مأزق إسرائيل في القدس

24 مايو 2022آخر تحديث :
مأزق إسرائيل
صدى الإعلام/ باسم برهوم- مأزق إسرائيل في القدس
اعتقد كثيرون بعد اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في نهاية عام 2017، أن معركة القدس قد حسمت لصالح إسرائيل، وانها كقضية لم تعد مطروحة للنقاش والمفاوضات، ولكن، وبعد مضي خمس سنوات، اثبت الشعب الفلسطيني انه مستعد لخوض مواجهة مع إسرائيل على كل حجر، وانه قادر على الصمود وصد المحاولات الإسرائيلية بكفاءة ويجد تعاطفا دوليا معه. مأزق إسرائيل بدا اكثر وضوحا اثناء جنازة الشهيدة شيرين ابو عاقلة، عندما شاهد العالم انه لا يمكن تجاوز الحقيقة الفلسطينية، حقيقة ان هوية القدس لا يمكن طمسها بسهولة، لأنها هوية ملموسة في الواقع وليست مجرد دعاء.
مأزق إسرائيل في القدس متعدد الأوجه، فإذا بدأنا من الراهن، فإن من يقود المحاولات الإسرائيلية في القدس، هم مجموعات أصولية يهودية متطرفة، تتصرف بعنصرية حمقاء، ما أدى إلى تصليب الموقف الفلسطيني على الارض من جهة، والاضرار بصورة إسرائيل امام الرأي العام العالمي. فجاءت نتيجة الجولات في السنوات القليلة الماضية ان الشعب الفلسطيني قد نجح بتسجيل نقاط مهمة لصالحه في الشيخ جراح، وفي الأقصى، وفي باقي مواقع المواجهة ما ضاعف من ثقته بنفسه وقاد الى زخم ومشاركة شعبية اوسع في المواجهة.
وإذا حللنا المأزق الاسرائيلي في القدس من زاوية الدافعية الداخلية، وبرغم كل النفخ الايديولوجي، فإن اوساط إسرائيلية واسعة باتت على يقين انه لا يمكن كسب المعركة في القدس بالقوة، ولم يروا وبعد 55 سنة من الاحتلال، وبعد خمس سنوات من إعلان ترامب، ان إسرائيل قادرة على طمس هوية او الغاء حقيقة ان هناك قدسا شرقية وأخرى غربية وان الشرقية لا تزال عربية رغم كل ما فعلوه. هذا الشعور المتزايد، خاصة في اوساط القوى الليبرالية التي تعيش في تل أبيب والساحل، يظهر للعالم ان المتشددين اليهود هم وحدهم التي تعني لهم القدس، وبالتالي هم عقبة اكثر من كونهم حلا.
صحيح ان ترامب بإعلانه نقل السفارة الأميركية واعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، كان صهيونيا ومندفعا اكثر من الصهيونيين انفسهم، وصحيح ان اليمين الإسرائيلي قد اعتقد انه ربح المعركة، الا ان كل ذلك لم يلق دعما من الغالبية الساحقة في العالم، وفي الممارسة فشلت إسرائيل في تجاوز عقبات منصوص عليها بوعد بلفور ذاته، حيث لا يزال واضعو المشروع القديم متمسكين بعدم المس بالحقوق الدينية للطوائف الاخرى في فلسطين وفي مقدمتها في القدس، اضافة الى القيود التي وضعتها اتفاقيات السلام مع الاردن التي تنص بوضوح على الوصاية الهاشمية على الاماكن المقدسة المسيحية والإسلامية في القدس، وهو الواقع الذي يرفض العالم تغييره أو المس به.
أما المأزق الاهم، الذي لا يقتصر على القدس فقط، فشل المشروع الصهيوني بتحويل الشعب الفلسطيني الى اقلية في وطنه، فاليوم يتساوى عدد اليهود بالفلسطينيين من النهر للبحر، وربما يزيد عدد الفلسطينيين قليلا. بمعنى أن إسرائيل فشلت بعد 74 سنة من النكبة و55 سنة من الاحتلال، وبعد 105 سنوات من وعد بلفور في الغاء الحقيقة الفلسطينية، وفي القدس كان فشلها مركبا، وهي اليوم ابعد ما تكون عن طمس الهوية الفلسطينية والعربية للقدس وان المطلوب هو  مزيد من الصمود وكثير من الوحدة والتلاحم في المواجهة الميدانية…ولن تنجح إسرائيل في تقرير مصير القدس من جانب واحد. لقد سقط هذا الرهان الإسرائيلي رغم أنف ترامب.
الاخبار العاجلة