الطريق إلى النبع المسلوب

13 ديسمبر 2021آخر تحديث :
الطريق إلى النبع المسلوب

الحارث الحصني

طيلة عامين، كان ردّاد دراغمة أحد سكان “خلة خضر”، ينتفع بشكل مباشر من العين المسماة على اسم المنطقة بالأغوار الشمالية، عن طريق مياهها في تربية أسماك الزينة داخل أحواض بلاستيكية، وري بعض أشجار الفاكهة.

لكن بشكل غير متوقع، بدأت أعمال بناء للنبع، قام بها مستوطنون من مستوطنة “ميخولا” أول مستوطنة أقامها الاحتلال في الأغوار الشمالية، وهو ما يثير تخوفات كبيرة من استيلاء المستوطنين على العين بشكل كامل، لا سيما أن مستوطنين استولوا مطلع العام الحالي بالطريقة ذاتها على نبع عين الحلوة بالأغوار الشمالية.

وهذا النبع، واحد من عشرات الينابيع المنتشرة في الأغوار الشمالية والتي جفت بشكل كامل أو شبه كامل، وهو واحد من عدد قليل جدا ما زال الماء يتدفق منه بشكل مقبول.

على مدار عقود من الزمن، كان أصحاب الماشية يستفيدون من مياه الينابيع في الأغوار الشمالية لري مواشيهم أثناء رعيها، لكن منذ أكثر من عام، بدأت حركة نشطة للمستوطنين قرب تلك الينابيع سيما التي لا زالت فيها روح.

يقول رداد: “حضر خمسة مستوطنين ليلا إلى النبع وبدأوا العمل فيها”.

وليست هذه الطريقة جديدة في الأغوار، فقبل عام تقريبا بدأ مستوطنو “مسكيوت” المقامة فوق جبل مطل على نبع عين الحلوة، العمل في البناء عند النبع ليلا، وهو ما يتكرر في خلة خضر.

“أحضروا جرافة وحفروا حفرة بعمق 3 أمتار تقريبا، ثم عادوا في الصباح وبنوها”، قال رداد.

أوردت سلطة المياه على موقعها الالكتروني: “تتدفق الينابيع في مناطق عدة بالأغوار الشمالية، ويقدر عدد الينابيع الرئيسية بحوالي 22 ينبوعاً، تتغذى مياهها من الطبقات المائية الجبلية، فيما يقدر المعدل العام للتدفق السنوي لهذه الينابيع بحوالي 44 مليون متر مكعب/السنة، وتستغل مياه هذه الينابيع في أغراض الزراعة والشرب.

مواطنون ممن سكنوا الأغوار الشمالية، وامتهنوا رعي الماشية قالوا لـمراسل “وفا”، إن هذه الينابيع كانت وافرة التدفق، وكانوا يسقون مواشيهم منها، لكن بسبب إجراءات الاحتلال فقد جف معظمها.

يقول الناشط الحقوقي عارف دراغمة: “يبدو أن المستوطنين يعلمون ماذا يصنعون.. هم يستولون على الينابيع بالأغوار الشمالية تباعا، فبعد عين الحلوة، الآن عين خلة خضر”.

وأضاف: “لقد أوشكوا على الانتهاء منها، الآن ربما يذهبون إلى عين الشق للاستيلاء عليها أيضا”.

تبين الأرقام أن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني للمياه في أراضي دولة فلسطين، بلغ نحو 72 لتراً في اليوم، (يقل كثيراً عن المستوى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية وهو 100 لتر للفرد يومياً).

وأضافت الأرقام أن الفلسطينيين يعيشون في بعض التجمعات القروية على أقل كثيراً من 72 لتراً للفرد في اليوم، ولا يكاد يزيد في بعض الحالات عن 20 لترًا يومياً، وهو الحد الأدنى للمقدار الذي توصي به منظمة الصحة العالمية للاستجابة لحالات الطوارئ.

عندما سكن رداد المنطقة حفر حفرة بعمق متر ونصف وعبأها من المياه المنسابة من النبع للأسماك وري الأشجار التي زرعها.

“أخبروني أنهم سيجعلونها منتزها لأطفالهم”، يقول رداد.

بالعادة، بعد انتهاء المستوطنين من أعمال البناء عند نبع ماء ما، فإن وصول الفلسطينيين إلى ذلك النبع يصبح تحت وطأة الخطر من اعتداء المستوطنين عليهم.

تتذبذب كميات مياه ينابيع الأغوار، من موسم إلى آخر، تبعًا لكميات الأمطار الساقطة على الطبقات الجبلية المغذية لها، وذلك اعتماداً على معدلات التغذية الواصلة إلى الحوض الجوفي المتجدد، حيث لوحظ تأثر عدد كبير من هذه الينابيع بالجفاف الذي يصيب المنطقة منذ أكثر من 5 سنوات، ما أدى إلى انخفاض مقدار التدفق السنوي للعديد منها بشكل دراماتيكي، وجفاف البعض الآخر تمامًا.

ويختم رداد بالقول: “ينتظرون خروجي من المنطقة للاستيلاء على النبع، إنهم يسابقون الوقت لسلب هذا النبع الذي أستفيد منه بشكل مباشر”، قال الشاب.

الاخبار العاجلة