المواجهة بالنار

17 يناير 2022آخر تحديث :
المواجهة بالنار

بسام أبو الرب

أعادت قضية عائلة محمود صالحية بحي الشيخ جراح في القدس المحتلة، التي تهدد بإشعال النيران به في حال أقدم الاحتلال على إخلائه، الذاكرة إلى ما اتخذه الفلسطينيون شكلا من أشكال المقاومة والتصدي للحملة الفرنسية على فلسطين بقيادة نابليون بونابرت.

أواخر القرن الثامن عشر هبت جماهير نابلس إلى الجبال وأشعلت النار فيها، الأمر الذي شكل حزاما من النار حول نابلس؛ تراجع وهرب على أثرها جيش نابليون، ليطلق عليها تسمية “جبل النار” فيما بعد.

لم يكن السبيل أمام صالحية للنجاة بإرث العائلة سوى حلقة النار حول منزله الذي حاصرته قوات الاحتلال صباح اليوم تمهيدا للاستيلاء عليه؛ عقب صدور قرار قبل سنتين بالاستيلاء على الأرض بحجة إقامة منافع عامة وبدعوى إنشاء مدارس عليها.

فوق سطح منزله وقف المواطن صالحية ونشر عددا من اسطوانات الغاز وسكب مادة البنزين في محيطه، مهددا بإحراق المنزل كاملا على من فيه، في حال اقدمت قوات الاحتلال على اقتحامه والاستيلاء عليه.

واقفا على سطح منزله وحاملا جالون بنزين بيده، تحدث صالحية بمرارة: “إذا طلعنا من هون بس على المقبرة، ما رح نطلع من بيوتنا خلينا نموت فيها(..)، بكفي ذل تشردنا مرة من عين كارم وما رح نتشرد مرة أخرى”، إذا أخذوا بيوتنا ما بوخذوها إلا نار”.

شبح التهجير في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة الذي تقاومه عائلة صالحية، يهدد أيضا أكثر 500 مقدسي، يقطنون في 28 منزلا شيدت في العام 1956، باتفاق مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وعقدت اتفاقيات فردية مع الأهالي لإقامة مساكن لهم في الحي، وتعهدت بموجب الاتفاقيات أن يتم تفويض ملكية الوحدات السكنية وتسجيلها بأسمائهم.

ويؤكد صالحية في تصريحات صحفية، أن الأرض المنوي الاستيلاء عليها من قبل سلطات الاحتلال، تبلغ مساحتها ستة دونمات اشتراها والده عام 1967، وبنى عليها المنزلين، والتي تقع بالقرب من أرض كرم المفتي التي جرى مصادرتها لإقامة “حديقة توراتية” تخدم المستوطنين.

ويقع منزل عائلة صالحية على بعد أمتار عن فندق “شبرد” الذي بنى على أنقاضه 28 وحدة استيطانية بعد هدمه في العام 2011، ويجرى العمل على زيادة عدد الوحدات الاستيطانية، وتحويل أرض قصر المفتي إلى كنيس بناء على مخطط للجمعية الاستيطانية “عطيرت كوهنيم”، وتحويل باقي الدونمات إلى حديقة عامة ومدارس.

ويعتبر استخدام النيران، أحد أساليب المقاومة التي ابتدعها الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال والاستعمار لأراضيهم ولإرباك جنوده في مواقع التماس.

ويقول مدير مكتب هيئة الجدار والاستيطان في الشمال، مسؤول المقاومة الشعبية في قرية كفر قدوم، مراد اشتيوي لـ”وفا”، “إن التهديد بإشعال النار هو جزء من استراتيجية المقاومة التي اتبعها الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال لأراضي فلسطين بمختلف الحقب”.

ويضيف “أن الهدف من إشعال النار؛ لأغراض منع جنود الاحتلال من التقدم باتجاه منازل المواطنين خاصة في نقاط التماس، أو من خلال إشعال الاطارات المطاطية كجزء من اشكال الاحتجاج والمقاومة للحد من تقدم الجنود والآليات اثناء اقتحام القرى الفلسطينية”.

يشار إلى أن وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، حملت الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بينت المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة النكراء، وعن حياة ثلاث أسر فلسطينية تعيش في المنزل المستهدف بالإخلاء، ومسؤولية نتائج وتداعيات هذه الجريمة البشعة، واستخفافها واستهتارها بالإجماع الدولي على إدانة ورفض إخلاء المنازل المستهدفة في حي الشيخ جراح.

الاخبار العاجلة