ 30/9/2020 صادق الاحتلال على رخصة البناء، وفي 28/10/2020 تقدمنا بإستئناف أمام اللجنة العليا ضد قرار اللجنة الفرعية بالمصادقة على الرخصة، ولكن اللجنة العليا صادقت على الرخصة”.

وأسهب، “بتاريخ 9/12/2020 قدمنا التماسا للمحكمة المركزية ضد قرار اللجنة العليا بالمصادقة على الرخصة وتم تجميد العمل حتى تاريخ 3/3/2021، وبعد ذلك قامت المحكمة المركزية برفض الالتماس، وبتاريخ 9/3/2021 تم تقديم استئناف آخر للمحكمة العليا ضد قرار المحكمة المركزية القاضي بالمصادقة على رخصة البناء، وحينها تقدمنا بطلب وقف رخصة البناء إلا انه وبتاريخ 20/4/2021م رفضت المحكمة العليا طلب التجميد، ولا زالت القضية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية”.

وقال جحشن إن رفض طلب التجميد أعطى مبررا للشروع في تنفيذ رخصة بناء المصعد والطريق. وأوضح أن الذي رفض أمر التجميد قاضٍ يقطن إحدى المستوطنات المقامة عنوة على أراضي المواطنين في الضفة الغربية، وانتقاما من الملتمسين قام بفرض غرامه على المستأنفين وهم بلدية الخليل ولجنة الإعمار ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية.

ونوّه إلى ان شروعهم بالتجريف بشكل همجي ومساسهم بقدسية الحرم وساحاته الخارجية لن يغير من حقيقة انه مسجد إسلامي خالص، ولا زال العمل جارٍ من أجل وقف هذا الاعتداء السافر على الحرم المحمي وفق القوانين الدولية وخاصة أنه مدرج على لائحة التراث العالمي.

ــ

الاخبار العاجلة