خلة مكحول.. اعتداءات المستوطنين تكدر حياة المواطنين

1 نوفمبر 2021آخر تحديث :
خلة مكحول.. اعتداءات المستوطنين تكدر حياة المواطنين

إسراء غوراني على مدار الأسبوعين الماضيين لم تنعم عائلة المواطن يوسف بشارات من خلة مكحول بالأغوار الشمالية بالراحة أو الهدوء، بسبب ملاحقات المستوطنين المتكررة واعتداءاتهم التي كدرت صفو حياة العائلة بأكملها.

أمس كان الطفل حسين يوسف بشارات ذو الـ14 عاما يحل مكان والده في رعي المواشي برفقة عدة رعاة، بينما كان والده منشغلا بالسعي في احتياجات أخرى للعائلة، في ذلك الوقت هاجم مستوطنون الرعاة ولاحقوقهم وطردوهم من المراعي، وخلال ذلك اعتدى مستوطن بالضرب على الطفل حسين.

قبل أسبوعين فقط عايش الطفل حسين وعائلته بأكملها حالة من الخوف والقلق بعد ملاحقة المستوطنين له أثناء عودته من المراعي حتى وصوله خيمة عائلته، وفي ذلك اليوم كابدت العائلة أوقاتا عصيبة عند اعتقال شرطة الاحتلال لوالدته بعد شكوى من المستوطنين الذين لاحقوه، واحتجازها حوالي تسع ساعات في مركز شرطة الاحتلال.

يوضح يوسف بشارات في حديث له أنه لم يعد يأمن على ابنه حسين الذي يعتبره يده اليمنى في كافة أعماله، وهو في كثير من الأحيان يحل مكانه في رعي الماشية أثناء انشغاله بأعمال أخرى، فأصبح يخاف من إرساله إلى المراعي خشية تعرضه للأذى.

هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الطفل حسين للملاحقة، كما يشير والده، حيث تعرض للملاحقة عدة مرات، لكن أخطرها كان قبل عام عندما تعرض للضرب المبرح من قبل أربعة مستوطنين.

يقول بشارات، وهو أب لتسعة أطفال، إن ملاحقات المستوطنين واعتداءاتهم المستمرة على الرعاة والمنازل في خلة مكحول أثرت بشكل كبير على أطفاله، مشيرا إلى حالة انعدام الاستقرار والخوف التي يعانون منها، فباتوا يواجهون صعوبة النوم ليلا بسبب ما يتعرضون له من قلق وخوف.

قبل العام 2013 كانت 13 عائلة تسكن خلة مكحول أو خربة مكحول، وكانت تمتلك ما يزيد عن خمسة آلاف رأس من الماشية، لكن الخربة في ذات العام تعرضت لعملية هدم كبيرة من قبل سلطات الاحتلال طالت كافة منشآتها.

لم يبق في خلة مكحول اليوم سوى أربع عائلات، تمتلك ألف رأس من الماشية، ولم تعد هذه العائلات تجد سبيلا لإطعام مواشيها التي تعد مصدر رزقها الوحيد، وذلك بسبب تضييق المراعي من قبل سلطات الاحتلال، ففي السابق كانت مساحة المراعي المتاحة في محيط خلة مكحول تقارب خمسة آلاف دونم، لكنهم اليوم بالكاد يستطيعون التحرك بمساحة محدودة جدا وفيها يلاحقهم المستوطنون من المستوطنات والبؤر الاستيطانية القريبة يوميا وينفذون اعتداءات عليهم، في سبيل ترحيلهم وإخلاء المنطقة لتوسيع الاستيطان.

وفقا لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) فإن “تأثير البؤر الاستيطانية يتجاوز بكثير مساحة البناء فيها: المستوطنون هناك يبذلون جهودًا كبيرة في منع وصول الرّعاة الفلسطينيين إلى أراضيهم. لأجل ذلك يخرج أولئك في دوريّات ترهيب”.

ووثّقت “بتسيلم” “دفع مستوطنين قطعان الأغنام لأجل تشتيتها ودهس المواشي ورشقها بالحجارة والاعتداء جسديًّا على الرّعاة أنفسهم وتهديدهم، وحين ينجحون في إبعاد الرّعاة الفلسطينيين عن المراعي الفلسطينيّة يأخذون في جلب قطعان الأغنام والبقر خاصّتهم لترعى هناك. بذلك هم يستغلّون المراعي لاحتياجاتهم ويمسّون بقدرة القطعان الفلسطينية على الرّعي”.

وتضيف “بتسيلم” أن “هذه البؤر جزءٌ لا يتجزّأ من سياسة تتّبعها إسرائيل في الأغوار منذ العام 1967 مستخدمة العديد من الوسائل بهدف تقليص الوجود الفلسطيني وتعميق السيطرة الإسرائيلية عليها. وبذلك تمنع إسرائيل الفلسطينيين من استخدام نحو 85% من مساحة الأغوار وشمال البحر الميت وتستغلّ هذه المساحة لاحتياجاتها هي”.

بدوره، يوضح رئيس مجلس قروي المالح والمضارب البدوية مهدي دراغمة أن الأطفال في مناطق الأغوار والمضارب البدوية من أكثر الفئات تأثرا بانتهاكات الاحتلال ومستوطنيه، ونتيجة لهذه الانتهاكات لا يعيشون حياتهم اليومية بشكل آمن، فهم في حالة توتر وقلق دائم.

وأضاف أن الأطفال يعايشون لحظات قاسية وصعبة بصورة متكررة جراء التدريبات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال عدة مرات سنويا في مناطق عدة من الأغوار، وما ينجم عنها من حالة فزع وخوف جراء أصوات إطلاق القذائف ليلا ونهارا، فضلا عن معاناتهم نتيجة طردهم من مساكنهم لإجراء التدريبات، وما يتبع ذلك من مخاطر عليهم من مخلفات هذه التدريبات.

كما أن الأطفال في الأغوار يعانون مخاوف وصعوبات كبيرة خلال عمليات هدم مساكن عائلاتهم وتشريدهم في العراء، حيث إن عمليات مداهمة خيام المواطنين وتفتيشها تحدث بكثرة في مناطق مختلفة من الأغوار، وفي غالب الأحيان يحدث ذلك ليلا خلال نوم الأطفال ما يؤدي لاستيقاظهم مذعورين، وفقا لدراغمة.

وتابع أن انتهاكات المستوطنين واعتداءاتهم تشكل خطورة كبيرة على الأطفال، فالمستوطنون ينفذون اعتداءات شبه يومية يتعرض خلالها الأطفال كباقي أفراد أسرهم لمخاطر، ففي كثير من الأحيان يدخل المستوطنون بدراجاتهم النارية بين مساكن المواطنين بطريقة استفزازية وهو ما يعرضهم للخطر، كما أنهم يلاحقون الرعاة ويتهجمون عليهم في كثير من الأحيان أثناء تواجدهم في المراعي، وعادة يكون الأطفال برفقة ذويهم هناك فيتعرضون للخطر.

الاخبار العاجلة