جميلان ورصاصة الموت

13 ديسمبر 2021آخر تحديث :
جميلان ورصاصة الموت

زهران معالي

لم تمض سوى 60 ساعة على رصاص الموت الذي سلب جميل بيتا روحه على قمة جبل صبيح، حتى خطف ذات الرصاص جميل نابلس حياته، وبين الجميلين رصاصة قناص احتلالي استقرت في الرأس، خطفت شابين بعمر الورد بدم بارد.

لم يكن يعلم الشاب جميل محمد كيال (31 عاما)، بأن خروجه من منزله الليلة الماضية في حي رأس العين، سيكون الخروج الأخير بلا عودة، وأن اللهو مع فلذة كبده وأولى فرحته من الأطفال “وفاء” ستكون الأخيرة، قبل أن يتمكن رصاص قناص الاحتلال منه.

يروي شاهد العيان ثائر الأغبر تفاصيل إعدام قوات الاحتلال لكيال، بأن جيش الاحتلال كان يجري عملية اعتقال لشاب في الشارع المقابل، وأن كيال كان يقف برفقة مجموعة من الشبان يراقب عملية الاقتحام، لكن أحد القناصة أطلق عدة رصاصات على مكان تواجد جميل ولم يصب في المرة الأولى.

ويتابع أن كيال عاد لذات المنطقة التي نجا منها، فباغته القناص بثلاث رصاصات فسقط مغشيا بدمه على الأرض، حيث استقرت رصاصة في رأسه، وحاول الشبان المتواجدون إسعافه ونقله بمركبة خاصة إلى مستشفى نابلس التخصصي، حيث أعلن عن استشهاده.

أمام ثلاجة الموتى في مستشفى رفيديا الحكومي حيث نقل جثمان كيال، كانت وفاء ابنة العام ونصف العام بحضن جدتها بين جموع غاضبة، لا تعلم ما يجري حولها، لكنها ستكبر يوما حالها كحال عشرات آلاف الفلسطينيين الذين كتب عليهم اليتم بعمر الطفولة، بعد أن دفع آباؤهم أعمارهم ثمنا للدفاع عن الوطن.

أصدقاء الشهيد كيال الذين نثروا الورود على دمائه مكان استشهاده والعلم الفلسطيني، تحدثوا بغصة عن صديقهم الذي اجتمعت فيه أيقونات النضال الفلسطيني، أسير فجريح فشهيد، فلم يغب عن ساحات المواجهة في كل عملية اقتحام للاحتلال لمدينة نابلس، وفق قولهم.

والشهيد كيال ابن البلدة القديمة يصفه أصدقاؤه بأنه محبوب من الجميع ويملك علاقات واسعة، واجتماعي “صاحب صاحبه”، يلبي نداء العمل التطوعي دائما وآخرها خلال جائحة كورونا، ونداءات التضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال.

وشيعت جماهير محافظة نابلس، اليوم الاثنين، جثمان الشهيد كيال في مراسم عسكرية مهيبة، حيث انطلق موكب التشييع من أمام مستشفى رفيديا في مدينة نابلس، بمشاركة محافظ نابلس إبراهيم رمضان وممثلين عن الفعاليات الوطنية والرسمية، التي استنكرت جريمة إعدام كيال بدم بارد، وصولا إلى ميدان الشهداء حيث أدوا المشاركون الصلاة على الجنازة، قبل أن يلقى نظرة الوداع الأخيرة بمنزل عائلته في البلدة القديمة، ويوارى الثرى في المقبرة الشرقية.

ويبدو إطلاق الرصاص الحي في مناطق قاتلة سياسة ممنهجة تتبعها قناصي جيش الاحتلال، فيوم الجمعة الماضية، خطف رصاص قناص بثلاث رصاصات الشاب جميل أبو عياش (31 عاما) على قمة جبل صبيح التابع لأراضي بيتا جنوب نابلس.

والشهيد أبو عياش هو الرابع بين إخوته، متزوج منذ خمس سنوات، ولم يرزقه الله بأولاد ويعمل نجارا.

محافظ نابلس إبراهيم رمضان تحدث قبيل تشييع جنازة كيال، بأن “جريمة إعدام كيال تأتي ضمن استمرار الاحتلال بمسلسل استهداف الشباب الفلسطيني، مؤكدا أنه لن يذهب الدم الفلسطيني هدرا، وسيكون هناك غضب وراء غضب، حتى تحقيق هدفنا المشروع بالتحرير”.

وأكد رمضان على حالة التلاحم الوطني في مواجهة كل المخططات التي ينتهجها الاحتلال، وإلى المشاركة الفاعلة في المقاومة الشعبية الصامدة ضد المخططات الاستيطانية والاحتلال.

وشهدت مدينة نابلس إضرابا شاملا، ونعت حركة فتح الشهيد كيال وتقدمت من ذويه وأهله بالتعزية والمواساة، ودعت لأوسع مشاركة في تشييع جنازته، كما دعت إلى توسيع دائرة الاشتباك مع الاحتلال في كل نقاط التماس.

الاخبار العاجلة